تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فإذا علمت تمام هذه القصة وعلمت أن ابن عباس لم يقطع بها، وعلمتَ أن سؤال عمر رضي الله عنهم أجمعين ليس سؤالاً عن تسميتها بل عن تحديدها الشرعي الذي جاءت به الأدلة السابقة، عرفت بعد ذلك بطلان الاستدلال بهذا السؤال لعمر وأن سؤال عمر إنما هو دليل على العمل بالتحديد الشرعي، لا بالتسمية، والله أعلم.

الفصل الثالث

نقض الاستدلال بأقوال العُلماء الأجلاَّء

* كان من دوافع هذا الحوار مع أخي الحبيب ممدوح هو الدفاع عن الأئمة الأعلام ومنارات الإسلام، إضافةً إلى الدافع الأساسي وهو مناقشة عدم صحة هذه النظرية من الوجوه والتقاسيم التي ذكرتها.

فعندما يقرأ القارئ بحث الأخ ممدوح يظن أن هؤلاء الأئمة يقولون بهذه النظرية التي أتى بها الأخ الفاضل، وحتى لا يتوهم أحدٌ بذلك أفردت تفصيل تبرئتهم من هذه النظرية ذبَّاً عنهم ودفاعاً عنهم.

وتحت هذا الفصل مسائل:

المسألة الأولى: تبرئة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى من القول بهذه النظرية أو مقدماتها.

المسألة الثانية: تبرئة الإمام شرف الدين النووي رحمه الله من القول بهذه النظرية أو مقدماتها.

المسألة الثالثة: تبرئة الإمام ابن حجر العسقلاني رحمه الله من القول بهذه النظرية أو مقدماتها.

المسألة الأولى:

تبرئة شيخ الإسلام أحمد بن تيمية رحمه الله من القول بهذه النظرية أو مقدماتها

شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله براء من هذا القول، وقد قال بما يخالف مقتضى هذه النظرية وهذه القاعدة التي أتى بها الأخ ممدوح، وستعرف ذلك أخي القارئ من خلال الأمور التالية:

الأمر الأول: قال الأخ ممدوح حفظه الله: (قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله في مجموعة الفتاوى، المجلد 25 ص 285 و 286: فينبغي أن يتحراها المؤمن في العشر الأواخر جميعه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (تحروها في العشر الأواخر) وتكون في السبع الأواخر أكثر، وقد يكشفها الله لبعض الناس في المنام او اليقظه فيرى انوارها، او يرى من يقول له هذه ليلة القدر، وقد يفتح الله على قلبه من المشاهدة مايتبيّن به الامر. أيقول هذا شيخ الإسلام ثم تكون من علم الغيب؟)

القارئ لهذا الكلام يعتقد أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يرى أن تسمية ليلة القدر بليلة الثلاثاء ليست من العلم بالغيب، وما قال شيخ الإسلام إلا القول الذي فهمه الصحابة رضوان الله عليهم، حيث رأوا أن التحري بالعلامة الشرعية ليس علماً بالغيب، بخلاف التسمية التي هي من ضروب التنجيم والتكهّنّ، وشيخ الإسلام جعل العلامة الشرعية التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم هي التي يُلهمها المسلم وتكشف له سواء في المنام بأن يراها أنّها ليلة كذا، والرؤيا معتبرة شرعاً مالم تخالف القواعد الشرعية، أو في اليقظة بأن يوفّق لرؤية العلامة، لا أن يقارن بالحساب عدة سنوات ثم يأتي ويطبق هذا التوافق على الدهر كله ويبني فوق ذلك تخطئة المسلمين في صيامهم وإفطارهم.

هذا هو الذي قصد شيخ الإسلام رحمه الله وغفر له وجمعنا به في جنات النعيم مع النبيين والصديقين والصالحين.

الأمر الثاني: لو كان شيخ الإسلام رحمه الله يرى جواز تسمية ليلة القدر تحديداً باسم معيّن، لما قال هذا القول والذي نقلتُه لك سابقاً: قال في مجموع الفتاوى (284/ 25): (فأجاب: الحمد لله. ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان هكذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " {هي في العشر الأواخر من رمضان}. وتكون في الوتر منها. لكن الوتر يكون باعتبار الماضي فتطلب ليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين وليلة خمس وعشرين وليلة سبع وعشرين وليلة تسع وعشرين. ويكون باعتبار ما بقي كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " {لتاسعة تبقى لسابعة تبقى لخامسة تبقى لثالثة تبقى}. فعلى هذا إذا كان الشهر ثلاثين يكون ذلك ليالي الأشفاع. وتكون الاثنين والعشرين تاسعة تبقى وليلة أربع وعشرين سابعة تبقى. وهكذا فسره أبو سعيد الخدري في الحديث الصحيح. وهكذا أقام النبي صلى الله عليه وسلم في الشهر. وإن كان الشهر تسعا وعشرين كان التاريخ بالباقي. كالتاريخ الماضي. وإذا كان الأمر هكذا فينبغي أن يتحراها المؤمن في العشر الأواخر جميعه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " {تحروها في العشر الأواخر}) انتهى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير