3. حديث عمر: أما هذا الحديث فيروى تارة عن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - وتارة عن رجل من آل حاطب عن حاطب، وهو عند التحقبق حديث واحد، فجعلها حديثين ليتكثر بها.
ومن أمثلة إساءته الأدب مع من هو أفضل منه وأعلم وأفقه، وأختار منهم الحافظ ابن عبدالهادي رحمه الله، حيث أساء الأدب معه في مواضع:
1. قال المعترض (ص 245): "وقد أشفقت على علوم الحديث التي تغافل عنها ابن عبدالهادي رحمه الله لغرض ينصره".
2. وقال أيضا (ص 247): "وقد تقعقع ابن عبدالهادي رحمه الله تعالى كعادته فأخذ يضعف هذه المتابعة".
3. وقال (ص 248): "والحاصل أن كلام ابن عبدالهادي مخالف لأدني قواعد علم الحديث".
4. وقال (ص 248): "أما كونه (منكر المتن)، فهي دعوى لا يسندها إلا الدفع بالصدر فقط، فلا دليل أتى به ابن عبدالهادي ليقيم به صلب هذه الدعوى المتهاوية".
5. وقال أيضا (ص 270): "ولو وقف عليه ابن عبدالهادي لشنع عليه وصب تشنيعه على الراوي المبهم كما هي طريقته، لأنه يأبى أن يصح حديث في الباب".
6. وقال رادا على العلامة الألباني ومعرِّضا بابن عبدالهادي رحمهما الله (ص 272): "فعمدته قول ابن عبدالهادي الذي ما استطاع أن يقيم صلب دعوته المتهاوية، ثم جاء الألباني يردد الصدي لا غير وهذا هو التقليد المذموم، فأين البحث منه أو ممن قلده".
وسوف أذكر نبذة يسيرة عن هذا الإمام الذي ما عرف قدره هذا المعترض المغمور، وأن علماء عصره عرفوا له قدره وأنزلوه منزلته اللائقة به كما في ترجمته الآتية.
كما أساء الأدب مع العلامة الشيخ ابن باز مفتي الديار السعودية رحمه الله لما علق على كلام الحافظ في الفتح فوصفه بالكاتب، قال المعترض (ص 73): "وكان الأولى بالكاتب أن يتقيد بمذهبه الحنبلي….الخ".
وقد جمعت في رسالتي هذه والتي أسميتها "توضيح العبارة في الرد على صاحب كتاب رفع المنارة في أحاديث الزيارة"، عشرين حديثا، ستة أحاديث عن ابن عمر، وأربعة عن أنس، وثلاثة عن ابن عباس، وحديثا عن كل من عمر وعلي و أبي هريرة وابن مسعود ومعاذ 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -، ومرسلا عن بكير بن عبدالله، وحديثين بدون إسناد، وخمس زيارات لقبر النبي 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - عن عيسى 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -، وبلال وميسرة بن مسروق وعمر بن الخطاب وأبي أيوب الأنصاري 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -، وإبراد عمر بن عبدالعزيز رحمه الله السلام إلى النبي 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -. وأحاديث الزيارة ذكرها العلماء والفقهاء في كتبهم ومصنفاتهم الجامعة ضمن أحاديث الحج وفضائل المدينة.
والله أسأل أن ينفع بها، حيث قصدت فيها بيان الحق وتجلية كلام أهل العلم المعتبرين المُتبعَةِ أقوالهم في هذا الشأن في هذه الأحاديث وأسانيدها، والله الهادي إلى سواء السبيل.
كتبه: عبدالغفار بن محمد حميده
المدينة النبوية 12/ 4/1424هـ
نبذة عن الإمام ابن عبدالهادي
ترجم لهذا العالم الحافظ الفذ الإمام الجِهْبِذ، الحافظ ابن حجر رحمه الله في كتابه الدرر الكامنة (3/ 331)، وسأذكر منه ما يفي بالغرض:
"محمد بن أحمد بن عبد الهادى بن عبد الحميد بن عبد الهادى بن يوسف ابن محمد بن قدامة، المقدسى الحنبلى شمي الدين، أحد الأذكياء، ولد في رجب (سنة 705 هـ) وقيل قبلها وقيل بعدها، وتردد إلى ابن تيمية ومهر في الحديث والأصول والعربية وغيرها.
قال الصفدى: لو عاش كان آية، كنت إذا لقيته سألته عن مسائل أدبية وفوائد عربية، فينحدر كالسيل وكنت أراه يوافق المزى في أسماء الرجال ويرد عليه فيقبل منه.
وقال الذهبى في معجمه المختص: الفقيه البارع المقرئ المجود المحدث الحافظ النحوى الحاذق ذو الفنون كتب عنى واستفدت منه.
وقال ابن كثير: كان حافظا علامة ناقدا حصل من العلوم ما لا يبلغه الشيوخ الكبار وبرع في الفنون وكان جبلا في العلل والطرق والرجال حسن الفهم جدا صحيح الذهن.
وقال المزى: ما التقيت به إلا واستفدت منه.
قال الذهبي: ما اجتمعت به قط إلا واستفدت منه وكثر التأسف عليه لما مات وحضر جنازته من لا يحصى كثرة ومات في عاشر جمادى الأولى سنة (744هـ) ".
قال مقيده عفا الله عنه: فأين الثرى من الثريا، وأين المتعالم المغمور من الإمام المشهور، فالله المستعان على بعض مخرفي هذا الزمان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
¥