تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وإن في مناهج بعض المؤلفين من الضعف، ما يسبب وقوعهم في تلك الأخطاء العظيمة، والزَّلاَّت الجسيمة، حتى لو كان ما أوردوه من أخطاء نقولاً عن كتب أخرى، وعن مؤلفين آخرين، فلا هم يُنَبِّهون عن ذلك ولا ينصحون.

ومن ذلك ما وقعت عليه عيني - صدفةً - في المعجم المعروف الكبير (لسان العرب) لابن منظور الإفريقي (630 - 711)، والذي بيَّنَ منهَجَهُ في تأليفه فقال في مقدمته: (ولم أجد في كتب اللغة أجملَ من تهذيب اللغة لأبي منصور محمد بن أحمد الأزهري، ولا أكملَ من المحكم لأبي الحسن عليِّ بن إسماعيلَ بن سِيدَه الأندلسي - رحمهما الله - ... غيرَ أن كُلاًّ منهما مطلبٌ عَسِرُ المهلك، ومَنهَلٌ وَعِرُ المسلك ... فأهمل الناس أمرهما، وانصرفوا عنهما، وكادت البلاد لعدم الإقبال عليهما أن تخلو منهما. وليس لذلك سببٌ إلا سوءُ الترتيب، وتخليطُ التفصيل والتبويب، ورأيت أبا نصرٍ إسماعيلَ بنِ حمادٍ الجوهريَّ قد أحسن ترتيب مختصره [يقصد معجم (الصَّحاح)] ... فَخَفَّ على الناس أمرُهُ فتناولوه ... غير أنه في جوِّ اللغة كالذرة، وفي بحرها كالقطرة، وإن كان في نحرها كالدرة ... فاستخرت الله - سبحانه وتعالى - في جمع هذا الكتاب المبارك، الذي لا يُسَاهَم في سعة فضله ولا يُشَارَك، ولم أخرج فيه عمَّا في هذه الأصول، ورتَّبتُهُ ترتيبَ الصِّحاح في الأبواب والفصول، وقصدت توشيحَهُ بجليلِ الأخبار، وجميلِ الآثار، مضافاً إلى ما فيه من آيات القرآن الكريم ... فرأيت أبا السعادات المباركَ بن محمدٍ بن الأثيرِ الجزري قد جاء في ذلك بالنهاية، وجاوزَ في الجودة حدَّ الغاية، غيرَ أنه لم يضع الكلمات في محلها، ولا راعى زوائد حروفها من أصلها، فوضعت كلاًّ منها في مكانِهِ، وأظهرته مع برهانِهِ ...

وليس لي في هذا الكتاب فضيلةٌ أَمُتُّ بها، ولا وسيلةٌ أتمسَّكُ بسببها، سوى أني جمعتُ فيه ما تفرق في تلك الكتب من العلوم، وبسط القول فيه ولم أشبع باليسير؛ وطالب العلم منهوم، فمن وقف فيه على صوابٍ أو زلل، أو صحةٍ أو خلل، فعُهدَتُهُ على المؤلف الأول، وحَمْدُهُ وذمُّهُ لأصلِهِ الذي عليه المُعَوَّل. لأنني نقلت من كلِّ أصلٍ مضمونَهُ، ولم أبدل منه شيئاً فيقال فإنما إثمُهُ على الذين يبدلونَهُ ... ) [مقتطفات من المقدمة: 1/ 7، 8].

وقال ابن حجر - رحمه الله - عن المؤلف: (وجمع في اللغة كتاباً سماه «لسان العرب» جمع فيه بين التهذيب والمحكم والصحاح والجمهرة والنهاية وحاشية الصحاح، جوَّدَهُ ما شاء، ورَتَّبَهُ ترتيب الصحاح) [انظر: الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة: 4/ 262، حرف الميم].

ولكنَّ المؤلفَ رتَّب هذه الكتب وجمعها على عِلاَّتها، ولم تكن له يدٌ في تبيين زَلاَّتها، رغمَ أنه قد تبرأ من هذه العِلاَّت في مقدمته - كما مرَّ -، لكن كان عليه التبيين والنصح للأخطاء التي وقع فيها سابقوه [فائدة: ذكر ابن حجر - رحمه الله - أنه كان عند ابنِ منظور تشيُّعٌ بلا رفض. انظر: الدرر الكامنة]، مع أنَّ تبرُّأه من ذلك لا يستقيم له، فإنه في بعض المواضع يكتب من كلامه وآرائه، ويسبقه بما يوضِّح ذلك، كقوله: (قال محمد بن المكرم) وما شابه ذلك.

ولما كان الأمر كذلك، بحثتُ في هذا الكتاب، فوجدتُ عدَّةَ مواضعَ، فيها من الأخطاء العَقَدِيَّة، ما يتوجب التنبيه، لأسباب:

الأول: أهمية العقيدة - كما سبق -، وأهمية الذَّبِّ عن جنابها.

الثاني: إبراء الذمة، فإن من رأى منكراً فعليه تغييره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه.

الثالث: انتشار هذا المعجم، والاعتمادية عليه.

الرابع: وقوع هذه الأخطاء في ثنايا المعجم دون تنبيه أو تصحيح أو تعليق.

وهذه المواضع التي جمعتُها قليل، وقد يكون فيما لم أطّلع عليه؛ شيءٌ من تلك الزَّلاَّت، لكن لا يكلِّف الله نفساً إلا وسعها.

وسيكون العزو إلى طبعة دار صادر (1414) مصورة عن طبعتهم الأولى (1410).

1/ ورد في لسان العرب: 1/ 651، مادة (غ ل ب):

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير