تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نقض التسمية شرعاً بليلة الثلاثاء تكاد تطبق عليه جميع النصوص الواردة المرفوعة للنبي صلى الله عليه وسلم والموقوفة على الصحابة، لكن هذا الفصل مسلَّطٌ على تحديد التسمية سواءً كانت وتراً كما ذكر الأخ ممدوح أم كانت شفعاً على خلاف رأيه، فما هو الاعتبار الشرعي الذي يجعلنا نبرهن بأنّ ليلة القدر لا تكون إلا ليلة ثلاثاء؟؟

المسألة الأولى:

فعندما تشهد لنا الشواهد الحسية أن ليلة القدر هي ليلة الثلاثاء على مر حقبة معينة من الزمن وكانت هذه الليلة على مر هذه الحقبة مرتبطة بالعلامة الشرعية لليلة القدر، وهذه العلامة ليست قطعية، فأين البناء الشرعي القاطع هنا لهذا التحديد؟

فعندنا الآن توافق في ظهور العلامة ليلة الثلاثاء حصل في سنوات معدودة، هذا التوافق ليس مقصداً شرعياً ولا قاعدة شرعية ولا وسيلة شرعية لإصدار حكم هذا أولاً، ثانياً: ظهور العلامة أمرٌ ليس مقطوع به لما يعتري هذه العلامة حال رؤيتها في كل السنوات من الاختلاف في الإشعاع ومقداره، فهذه الحالة لا تخرج عن كونها ظنَّاً يمكن الاستئناس بها والإشارة على الاحتمالية لا أكثر، دون القطع والجزم الذي يُعمل به ويُبطِل كل ما خالفه كما سيأتي.

وأخي الكريم ممدوح الجبرين يعتقد بأن هذا التوافق محل استنباط للحكم الذي رآه، والتوافق الذي حصل له هو لخمس سنين فقط، فهل هذه السنوات كفيلة لأن يقول حكم كهذا؟ سملًّتُ لك جدلاً أخي العزيز ممدوح أن هذا الاستنتاج الذي ظفرت به ليس لخمس سنوات فقط بل هو نتاج خبرة وتجربة خمسين سنة، أقول فيه أيضاً كما قلت في الخمس، فهو لا يعدو كونه توافقاً يُستأنس به، ولا يخرج من دائرة الاحتمالية والظن.

واعلم أخي الكريم ممدوح أن هذا التوافق لم يحصل لك فقط ولم تكن أنت أول من قطع غلاصمه، فقد حُكي عن ابن عباس رضي الله عنه مثل هذا التوافق (وفي صحته نظر) حيث قال: {سورة القدر ثلاثون كلمة، السابعة والعشرون منها (هي)} أي أنّ في كلمة (هي) في الآية إشارةٌ إلى أن ليلة القدر هي ليلة سبع وعشرين، ونقل هذا الكلام ابن حجر في الفتح (4/ 265) وأشار إلى استشهاد ابن قدامة له في المغني (4/ 451) وقال ابن حجر إن ابن حزم نقله عن بعض المالكية وبالغ في إنكاره، ونقله ابن عطية في تفسيره وقال: إنه من مُلَح التفسير وليس من متين العلم.

انظر أخي الكريم ممدوح على فرض صحة هذا الأثر عن ابن عباس انظر بماذا وجهه العُلماء؟ قالوا إنّه ليس من متين العلم ولم يبنوا عليه لا قطعاً ولا ظنّاً أنها ليلة السابع والعشرين، وهذا هو ابن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن يقول مثل هذا في كتاب الله ثم لا يعدو كون من ملح العلم وليس من متينه؟؟!! فتأمّل!!

فماذا عسانا أن نقول أخي أدام الله علينا وعليك لباس التقوى فيما أتيت به من توافق لا يعدو كونه احتمال مجرّد عن أي أدلة تخرجه من هذا الأمر؟!.

ولعلك تعرف التوافق الذي حصل فيما يزعمون أنه المعجزة التي حدثت في أعقاب 11 سبتمبر وآية التوبة رقم 110 التي تشير إلى عدد أبراج البناية التي اصطدمت وانهدمت، وأن هذه الآية في الجزء الحادي عشر. كذلك الأرقام المستنبطة من سورة الإسراء لتاريخ زوال إسرائيل والاستشهاد على هذا بشواهد حسية.

هذه الأمور المتوافقة تتفق مع نظريتك أخي العزيز ممدوح من ناحية أنها جاءت متوافقة لبعض الأحداث وارتبطت بعلاماتها، لكن من الفروقات التي بينها وبين نظريتك هي أن هذه التوافقات لا تبطل أموراً شرعية كما هي النظرية التي أتيت بها، وهذا سيتضح لك في فصول الباب الرابع.

المسألة الثانية:

تحديد النبي صلى الله عليه وسلم لعلامات ليلة القدر إذا تأملناها حق التأمل وتمعّنّاها حق التمعّن عرفنا أنّها مرتبطة بنهايتها، وأصح هذه العلامات ما جاء في صحيح مسلم أن الشمس في صبيحتها لا شعاع لها. فما الحكمة من وصف ليلة القدر ومعرفة علامتها البارزة بعد مضيها؟. وإليك العلامات الأخرى الواردة:

1 - في صحيح مسلم عن أبي بن كعب " أن الشمس تطلع في صبيحتها لا شعاع لها ".

2 - في رواية لأحمد من حديث أبي " مثل الطست ".

3 - ونحوه لأحمد من طريق أبي عون عن ابن مسعود وزاد " صافية ".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير