4 - ولابن خزيمة من حديث ابن عباس مرفوعا " ليلة القدر طلقة لا حارة ولا باردة , تصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة ". 5 - ولأحمد من حديث عبادة بن الصامت مرفوعا " إنها صافية بلجة كأن فيها قمرا ساطعا , ساكنة صاحية لا حر فيها ولا برد , ولا يحل لكوكب يرمى به فيها , ومن أماراتها أن الشمس في صبيحتها تخرج مستوية ليس لها شعاع مثل القمر ليلة البدر ولا يحل للشيطان أن يخرج معها يومئذ ".
6 - ولابن أبي شيبة من حديث ابن مسعود أيضا " أن الشمس تطلع كل يوم بين قرني شيطان , إلا صبيحة ليلة القدر ".
7 - ولابن أبي شيبة من حديث جابر ابن سمرة مرفوعا " ليلة القدر ليلة مطر وريح ".
وغيرها من الآثار التي تدل على علامات ليلة القدر، وهذه العلامات مرتبطة بالنهاية، وقد يشكل قوله " ساكنة صاحية لا حر فيها ولا برد "بأن هذا يتبين من نفس تلك الليلة لا في النهاية، والجواب: أن هذه العلامات كلها قد يحصل كلها أو بعضها، وقد لا تكون معرفة أول الليل باستواء الجو أمر يستمر إلى نهايته، أو العكس كذلك، فالحاصل أنه لا يمكن التيقن من معرفة هذه العلامات إلا بعد مضي الليلة كاملة وإشراق شمس صبيحتها فلنا حينئذ أن نقول: ليلة البارحة كانت مستوية الجو لا باردة ولا حارة، كما هو قولنا في سائر الأيام. وقال ابن حجر رحمه الله: (وقد ورد لليلة القدر علامات أكثرها لا تظهر إلا بعد أن تمضي). فلماذا لم يظهر لنا الشرع علامات قبل بداية ليلة القدر حتى يعلم المسلم أنها ليلة القدر الآتية بعد هذه العلامات فيظفر بها بالقيام دون بقية الليالي؟ لقائل أن يقول هذا مادام أن الشرع أوجد علامات لها، لماذا لا تكون قبلها؟ ومالحكمة من كونها بعدها؟.
فماذا نقول أخي الكريم ممدوح فيمن قطع وجزم بأنها ليلة الثلاثاء وبلاشك أننا عرفناها على هذه النظرية قبل أن تغرب شمس اليوم الذي قبل ليلة القدر؟.
فخلاصة ما تقدم من هذا الفصل أنّ التسمية تعدٍّ شرعي، وتطاول على النصوص الشرعية، كما سيأتي، فلو أردنا أن نستوحي الأسئلة المستنكرة على هذا الأمر وهو أن ليلة القدر هي ليلة ثلاثاء، خرجنا بما يلي:
س1: ما الدليل القاطع على التسمية؟
س2: لماذا لم تُسمَّ في النصوص الشرعية أو لماذا لم يُسمِّيها لنا من كان في القرون المفضلة التي هي خير القرون ومثل هذا الأمر لا تأتي به القرون المتأخرة متفضلة على القرون المتقدمة؟؟
س3: ثم ما الحكمة من ربطها بليلة ثلاثاء وترٍ في العشر الأواخر وشحذ الهمم لإثبات ذلك؟
ثم إذا كان العُلماء وهم هُداة الأمة وسُرُج كل ظلمة قد كرهوا القطع عندما يرى المسلم علامة ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر لسنة واحدة وليلة واحدة بأنها ليلة القدر دون تسمية، فكيف بمنّ سمّاها على مر الأزمان والعصور؟!.
هذا لا يقبل إلا من رجل ركب زورق رأيه وميوله وأبحر عن سفينة القوم من الصحابة والتابعين والسلف الصالحين الذين مازالوا يقودون الأمة إلى سفينة النجاة بهديهم وسنتهم.
الباب الثاني:
بيان بطلان هذه القاعدة والنظرية من أدلةٍ لم يتطرق لها الباحث غفر الله له
وتحت هذا الباب فصول:
الفصل الأول: الأدلة المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم
الفصل الثاني: الأدلة الموقوفة على أقوال وأفعال وفهم الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين
**تنبيه مهمّ **
هذا الباب هو في الاستدلال على بطلان القاعدة والنظرية من خلال الأدلة التي لم يتطرق لها الباحث لا توضيحاً ولا تبييناً، وقد تجد هذه الأدلة مسطرة في بحثه، لكنه لم يتعرض لها لا بشرح ولا توضيح، ولا تعتبر كل الأدلة التي ملأ بها الأخ العزيز بحثه دليلاً على ما أتى به، بل أغلبها دليلاً عليه، لذلك أدلة أخي ممدوح التي استدل بها – وهي قليلةُ جداً - سأتطرق لها في الباب الذي يلي الباب هذا، وهذا الباب هو في أدلة لم يتطرق لها وإن كان قد ذكرها في بحثه، فالعبرة في حجج المسائل العلمية هو الاستدلال ثم توجيه الاستدلال ثم الاستنتاج، لا في عرض الأدلة ثم تخريج النتائج مباشرة دون توجيه للأدلة، وهذا صنيع العُلماء وطلاب العلم قديماً وحديثاً ومن أنكر ذلك فالكتب بيني وبينه، وهذا الأسلوب يجعل القارئ على بينه من الدليل ومالمراد به.
الفصل الأول:
¥