تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وسائر الأمم إنما هو أسماء عامة والعموم اللفظي على وزان العموم العقلي وهو خاصية " العقل " الذي هو أول درجات التمييز بين الإنسان وبين البهائم. فإن قيل: سلمنا أن ظاهر الكتاب والسنة يشمل النساء؛ لكن هذا العموم مخصوص؛ وذلك أن في حديث رؤية الله للرجال يوم الجمعة: {إن الرجال يرجعون إلى منازلهم فتتلقاهم نساؤهم فيقلن للرجل: لقد جئت وإن بك من الجمال أفضل مما فارقتنا عليه فيقول: إنا جالسنا اليوم ربنا الجبار ويحقنا أن ننقلب بمثل ما انقلبنا به}. وهذا دليل على أن النساء لم يشاركوهم في الرؤية وإذا كان هذا في رؤية الجمعة ففي رؤية الغداة والعشي أولى؛ لأن هذا أعلى من تلك ومن لم يصلح للرؤية في الأسبوع فكيف يصلح للرؤية في كل يوم مرتين؟ وإذا انتفت رؤيتهن في هذين الموطنين ولم يثبت أن الناس يرونه في غير هذين الموطنين: فقد ثبت أن العموم مخصوص منه النساء في هذين الموطنين؛ وما سواهما لم يثبت لا للرجال ولا للنساء فلم يبق ما يدل على حصول الرؤية للنساء في موطن آخر فإما أن يبقى مطلقا عملا بالأصل النافي؛ وإما أن ينفى عن هذين الموطنين ويتوقف فيما عداهما ولا يحتج على ثبوتها فيه بتلك العمومات لوجود التخصيصات فيها. هذا غاية ما يمكن في تقرير هذا السؤال ولولا أنه أورد علي لما ذكرته لعدم توجهه. فنقول: الجواب من وجوه متعددة وترتيبها الطبيعي يقتضي نوعا من الترتيب لكن أرتبها على وجه آخر ليكون أظهر في الفهم الأول أنا لو فرضنا أنه قد ثبت أن النساء لا يرينه في الموطنين المذكورين لم يكن في ذلك ما ينفي رؤيتهن في غير هذين الموطنين فيكون ما سوى هذين الموطنين لم يدل عليه الدليل الخاص لا بنفي ولا بإثبات والدليل العام قد أثبت الرؤية في الجملة والرؤية في غير هذين الموطنين لم ينفها دليل فيكون الدليل العام قد سلم عن معارضة الخاص فيجب العمل به وهذا في غاية الوضوح. فإن من قال: رأيت رجلا فقال آخر: لم تر أسود ولم تره في دمشق لم تتناقض القضيتان والخاص إذا لم يناقض مثله من العام لم يجز تخصيصه به فلو كان قد دل دليل على أن النساء لا يرينه بحال لكان هذا الخاص معارضا لمثله من العام أما إذا قيل: إنه دل على رؤية في محل مخصوص كيف ينفى بنفي جنس الرؤية؟ وكيف يكون سلب الخاص سلبا للعام؟ فإن قيل: لا رؤية لأهل الجنة إلا في هذين الموطنين قيل ما الذي دل على هذا؟ فإن قيل: لأن الأصل عدم ما سوى ذلك. قيل: العدم لا يحتج به في الأخبار بإجماع العقلاء بل من أخبر به كان قائلا ما لا علم له به ولو قيل للرجل: هل في البلد الفلاني كذا وفي المسجد الفلاني كذا؟ فقال: لا؛ لأن الأصل عدمه كان نافيا ما ليس له به علم باتفاق العقلاء. ولو قال الآخر: الذين يرون الله كل يوم مرتين: هم النبيون فقط. لأن الأصل عدم رؤية غيرهم ولهم من الخصوص ما لا يشركون فيه كان هذا قولا بلا علم - إذا سلم من أن يكون كذبا - وليس هنا مفهوم يتمسك به كما في قوله: {فاجلدوهم ثمانين جلدة}. فإن الرسول لم يقل إن أهل الجنة لهم موطنان في الرؤية حتى يقول ذلك بنفي ما سواهما بل كلامه يدل على خلاف ذلك كما سنبينه ولو فرضنا أنه يجوز الحكم باستصحاب الحال في مثل هذا؛ فإن العموم والقياس حجتان مقدمتان على الاستصحاب أما " العموم " فبإجماع الفقهاء وأما " القياس " فعند جماهيرهم. ومعلوم أن " العموم " و " القياس " يقتضيان ثبوت الرؤية كما تقدم فلا يجوز نفيها بالاستصحاب وإن جاز تخصيص ذلك بنقص عقل النساء. فينبغي أن يقال: " البله " و " أهل الجفاء " من الأعراب ونحوهم ممن يدخل الجنة لا يرى الله؛ فإنه لا ريب أن في النساء من هو أعقل من كثير من الرجال حتى إن المرأة تكون شهادتها نصف شهادة الرجل والمغفل ونحوه ترد شهادتهما بالكلية وإن لم يكن مجنونا؛ وقد {قال النبي صلى الله عليه وسلم كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا أربع} أكمل ممن لم يكمل من الرجال؛ ففي أي معقول تكون الرؤية للناقص دون الكامل.

ـ[طويلبة علم]ــــــــ[24 - 04 - 07, 02:31 ص]ـ

الجواب الثاني:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير