تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

على طلب أسبابها المفعولة وأسبابها المفعولة متقدمة عليها في الوجود ونظائره كثير. كما قيل: {فإذا قرأت القرآن فاستعذ} {إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا} ويقال: إذا حججت فتزود. فقوله صلى الله عليه وسلم {إنكم سترون ربكم فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاتين} إلى: فافعلوا يقتضي أن المحافظة عليها هنا لأجل ابتغاء هذه الرؤية ويقتضي أن المحافظة سبب لهذه الرؤية ولا يمنع أن تكون المحافظة توجب ثوابا آخر ويؤمر بها لأجله وأن المحافظة عليها سبب لذلك الثواب وأن للرؤية سببا آخر؛ لأن تعليل الحكم الواحد بعلل واقتضاء العلة الواحدة لأحكام جائز. وهكذا غالب أحاديث الوعد كما في قوله: {من صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه ومن حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه} وقوله: {لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها؛ فإنكم إذا فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم} ونحو ذلك؛ فإنه يقتضي أن صلاة هاتين الركعتين سبب للمغفرة وكذلك الحج المبرور وإن كان للمغفرة أسباب أخر. وأيد هذا المعنى أن الله تعالى قال: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه} وقد فسر هذا الدعاء بصلاتي الفجر والعصر ولما أخبر أنهم يريدون وجهه بهاتين الصلاتين وأخبر في هذا الحديث أنهم ينظرون إليه فتحضيضهم على هاتين يناسب ذلك أن من أراد وجهه نظر إلى وجهه تبارك وتعالى. ثم لما انضم إلى ذلك ما تقدم من أن صلاة الجمعة سبب قال الترمذي وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن إسرائيل عن ثوير عن ابن عمر مرفوعا ورواه عبد الملك بن أبجر عن ثوير عن مجاهد عن ابن عمر موقوفا ورواه عبيد الله الأشجعي عن سفيان عن ثوير عن مجاهد عن ابن عمر قوله: ولم يرفعه. وقال الترمذي: لا نعلم أحدا ذكر فيه مجاهدا غير ثوير وأظنه قد قيل: في قوله: {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا} أن منه النظر إلى الله. وروي في ذلك حديث مرفوع رواه الدارقطني في " الرؤية ": حدثنا أبو عبيد قاسم بن إسماعيل الضبي حدثنا محمد بن محمد بن مرزوق البصري حدثنا هانئ بن يحيى حدثنا صالح المصري عن عباد المنقري عن ميمون بن سياه عن {أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرأه هذه الآية {وجوه يومئذ ناضرة} {إلى ربها ناظرة} قال: والله ما نسخها منذ أنزلها يزورون ربهم تبارك وتعالى فيطعمون ويسقون ويطيبون ويحملون ويرفع الحجاب بينه وبينهم فينظرون إليه وينظر إليهم عز وجل وذلك قوله: {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا}.} وقد ذكر أبو الفرج بن الجوزي هذا الحديث في " الموضوعات " وقال: هذا لا يصح؛ فيه ميمون بن سياه. قال ابن حبان: ينفرد بالمناكير عن المشاهير لا يحتج به إذا انفرد وفيه صالح المصري قال النسائي: متروك الحديث. قلت: أما ميمون بن سياه فقد أخرج له البخاري والنسائي وقال فيه أبو حاتم الرازي: ثقة وحسبك بهذه الأمور الثلاثة وعن ابن معين قال فيه:

ضعيف؛ لكن هذا الكلام يقوله ابن معين في غير واحد من الثقات. وأما كلام ابن حبان ففيه ابتداع في الجرح. فلما كان في حديث ابن عمر المتقدم وعد أعلاهم " غدوة وعشيا " والرسول صلى الله عليه وسلم قد جعل صلاتي الغداة والعشي سببا " للرؤية " وصلاة الجمعة سببا " للرؤية " في وقتها؛ مع ما في الصلاة من مناسبة الرؤية كان العلم بمجموع هذه الأمور يفيد ظنا قويا أن هاتين الصلاتين سبب للرؤية في وقتهما في الآخرة والله أعلم بحقيقة الحال. فلما كان هذا قد سنح لي والنساء يشاركن الرجال في سبب العمل فيشاركونهم في ثوابه ولما انتفت المشاركة في الجمعة انتفت المشاركة في النظر في الآخرة ولما حصلت المشاركة في العيد حصلت المشاركة في ثوابه. ثم بعد مدة طويلة جرى كلام في هذه " المسألة " وكنت قد نسيت ما ذكرته أولا؛ لا بعضه فاقتضى ذكر ما ذكرته أولا فقيل لي: الحديث يقتضي أن هاتين الصلاتين من جملة سبب " الرؤية "؛ لا أنه جميع السبب بدليل أن من صلاهما ولم يصل الظهر والعصر لا يستحق الرؤية. وقيل لي: الحديث يدل على أن الصلاتين سبب في الجملة فيجوز أن تكون هاتان الصلاتان سببا للرؤية في الجمعة؛ كيف وقد قيل: إن أعلى أهل الجنة من يراه مرتين؟ فكيف يكون المحافظون على هاتين الصلاتين أعلاهم؟. فقلت: ظاهر الحديث يقتضي أن

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير