(من زارني ميتا فكأنما زارني حيا، ومن زار قبري وجبت له شفاعتي يوم القيامة. وما من أحد من أمتي له سعة ثم لم يزرني فليس له عذر). حديث مكذوب موضوع مختلق على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، أخرجه ابن النجار في "الدرة الثمينة في فضائل المدينة"، عزاه له السبكي وذكر سنده فقال في شفاء السقام (ص 36): "أنبأنا أبو محمد بن علي، أنبأنا أبو يعلى الأزدي، أنبأنا أبو إسحاق البجلي، أنبأنا سعيد بن أبي سعيد النيسابوري، أنبأنا إبراهيم بن محمد المؤدب، أنبأنا إبراهيم بن محمد، حدثنا محمد بن محمد، حدثنا محمد بن مقاتل، حدثنا جعفر بن هارون، حدثنا سمعان بن مهدي، عن أنس… رفعه".
علل الحديث: 1. "محمد بن مقاتل".
قال البخاري: "لأن أخر من السماء أحب إلي من أروي عن محمد بن مقاتل الرازي". انظر تهذيب التهذيب (9/ 470). وقال الذهبي في الميزان (4/ 47).: "تكلم فيه ولم يترك".
2. "جعفر بن هارون".
قال الذهبي في الميزان (1/ 420): "عن محمد بن كثير الصنعاني، أتى بخبر موضوع". وذكره ابن عراق في تنزيه الشريعة (1/ 46) ضمن الوضاعين.
3. "سمعان بن مهدي".
قال الذهبي في الميزان (2/ 234): "عن أنس بن مالك حيوان لا يعرف، ألصقت به نسخة مكذوبة رأيتها، قبح الله من وضعها". وقال ابن حجر في اللسان (3/ 114): "وهي من رواية محمد بن مقاتل الرازي، عن جعفر بن هارون الواسطي، عن سمعان. فذكر النسخة وهي أكثر من ثلاثمئة حديث أكثر متونها موضوعة".
4. الرواة من دون محمد بن مقاتل لم أقف عليهم.
الرد على المعترض و السبكي
سبق وأن بينت أن من بدهيات المشتغلين بعلم الحديث عند تحقيق حديث ما، جمع شواهده ومتابعاته وطرقه في موضع واحد، ليفسر بعضه بعضا، وللحكم عليه صحة وضعفا قبولا وردا، لكن المعترض المتعالم فاتته هذه البديهة في أحاديث ابن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -، حيث أوضحنا ذلك عنه – انظر انظر ردنا على المعترض عند كلامنا على حديث ابن عمر الثالث -، كما فاتته هنا أيضا، حيث كان من المفترض أن يذكر هذا الحديث مع الحديث الأول السابق، فقد تكلم عليه في كتابه رفع المنارة (ص 268)، ثم عاد وتكلم على الحديث الثاني (ص 286)، وكل حديث منفردا لم يصح فكيف لو جمع معه غيره، فآثر المعترض التفريق والتلفيق على التحقيق.
أما السبكي فعلى الرغم مما قيل في رواة الحديث من جرح، إلا أنه لما عزا الحديث لابن النجار في شفائه، سكت عنه ولم يعلق عليه ولا بكلمة واحدة، بخلاف الحافظ الناقد الإمام ابن عبدالهادي لما وقف على الحديث، قال عن السبكي في الصارم (ص 234): "هكذا ذكر المعترض هذا الحديث، وخرس بعد ذكره فلم ينطق بكلمة، وهو حديث موضوع مكذوب مختلق مفتعل، مصنوع من النسخة الموضوعة المكذوبة الملصقة بسمعان بن مهدي قبح الله واضعها، وإسنادها إلى سمعان ظلمات بعضها فوق بعض. وأما سمعان فهو من الحيوانات التي لا يدرى هل وجدت أم لا؟ وهذا المعترض إن كان لا يدري أن هذا الحديث من أقبح الموضوعات فهو من أجهل الناس، وإن كان يعلم أنه موضوع ثم يذكره في معرض الإحتجاج ويتكثر به ولا يبين حاله، فهو داخل في حديث (من حدث عني بحديث وهو يرى أنه كذب، فهو أحد الكذابين)، فهو إما جاهل مفرط في الجهل، أو معاند صاحب هوى متبع لهواه، نعوذ بالله من الخذلان".
الحديث الثالث
(من زار عالما فكمن زارني، ومن صافح عالما فكمن صافحني، ومن جالس عالما فكمن جالسني، ومن جالسني في دار الدنيا أجلسه الله معي غدا في الجنة). حديث مكذوب موضوع على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، أخرجه ابن النجار، عزاه له ابن عراق فقال في تنزيه الشريعة (1/ 272): "من حديث أنس في قصة بينة الكذب".
الحديث الرابع
(إن لله عزوجل مدينة تحت العرش، من مسك أذفر على بابها ملك ينادي كل يوم: ألا من زار العلماء فقد زار الأنبياء، ومن زار الأنبياء فقد زار الرب عزوجل، ومن زار الرب فله الجنة).
¥