تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأسلوب آخر عندما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة واتصل ببيئة اليهود، وهو أسلوب فيه شيء كثير من الليونة والانطلاق (5).

3 - يتجاوز طه حسين قضية التشكيك، فينكر بعبارة لا التواء فيها إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام - وقصة مهاجرهما إلى مكة، ويعدُّ هذه أسطورة لفَّقها العرب بعامة وقريش بخاصة ليحتالوا بها على من عندهم من فرس وروم؛ ليؤكدوا أن لهم أصلاً قديماً يرتبط بتأسيس إبراهيم وإسماعيل للكعبة، ثم جاء القرآن فصدَّق هذه الأسطورة؛ ليحتال على اليهود ليؤلف قلوبهم؛ إذ مرجعهم إبراهيم جميعاً (6).

ونقد الشيخ محمد الخضر حسين منهجه في أفكار هذه القصة بقوله: "ومن حاول الجهر بإنكار ما تتداول نَقْلَه أمةٌ، ويقرره كتاب تدين بصدقه أمم، كان حقاً عليه أن يسلك مسلك ناقدي التاريخ فيبين للناس كيف كان نبأ الواقعة مخالفاً للمعقول أو المحسوس أو التاريخ الثابت الصحيح؛ ولكن المؤلف لم يسلك في إنكار هذه القصة طريقة نقد التاريخ؛ إذن لم يكن مع المؤلف سوى عاطفة غير إسلامية تزوجت تقليداً لا يُرى، فحملت بهذا البحث وولدته على غير مثال" (7).

4 - قلل طه حسين من شأن القرآن حينما قال في (الأيام) (8): إن نسخة من ألفية ابن مالك تعدل خمسين نسخة من القرآن الكريم.

ثانياً: جَعْلُهُ السيرة النبوية بمثابة الأسطورة: كتب "على هامش السيرة" تقليداً لكتاب: "على هامش الكتب القديمة" لجيل لومتير، وقد صرح بهذا في كتابه:"الإسلام والغرب"بعد سنوات من صدور"على هامش السيرة"،وملخص سبب تأليفه له من كلامه: أنه قد ساءه أن يكون لليونان أساطيرهم، وللرومان أساطيرهم، والناس يقبلون برغبة ملحة على هذه الأساطير، ثم لا يجد الراغبون في القراءة والمتعة أساطير للعرب يتناقلها الناس، ولأجل هذا أُلِّف هذا الكتاب، ليكون أسطورة عربية (9).

ويقول في موضع آخر من كتابه: "وأحب أن يعلم الناس أيضاً أني وسَّعت على نفسي في القصص، ومنحتها من الحرية في رواية الأخبار واختراع ما لم أجد به بأساً" (10).

حتى قال صديقه الدكتور محمد حسين هيكل عاتباً عليه صنيعه: "وأستميح الدكتور طه حسين العذر إن خالفته في اتخاذ النبي صلى الله عليه وسلم وعصره مادة لأدب الأسطورة" (11).

ثالثاً: التلاعب بالحقائق التاريخية المتعلقة بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم وعصره:

1 - أراد أن يثبت أن النبوة كانت اعتقاداً معروفاً في مكة، والناس يتشوَّفون ظهور النبي، بل إن كل فتى في مكة كان يتطلع ويسعى ليكون صاحب هذا الفضل (12)، وفي هذا تجنٍّ على الحقيقة والتاريخ أي تجنٍّ.

2 - ضخَّم الحوادث المتصلة بحياة المصطفى صلى الله عليه وسلم قبل البعثة وملأها بالأحاديث الموضوعة؛ حتى ليظن القارئ أن أهل مكة كانوا يعلمون أن محمداً صلى الله عليه وسلم سيكون نبياً (13).

وأطال النَّفَس في سرد قصته صلى الله عليه وسلم مع خديجة - رضي الله عنها - وميسرة والراهب وورقة بن نوفل، وجلَّلها بثوب الأسطورة الذي قدّه أطول منه، فخلط ما صح من معجزات للنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك بما لم يصح (14).

3 - رد أحاديث صحيحة؛ لأنها خالفت هوى في نفسه، فمثلاً يقول: "فلا حاجة إذن إلى أن نخترع الأحاديث لإثبات ما لا حاجة إلى اتباعه، كالحديث الذي يروى من أن العباس عرف الموت في وجه النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يعرف الموت في وجوه بني عبد المطلب (15) " مع أن الحديث مخرج في صحيح البخاري (16).

وردَّ الحديث الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم لبعض أصحابه في مرضه الذي توفي فيه: "ايتوني بصحيفة أكتب لكم ما لا تضلون بعده أبداً" (17).

وردَّ استسقاء عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بالعباس بن عبد المطلب - رضي الله عنه - وأن هذا تكلُّف مصدره التملق لبني العباس أثناء حكمهم (18)، والحديث في صحيح البخاري (19).

ويسوِّغ ردَّه للأحاديث التي لا توافق هواه بأن "من الواجب على كل مسلم حين يُروى له الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أن يحتاط قبل الأخذ به، وأن يعرضه على القرآن، فإن كان لا يناقض القرآن في قليل ولا كثير، ولا يناقض المألوف من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وعمله أخذ به، وإلا وقف فيه" (20).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير