تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والأقوال في هذا الباب لا حصر لها، ويمكن مراجعة بعضها في كتب الاعتقاد.

4 - مخالفة إجماع أئمة الدين في الأمر بالكف عما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم، ومن أقوالهم في ذلك:

وكتب عقيدة أهل السنة والجماعة رضي الله عنهم طافحة بالنص الواضح الصريح على ترك الخوض فيما شجر بين الصحابة جملة وتفصيلاً.

بل حكى أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان الإجماع على الكف عما شجر بينهم، وهذا صريحٌ في قولهما: ((أدركنا العلماء في جميع الأمصار؛ فكان من مذهبهم: الترحم على جميع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، والكفّ عَمَّا شجر بينهم)) [انظر عقيدتهما للحداد: 165].

وعبارة البربهاري في ((شرح السنة)) (56 - 57): ((والكف عن حرب عليٍّ ومعاوية وعائشة وطلحة والزبير رحمهم الله جميعًا ومن كان معهم، لا نُخاصم فيهم، وكِلْ أمرهم إلى الله تعالى)).

وقال أيضًا (59): ((ولا تُحَدِّث بشيءٍ من زَلَلِهم ولا حَرْبِهم، ولا ما غاب عنك علمه، وتسمعه من أحدٍ يُحَدِّث به؛ فإنه لا يسلمُ لك قلبك إِنْ سمعتَه)).

وأما ابن كثير يرحمه الله فيقول في ((الباعث الحثيث)) (499 - ط: العاصمة): ((وأما ما شجر بينهم بعده عليه السلام: فمنه ما وقعَ عن غير قصدٍ؛ كيوم الجمل، ومنه ما كان عن اجتهاد؛ كيوم صِفّين، والاجتهاد يُخطئ ويُصيب، ولكن صاحبه معذورٌ وإن أخطأ، ومأجورٌ أيضًا، وأم االمصيب فله أجران .... )) إلى أن قال رحمه الله: ((ومن كان من الصحابة مع معاوية؟ يقال: لم يكن في الفريقين مائةٌ من الصحابة، وعن أحمد: ولا ثلاثون. والله أعلم. وجميعهم صحابةٌ، فهم عدولٌ كلهم)) إلخ.

لكن ضَخَّم من لا فهم له القضايا حتى صارت قاصمة ظهرٍ!!

والذين ذكروا مثل هذه القضايا في كتبهم أخذوها من الواقدي وسيف بن عمر وأمثالهما من المجروحين، وأغلب ذلك مما لا تثبت به الأسانيد.

وما ثبتَ من ذلك فقليل، ومع هذا ليس فيه إساءة، وترى النص على الكف عنه وعن حكايته مسطورًا في كتب أهل السنة والجماعة، خلافًا لأعداء الصحابة وأهل البيت من شيعة وخوارج وروافض وغيرهم.

بل وصل الأمر بأهل السنة والجماعة رضي الله عنهم إلى أَبْعَد من ذلك؛ فلم يسكتوا عمّا شجر بينهم فقط؛ بل وسكتوا أيضًا عن التفضيل بينهم؛ إلا بما وردت به الأحاديث الصحيحة الثابتة.

وانظر إلى قول الإمام أحمد رحمه الله: ((السنة عندنا في التفضيل ما قال ابنُ عمر: كُنّا نعدّ ورسول الله صلى الله عليه وسلم حَيّ: أبو بكر وعمر وعثمان، ونسكت)) [السنة للخلال 507، وراجع: السنة لعبد الله بن أحمد رحمهما الله 1401، ومناقب أحمد لابن الجوزي 170].

وأزيد هنا أيضًا:

أنّ الأصل العام السائد لدى أئمة الدين وأهل السنة والحديث فيما سلف هو الكف عمّا شجر بين الصحابة رضي الله عنهم، جملةً وتفصيلاً، واعتقاد العذر والاجتهاد فيما كان.

وقد سبق نقل بعض نصوصهم في ذلك، ومما يؤيد هذا الأصل الذي من خرج عنه عُدّ شاذًا:

ففي ((قطف الثمر في بيان عقيدة أهل الأثر)) (103): ((ويمسكون عما شجر بين الصحابة بينهم، ويقولون: إن هذه الآثار المروية منها ما هو كذب، ومنها ما هو قد زيد فيه ونقص وغُيِّرَ عن وجهه، والصحيح منها هم فيه معذورون إما مجتهدون مصيبون وإما مجتهدون مخطئون، وهم مع ذلك يعتقدون أن كل أحد من الصحابة ليس معصومًا عن كبائر الإثم وصغائره بل تجوز عليهم الذنوب في الجملة ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما صدر منهم إن صدر، حتى إنهم يغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم ولهم من الحسنات التي تمحوا سيئات ما ليس لمن بعدهم، وكلهم عدول بتعديل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت في قوله صلى الله عليه وسلم أنهم خير القرون، وأن المد من أحدهم إذا تصدق به كان أفضل من جبل أحد)).

وهذه بعض أقوال العلماء في هذا الباب:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير