علة الحديث: "أبو المثنى سليمان بن يزيد الكعبي".
ومدار الحديث عليه. قال أبو حاتم: منكر الحديث ليس بقوي، وذكره ابن حبان في الثقات وذكره ابن حبان في الضعفاء في الكنى، فقال: أبو المثنى شيخ يخالف الثقات في الروايات، لا يجوز الاحتجاج به ولا الرواية عنه إلا للإعتبار. وتعقبه الدارقطني في حواشيه، فقال: أبو المثنى هذا هو سليمان بن يزيد الكلبي مدني، وقال في العلل: سليمان بن يزيد ضعيف، وقعت روايته عن أنس في كتاب القبور لابن أبي الدنيا وقيل إنه لم يسمع منه. انظر تهذيب التهذيب (12/ 221).
والحديث فيه إنقطاع، حيث نفى الدارقطني سماعه من أنس 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -، بل ذهب بعضهم إلى عدم سماعه من بعض التابعين. انظر جامع التحصيل (ص 190). قال ابن أبي حاتم في العلل (1/ 291): "قال أبي هذا خطأ إنما هو سليمان، أخاف أن يكون عن الثقة عن أنس".
قال مقيده عفا الله عنه: الذي ظهر لي والله أعلم، أن هذا الحديث ملفق من عبارتين، عبارة "الموت بأحد الحرمين" كما سبق في رواية البيهقي، والثانية عبارة "الزيارة"، وحديث أنس "الموت بأحد الحرمين" أخرجه الفاكهي في أخبار مكة (3/ 69 ح 1813) بلفظ: (من مات بين الحرمين حشره الله تعالى من الآمنين)، والحديث علته: "أبان بن عياش"، أحد المتروكين.
الرد على المعترض صاحب كتاب "رفع المنارة" نقل المعترض ما ذكره الذهبي عن غيره في حق سليمان بن يزيد، بقوله (ص 269): "وأجاد الحافظ الذهبي فقال في الكاشف (3/ 331): وثق، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي". والمعترض غالبا ما يتعالم فينقل من كلام الأئمة ما يؤيد فكرته، ويُعرِض عما يدحضها ويهدمها، فالذهبي ذكر في الكاشف قولين متعارضين، لكن رأي الذهبي مغاير لما أراد إثباته المعترض، وهو إما أنه لم يقف عليه وهذه مصيبة على مدعي البحث والتحقيق، أو أنه وقف عليه وتجاهله وهذه أعظم. والذهبي أيضا استدرك على الحاكم في المستدرك (4/ 221 – 222) تصحيح حديثه بقوله: "سليمان واه، وبعضهم تركه"، والمعترض وقف على تصحيح الحاكم لحديث الكعبي في رفع المنارة (ص 269)، فلماذا تجاهل استدراك الذهبي؟؟! وهو الذي ذكره في المغني في الضعفاء (1/ 284 ت 2632) فقال فيه: "منكر الحديث، ليس بقوي".
ثم فرح المعترض بذكره طريقا آخر للحديث - والله لا يحب الفرحين - (نقلا عن كتاب المداوي للغماري – 6/ 232)، فقال (ص 269).: "وله طريق آخر عن أنس، قال إسحاق بن راهويه في مسنده: أخبرنا عيسى بن يونس، ثنا ثور بن يزيد، حدثني شيخ عن أنس عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قلت ـ أي المعترض ـ عيسى بن يونس هو ابن إسحاق السبيعي ثقة، وثور بن يزيد ثقة ثبت. فلولا الشيخ المبهم الذي لم يسم لكان السند في أعلى درجات الصحة. لكن هذا الطريق إذا ضم لسابقه استفاد الحديث قوة".
قلت: لَوْلَوة المعترض تعالم والسند السابق فيه أبو المثنى الكعبي لم يحتج به المحققون من المحدثين ويخالف الثقات، والسند الآخر فيه مجهول، فكيف يستفيد الحديث قوة على زعم المعترض؟؟
كما أقر المعترض بإنقطاع سند الحديث الأول، وبالمبهم في السند الثاني. والمنقطع لا يحتج به عند جمهور المحدثين، قال الجوزقاني في الأباطيل عن عبدالرحمن بن مهدي: "إن العالم إذا لم يعرف الصحيح والسقيم من الحديث لا يسمى عالما. فمما يعرف به صحيح الأحاديث من سقيمها أن يكون الحديث متعريا من سبع خصال:
الأول: أن لا يكون الشيخ الذي يرويه مجروحا.
الثاني: أن لا يكون فوقه شيخ مجهول يبطل الحديث به.
الثالث: أن لا يكون الحديث مرسلا، فإن المرسل عندنا لا تقوم به حجة.
الرابع: أن لا يكون الحديث منقطعا، فإن المنقطع عندنا أسوأ حالا من المرسل".
انظر الأباطيل والمناكير (1/ 12). وانظر جامع التحصيل (ص 96). إرشاد الفحول (ص 66).
ثم شنع المعترض كعادته تعالما، على ابن عبدالهادي فقال (ص 270): "وابن عبدالهادي لم يذكر الطريق الثاني وكأنه لم يقف عليه، ولذا كان كلامه مقصورا على الطريق الأول فقط. ولو وقف عليه ابن عبدالهادي لشنع عليه وصب تشنيعه على الراوي المبهم كما هي طريقته، لأنه يأبي أن يصح حديث في الباب والله المستعان".
قلت: المعترض مثله: - رمتني بدائها وانسلت.
الحديث الثاني
¥