ـ[عبدالباري]ــــــــ[26 - 08 - 05, 01:08 ص]ـ
الحمدلله و بعد،
أعلم أن مقالة الأخ حنبل قديمة، قبل نحو العام، و لكنني لاحظت خطأ وقع في أثناء تقرير الأخ الفاضل، و هو خطأ عرضي، لا يتعلق بأصل موضوع اعتبار غلاة الصوفية مشركين و عبادا للقبور، و هذا بيانه:
قال الأخ حنبل في تعليقه على قوله تعالى: ((و الذين تدعون من دون الله لا يخلقون شيئا و هم يخلقون. اموات غير احياء. و ما يشعرون إيان يبعثون)): "و الاهم من ذلك إن اموات غير احياء لا يصح إضافتها إلى الاحجار التى صنع منها الصنم إذ هى جماد لا يصح وصفة بالحياة و لا بالموت فلم يبق إلا أن الكلام متعلق بالصالحين الذين نحتت الاصنام على صورهم ... " اهـ.
ليقارن هذا، بتقرير شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في التدمرية أثناء رده على المتكلمين:
"يلزمكم أن تكون الجامدات لا توصف بأنها لاحية ولا ميتة ولا ناطقة ولا صامته وهو قولكم - لكن هذا اصطلاح محض - والا تصفوا هذا الجمادات بالموت والصمت، وقد جاء القرآن بذلك قال تعالى: {والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون * أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون} فهذا في (الأصنام) وهي من الجمادات وقد وصفت بالموت، والعرب تقسم الأرض الى الحيوان والموتان.
قال أهل اللغة: الموتان بالتحريك خلاف الحيوان يقال اشتر الموتان والا تشتر الحيوان أي اشتر الأرض والدور ولا تشتر الرقيق والدواب، وقالوا أيضا: الموات ما لا روح فيه فإن قيل: فهذا يسمى مواتا باعتبار قبوله (للحياة) التي في إحياء الأرض: قيل وهذا يقتضي أن الحياة أعم من حياة الحيوان وأن الجماد يوصف بالحياة إذا كان قابلا للزرع والعمارة.
والخرس ضد النطق والعرب تقول (لبن أخرس) إي خائر لا صوت له في الإناء (وسحابة خرساء) ليس فيها رعد ولا برق (وعلم أخرس) إذا لم يسمع له في الحبل صوت صدى ويقال (كتيبة خرساء) قال أبو عبيدة: هي صمتت من كثرة الدروع ليس لها فقاقع .... " اهـ.
و الله أعلم.
ـ[حارث همام]ــــــــ[27 - 08 - 05, 06:44 م]ـ
أولاً:
أنبه هنا الأخوة إلى أهمية الإنصاف، ولهذا سطرت الرد ابتداء على تعقيب (أهل الحديث) فإن تعميم بعض المشايخ وطلاب العلم يثمر مثل هذه النتيجة من الفهم والتي تبناها الأخ حنبل وفقه الله.
ثانياً:
الأخ حنبل -وفقه الله- لنفترض أن معاشر المتأخرين وقفوا على ما لم يقف عليه شيخ الإسلام ولا غيره ممن أثنوا عليهم من علماء الإسلام.
وأذكرك بشيء مما نقلته لك قديماً:
"
- قال محمد بن عبيد الله المنادي: كان الجنيد بن محمد بن الجنيد قد سمع الحديث الكثير من الشيوخ وشاهد الصالحين وأهل المعرفة ورزق من الذكاء وصواب الجوابات في فنون العلم ما لم ير في زمانه مثله ثم أحد من قرنائه ولا ممن أرفع سنا منه ممن كان ينسب منهم الى العلم الباطن والعلم الظاهر في عفاف وعزوف عن الدنيا وأبنائها لقد قيل لي إنه قال ذات يوم كنت أفتي في حلقة أبي الفقيه ولي عشرون سنة (تاريخ بغداد 7/ 242).
- وقال جعفر بن محمد الخلدي: لم نر في شيوخنا من اجتمع له علم أبي القاسم الجنيد والا فأكثرهم كان يكون لأحدهم علم كثير ولا يكون له حال وآخر يكون له حال كثير وعلم يسير وأبو القاسم الجنيد كانت له حال خطيرة وعلم غزير فإذا رأيت حاله رجحته على علمه وإذا رأيت علمه رجحته على حاله (تاريخ بغداد 7/ 244).
- قال عنه أبونعيم في الحلية: " ومنهم المربي بفنون العلم المؤيد بعيون الحلم المنور بخالص الإيقان وثابت الإيمان العالم بمودع الكتاب والعامل بحلم الخطاب الموافق فيه للبيان والصواب أبو القاسم الجنيد بن محمد الجنيد كان كلامه بالنصوص مربوطا وبيانه بالأدلة مبسوطا فاق أشكاله بالبيان الشافي واعتناقه للمنهج الكافي ولزومه للعمل الوافي" (10/ 255).
- وقال عنه الذهبي: " الإمام القدوة المحدث أبو القاسم القايني نزيل هراة وشيخ الصوفية" (السير 20/ 272).
- وقال ابن النجار كان فقيها فاضلا محدثا صدوقا موصوفا بالعبادة تفقه على أبي المظفر وحصل الأصول وسمع بقاين من الحسن ابن إسحاق التوني روى عنه ابن ناصر وابن عساكر ... (السابق).
- وقد ترجم له ابن مفلح في المقصد الأرشد ولم يذكره إلاّ بخير.
- قال عنه السمعاني في التجبير ص167: " كان اماما فاضلا متقنا ورعا عالما عاملا بعلمه كثير العبادة دائم التجهد والتلاوة تفقه على جدي الإمام أبي المظفر السمعاني على أبي الفرج عبد الرحمن بن أحمد الزاز السرخسي وغيرهما وشيخه في التصوف عبد العزيز بن عبد الله القايني وكان شيخ الصوفية"، وقد ذكر جمهرة من شيوخه الذين أخذ عنهم فلينظرها طالبها.
- قال عنه ابن كثير [ترجمته في تاريخه البداية والنهاية 11/]: "ففتح عليه من العلم النافع والعمل الصالح بأمور لم تحصل لغيره في زمانه وكان يعرف سائر فنون العلم وإذا أخذ فيها لم يكن له فيها وقفة ولا كبوة حتى كان يقول في المسألة الواحدة وجوها كثيرة لم تخطر للعلماء ببال وكذلك في التصوف وغيره".
- وقال أيضاً: " والصحيح أنه كان على مذهب سفيان الثوري وطريقه والله أعلم".
وثناء شيخ الإسلام ابن تيمية والإمام ابن القيم عليه أكثر من أن يذكر وهو معروف فشهرته تغني عن حكايته".
ومع ذلك لا مانع من أن نتحاور حول ماذكرت فهات الإسناد الذي بنيت عليه حكمك مخالفاً لؤلئك الأئمة ومخالفاً للشيخ ابن إبراهيم وللشيخ ابن جبرين وللشيخ عبدالعزيز الراجحي وغيرهم من علماء الأمة المعاصرين. وهبك أثبت الزندقة على الجنيد وهيهات هيهات! هل تستطيع أن تثبتها على طبقته من المتقدمين!! إذا لا فكيف تعمم الحكم يرحمك الله؟!
وبسم الله نبدأ:
1 - هات سند ما نسبته للجنيد واحكم عليه، وإلاّ فاعلم أنه لاينفعك عند الله أن تقول وجدت الناس يقولون شيئاً فقلته!
2 - زعمت أنه من المعلوم أن الشبيلي كان على مذهب الحلاج وأن الفقهاء قد أجمعوا على كفره. أثبت الدعوى وأثبت الإجماع.
3 - أما ما نقلته عن الغزالي وأمثالهم من المتأخرين فخارج موضوعنا، فإذا انتهينا من المتقدمين يمكن أن نتحدث عن الحكم على أبي حامد وأمثاله، وعلى المتأخرين كذلك.
وفقكم الله
¥