تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقوله: {يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه} خطاب لجميع أهل الجنة الذين دخلوها ووعدوا بالجزاء وهذا قد دخل فيه جميع النساء المكلفات. وكذلك قولهم: " ألم يثقل ويبيض ويدخل وينجز " يعم الصنفين. وقوله: {فيكشف الحجاب فينظرون إليه} الضمير يعود إلى ما تقدم وهو يعم الصنفين. ثم الاستدلال بالآية دليل آخر؛ لأن الله سبحانه قال: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} ومعلوم أن النساء من الذين أحسنوا ثم قوله فيما بعد: {أولئك أصحاب الجنة} يقتضي حصر أصحاب الجنة في أولئك والنساء من أصحاب الجنة فيجب أن يكن من أولئك وأولئك إشارة إلى الذين لهم الحسنى وزيادة؛ فوجب دخول النساء في الذين لهم الحسنى وزيادة واقتضى أن كل من كان من أصحاب الجنة فإنه موعود " بالزيادة على الحسنى " التي هي النظر إلى الله سبحانه؛ ولا يستثنى من ذلك أحد إلا بدليل؛ وهذه " الرؤية العامة " لم توقت بوقت بل قد تكون عقب الدخول قبل استقرارهم في المنازل والله أعلم أي وقت يكون ذلك.

وكذلك ما دل من الكتاب على " الرؤية " كقوله {وجوه يومئذ ناضرة} {إلى ربها ناظرة} {ووجوه يومئذ باسرة} {تظن أن يفعل بها فاقرة} هو تقسيم لجنس الإنسان المذكور في قوله: {ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر} {بل الإنسان على نفسه بصيرة} وظاهر انقسام الوجوه إلى هذين النوعين. كما أن قوله {وجوه يومئذ مسفرة} {ضاحكة مستبشرة} {ووجوه يومئذ عليها غبرة} {ترهقها قترة} أيضا إلى هذين النوعين فمن لم يكن من الوجوه الباسرة كان من الوجوه الناضرة الناظرة؛ كيف وقد ثبت في الحديث أن النساء يزددن حسنا وجمالا كما يزداد الرجال في مواقيت النظر؟ وكذلك قوله: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون} قد فسر بالرؤية وقوله: {إن الأبرار لفي نعيم} {على الأرائك ينظرون} فإن هذا كله يعم الرجال والنساء. واعلم أن الناس قد اختلفوا في " صيغ جمع المذكر مظهره ومضمره " مثل: المؤمنين والأبرار وهو هل يدخل النساء في مطلق اللفظ أو لا يدخلون إلا بدليل؟ على قولين: (أشهرهما عند أصحابنا ومن وافقهم أنهم يدخلون بناء على أن من لغة العرب إذا اجتمع المذكر والمؤنث غلبوا المذكر وقد عهدنا من الشارع في خطابه أنه يعم القسمين ويدخل النساء بطريق التغليب وحاصله أن هذه الجموع تستعملها العرب تارة في الذكور المجردين وتارة في الذكور والإناث وقد عهدنا من الشارع أن خطابه المطلق يجري على النمط الثاني وقولنا: المطلق احتراز من المقيد مثل قوله: {والمؤمنين والمؤمنات} ومن هؤلاء من يدعي أن مطلق اللفظ في اللغة يشمل القسمين. و (القول الثاني: إنهن لا يدخلن إلا بدليل ثم لا خلاف بين الفريقين أن آيات " الأحكام " و " الوعد " و " الوعيد " التي في القرآن تشمل الفريقين وإن كانت بصيغة المذكر فمن هؤلاء من يقول: دخلوا فيه لأن الشرع استعمل اللفظ فيهما وإن كان اللفظ المطلق لا يشمله وهذا يرجع إلى القول الأول. ومنهم من يقول: دخلوا لأنا علمنا من الدين استواء الفريقين في الأحكام فدخلوا كما ندخل نحن فيما خوطب به الرسول وكما تدخل سائر الأمة فيما خوطب به الواحد منها. وإن كانت صيغة اللفظ لا تشمل غير المخاطب. وحقيقة هذا القول: أن اللفظ الخاص يستعمل عاما " حقيقة عرفية " إما خاصة وإما عامة وربما سماه بعضهم قياسا جليا ينقص حكم من خالفه؛ وأكثرهم لا يسمونه " قياسا " بل قد علم استواء المخاطب وغيره فنحن نفهم من الخطاب له الخطاب للباقين حتى لو فرض انتفاء الخطاب في حقه لمعنى يخصه لم ينقص انتفاء الخطاب في حق غيره " فالقياس " تعدية الحكم وهنا لم يعد حكم وإنما ثبت الحكم في حق الجميع ثبوتا واحدا؛ بل هو مشبه بتعدية الخطاب بالحكم؛ لا نفس الحكم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير