تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(وعلى سبيل المثال نقول: (لمجرد المثال فقط، فنرجو المعذرة!) إن

إنكار إمامة الشيخين، وهو مذهب يراه كثير من الشيعة (وليس جميعهم! ولاحظ

تنكير كلمة) مذهب (أيضاً) ليس كفراً، (الحمد لله) وإن كان خروجاً على الإجماع)

[ص107] (يعني ماذا إذا كان خروجاً على الإجماع؟!) ولنكن على ذكر من هذا

الاعتذار الناعم حينما نناقش معه نزوله بساحة ابن تيمية وثورته وفورته وانتفاخ

أوداجه هناك على شيء لم يخرق ابن تيمية الإجماع فيه قطعاً، ولكن ناقش دعوى

الإجماع على قضية فهم منها أعداؤه - وأخيرهم البوطي - أنه يقول بهذا الرأي

الذي ناقش دعوى الإجماع عليه، مع أنه لا يناقض نفسه - رحمه الله -.

ويقول في عبارة أخرى ملتوية:

(ومن ذلك ما يجزم به بعض الناس (!!)، من أن في أئمة أهل البيت

مَن قد وصلوا إلى منزلة لم يبلغها ملَك مقرب ولا نبي مرسل! وممن يجزم بذلك

ويقرره في منشوراته، الإمام الخميني).

لاحظ الالتواء في عبارة: (بعض الناس)، ولاحظ ما في هذه العبارة: (من

أن في أئمة أهل البيت من قد وصلوا ... ) وكأنه لا يدري أن القول بعصمة الأئمة

الاثني عشر من أصولهم! وليس هذا فحسب، بل إنه سأل بعض علماء الشيعة

الإيرانيين عن كيفية اتفاق هذا الكلام مع أصول الإسلام وكلياته الأساسية فقال: إنها

غلطة من المترجم! فتعجب هو من (أن الكتاب طُبع منذ ذلك الحين مرات متعددة،

وغلطة المترجم لا تزال باقية!) [حاشية، ص112 من كتابه].

ونحن أيضا نعجب، لكن لا من غلطة المترجم هذه ولكن من تعجبه وعدم

معرفته وتجاهله أن التَّقِيَّة من أصول القوم!

لكن مع هذا يبقى عندنا شك من إثارته هذا الاعتراض على مَن ذكر من علماء

الشيعة، وذلك أنه من المؤكد أن الشيخ قد حضر مؤتمراً لهم في لندن في 18 من

ذي الحجة 1410هـ الموافق 11/ 7/1990م للاحتفال بيوم الغدير [1] وشاهد

وسمع على الطبيعة - كما يقولون - كيف يفكر القوم، وكيف يحتفلون، وسُبَّت

أمامه وعلى مرأى ومسمع منه السنة وأهل السنة الذين ينتسب إليهم سباً مقذعاً،

ولكن لم يبلغنا أنه أنكر على دهاقينهم ذلك المنكر لا بقليل ولا بكثير من إنكاره الذي

ينكره على من يشاركونه عدم اعتبار الإمامة والعصمة والرجعة من أصول الدين،

بَلْهَ مشاركتهم له في أشياء أخرى! [2]

مشكلة المناخل!!

ولنختم هذه التهاويل بواحدة تعيدنا إلى حيث بدأنا إلى [ص46] من كتابه،

وهي مشكلة المناخل! ونحب أن تكون مُلْحة الوداع ومسك الختام، ولسنا - والله -

ندري مِمَّ نضحك أكثر؟ من هذه المشكلة التي ألقت بظلها الكئيب على الصحابة

الكرام وعصرهم؛ فكانت اختباراً لقوتهم وحكمتهم وصمودهم، وامتحاناً للمبادئ

التي تلقوها من محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم - ولكن الله سلَّم! ...

نقول: نضحك أكثر من مشكلة المناخل هذه أم من عرض الشيخ لها واحتفاله

بها بتعاظمه المعهود، وأسلوبه الطريف الذي يزاوج فيه بين الخبر والإنشاء بركانة

وزكانة؟ حيث يقول:

( ... لقد ظهرت المناخل فيهم فجأة، (فجأة، وقعت عليهم وقوع الصاعقة!)

وما كان لهم عهد بها من قبل، أين كانت مختبئة؟! بل من الذي اخترعها؟!)

قد يجيب الشيخ لم يكن هناك سجل لبراءات الاختراع حتى نعرف مخترع المناخل!

ثم لا زلنا نطلب مزيد تعريف بالمناخل هذه فيزيدنا الشيخ شكوراً: (وهي من

أدوات التنعم والترفه في المأكل، مما لم يكن يعرفه العرب ولا المسلمون من قبل).

(إن العرب عند الشيخ هم أكلة الضِّبَاب واليرابيع، وصورتهم عنده كصورتهم عند

الفرس عندما يتحدثون عنهم!) فما الذي ينبغي أن يتخذوه؟

أيتبعون في ذلك سنن الصحابة الذين من قبلهم، فيجتنبون استعمال المناخل

في نخل الدقيق، نظراً لأن ذلك بدعة مستحدثة وكل بدعة ضلالة (معاذ الله! هذا لا

يمكن!) أم يُجارون الزمن وتطوراته، (هذه أهون! لابد من مجاراة الزمن

وتطوراته!) وينظرون إلى المسألة على أنها من الأعراف المرسلة عن قيود

الاتباع وعدمه، ولا علاقة لها بشيء من الأحكام التعبدية التي قضى بها الإسلام؟.

وأيا كان الموقف المتخذ، فما هو الميزان أو البرهان المعتمد في ذلك؟.

حاشية تكميلية!

جواباً للقراء الذين لم يعرفوا الجواب الشافي على تساؤل الشيخ الثاني البادئ

بقوله: (أم يجارون الزمن .... ) نفيدهم أن الصحابة الكرام - بعد نقاش عاصف

أدى إلى ارتفاع اللهجة، وتكدير الخواطر، وأنذر بانفضاض مجلسهم على غير

اتفاق؛ مما كان سيكون له أشأم العواقب، وأقلها - لا سمح الله - شرخ (ونؤكد

على كلمة شرخ) في وحدة الكلمة، واجتماع الصف التي انتصروا بها على فارس

والروم ... نقول بعد تلك الحادثة التي كان سيكون لها ما بعدها جاروا الزمن

وأجمعوا على استعمال المناخل، عملاً بأخف الضررين! وهي قاعدة معتبرة في

الشريعة، ونخبرهم أنه ما كان لهم أن يصلوا إلى هذا الإجماع المبارك لولا المنهج

الذي صاروا إليه، وساروا عليه، والذي: رصده، ثم اكتشفه، ثم صاغه وقعَّده

الدكتور الشيخ، أو الشيخ الدكتور (البوطي) خلال العشر الأولى من القرن

الخامس عشر الهجري.

*يتبع *


(1) يوم الغدير: هو اليوم الذي يزعم الشيعة الاثنا عشرية أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد
أوصى لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه - بالنص على أن يكون الخليفة من بعده.
(2) أُنشد أمام الشيخ في ذلك المؤتمر قول الرقيع الصاحب بن عباد: حب علي بن أبي طالب هو
الذي يهدي إلى الجنة إن كان تفضيلي له بدعةً فلعنة الله على السُّنَّة! وقلنا لنَقَلَة الخبر: أنتم
متأكدون أن الدكتور كان حاضراً وكان يسمع؟؛ لعلهم استغلوا غيبة قصيرة له لقضاء حاجة مثلاً
فقالوا ما قالوا؟! فقيل لنا: بل كان جالساً وموجوداً بذاته وعمامته! فقلنا:
ذُمَّ المنازلَ بعد منزلة اللوى والعيشَ بعد أولئك الأيامِ.

((مجلة البيان ـ العدد [35] صـ 6 جمادى الآخرة 1411 ـ يناير 1991))
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير