تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كما قال شيخنا الفقيه، فإن هذا التفسير ونحوه في صفات أخرى فيه دليل إثبات الصفة فمن لم يكن متصفاً بها على الحقيقة لا يقال يشار إلى هذا المعنى عنده بمثل هذا التعبير، ومعروف عند من خبر كلام العرب أن الكناية لاتقتضي نفي الحقيقة، ومن أمثلة ذلك قول أبو طالب:

عَظيمُ الرَمادِ سَيِّدٌ وَاِبنُ سَيّدٍ يَحُضُّ عَلى مَقرى الضُيوفِ وَيَحشُدُ

ومن قبله قول الأسود بن يعفر النهشلي:

كريم ثناه تمطر الخير كفه كثير رماد القدر غير ملعَّن

ومن بعدهما قول كعب بن مالك:

عَظِيمِ رَمَادِ القِدْرِ في كُلِّ شَتْوَةٍ ضَرُوبٍ بِنَصْلِ المَشْرَفيِّ المهنَّدِ

فكثير الرماد كناية عن الكرم ذكر ذلك الثعالبي وغير واحد من أهل اللغة وهو معروف، وهذه الكناية لاتنافي كون رماده كثير حقيقة بل تجتمع معها.

قال الشيخ الأديب الأريب المؤرخ النويري -عفا الله عنه- مقرراً ناقلاً -أظنه عن أبي الثناء محمود بن سليمان الحلبي وذلك في كتابه نهاية الأرب:

"فالكناية عند علماء البيان أن يزيد المتكلم إثبات معنى من المعاني لا يذكره باللفظ الموضوع له في اللفة، ولكن يجئ إلى معنى هو تاليه وردفه في الوجود فيومي به إليه، ويجعله دليلاً عليه، مثال ذلك قولهم: طويل النجاد وكثير رماد القدر، يعنون به أنه طويل القامة، كثير القرى".

"قال: واعلم أن الكناية ليست من المجاز لأنك تعتبر في ألفاظ الكناية معانيها الأصلية، وتفيد بمعناها معنى ثانياً هو المقصود، فتريد بقولك، كثير الرماد حقيقته وتجعل ذلك دليلاً على كونه جواداً فالكناية ذكر الرديف وإرادة المردوف".

"قال: وأجمعوا على أن للكناية مزية على التصريح لأنك إذا أثبت كثرة القرى بإثبات شاهدها ودليلها فهو كالدعوى التي "معها" شاهد ودليل، وذلك أبلغ من إثباتها بنفسها".

ومن هذا القبيل كلام الإمام ابن كثير فقد رحمه الله على مذهب السلف، قال في تفسير آية الكرسي:

قال في تفسير آية الكرسي: " وهذه الآيات وما في معناها من الأحاديث الصحاح الأجود فيها طريقة السلف الصالح أمروها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه" 1/ 311.

ولشيخ الإسلام -إن لم أكن واهما كلام في تقرير نحو هذا وفي تقرير أن مثل هذه الآيات دالة على إثبات الصفة إذا لاتطلق على غير المتصف بها حقيقة أمثال هذه الكنايات ولعلي أبحث عنه فأنقله أو يسعف به أحد الإخوان هنا.

وعلى كل حال فقد ذكر الإمام ابن كثير صفة اليد في مقدمة كتابه البداية والنهاية فقال: "خلق بيده الكريمة آدم أبا البشر".

وقال أيضاً: " لم يزل موجوداً بصفات الكمال".

والله أعلم.

ـ[محب ابن تيمية]ــــــــ[22 - 12 - 04, 11:01 م]ـ

استاذي / خالد الوايلي.

لا أعتقد أن ابن كثير يؤول اليد ..

فلو نظرت إلى تفسير السعدي رحمه الله لوجدته مطابقاً لكلام ابن كثير رحمه الله .. فهل كان السعدي مؤولاً؟؟

واذكر كلاماً للعلامة ابن عثيمين نسيته.

ودعنا من ابن كثير ألم يقل الله " فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا "

فلنرجع إلى الكتاب والسنة وسنرى أن الله وهو اصدق القائلين قد أثبت لنفسه يدان .. فيلزم أن نثبت ما أثبته الله على الوجه الائق به سبحانه من غير تشبيه ولا تعطيل ..

فيقول جل وعلا لإبليس " ما منعك أن تسجد لما خلقت بيديّ "

لو كان المعنى " القدرة " لما كان هناك تفضيل لآدم على إبليس بل ولا على الحمير والكلاب .. فكلهم خلقهم الله بقدرته .. ولاحتج إبليس وقال: أيضاً أنا خلقتني بقدرتك!

أيضاً هذا المعنى يستلزم أن يكون لله قدرتين!

وأذكر أن المثنى إذا قُرن بالباء كان حقيقة كالقول: رأيت الأشجار بعينيّ .. فهل يأت لنا بمثنى مقرون بباء ليس بحقيقة؟

وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " يطوي الله تعالى السماوات بيمينه والأرض بيده الأخرى " وهذا في صحيح البخاري.

وأما السلف فما صرف نظره عن أحمد بن حنبل وأبي حنيفة .. وابن خزيمة .. والدارمي وغيرهم من الأئمة كثير؟

لنأخذ مثلاً ابي حنيفة وأبو الحسن الأشعري:

يقول الإمام ابو حنيفة في الفقة الأكبر بشرح القاري ص 36 - 37: له يد ووجه ونفس .. كما ذكر تعالى في القرآن من ذكر اليد والوجه والنفس فهو له صفة بلا كيف .. ولا يُقال: إن يده قدرته ونعمته لأن فيه إبطال الصفة ..

يقول ابو الحسن الأشعري: " وأجمعوا على أنه عز وجل يسمع ويرى .. وأن له تعالى يدين مبسوطتين " رسالة إلى أهل الثغر ص 225.

يقول ابن عثيمين رحمه الله: " فإن قال لك قائل: أين إجماع السلف؟ هات لي كلمة واحدة عن أبي بكر أو عمر أو عثمان أو علي، يقولون: إن المراد بيد الله الحقيقية!.

أقوله له: ائت لي بكلمة واحدة عن أبي بكر أو عمر أو عثمان أو علي أو غيرهم من الصحابة والأئمة من بعدهم يقولون: إن المراد باليد القوة أو النعمة.

فلا يستطيع أن بذلك.

إذاً، فلو كان عندهم معنى يخالف ظاهر اللفظ، لكانوا يقولون به، ولنقل عنهم، فلما لم يقولون به، علم أنهم أخذوا بظاهر اللفظ وأجمعوا عليه.

وهذه فائدة عظيمة، وهي أنه إذا لم ينقل عن الصحابة ما يخالف ظاهر الكتاب والسنة، فإنهم لا يقولون بسواه، لأنهم الذين نزل القرآن بلغتهم، وخاطبهم النبي r بلغتهم، فلا بد أن يفهموا الكتاب والسنة على ظاهرهما، فإذا لم ينقل عنهم ما يخالفه، كان ذلك قولهم "

ولعلي أكمل قريباً .. إن شاء الله!


نسيت أن اقول:

قل له: ما يمنعك من إثبات اليدين؟
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير