تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لو اختلفنا فقلت: زيد من الناس مبتدع، وقلت ليس بمبتدع، أو قلت: كافرٌ، وقلت ليس بكافر، أو قلت عاص وقلت ليس بعاص فمن المطالب بإثبات الدليل؟ الذي يجري له عقد الإسلام كما هو أم من ينفيه أو ينتقصه ببدعة أو معصية طارئة على عقد الإسلام؟

ومع هذا كلمات الثناء على رجالات تلك الطبقة أشهر من أن يذكر وإذا كان الحوار موقوفاً عليها، فسوف أنقل لك ثناء الأئمة الثابت على أئمتهم فهل تسلم به بعدها؟

قلت: "ثم زاد استغرابي عندما رأيتك تنكر ثبوت ما ذكرة الامام مالك في حق الصوفية بسبب رواية و تغفل رواية صحيحة اخرى تساندها و تعضدها ".

أسألك بالله هل راجعت تلك الرواية لتعرف سندها؟

أما صاحبك فقد راجع كلا النقلين، وأما النقل الثاني الذي ذكرت أنه صحيح، فقد راجعت فيه نسختين لترتيب المدارك ولم أكتف بواحدة، وتبين لي بجلاء أن الراوي عنه واحد هو النصيبي تصحف في بعض طبعات ترتيب المدارك إلى المسيبي (وهذه شخصية لا وجود لها بين أصحاب مالك). أما من زعم أنه التنيسي فالذي يظهر أنه قد أخطأ.

والمطلوب منك أن تراجع المطبوع ليس إلاّ قبل أن تتهم غيرك يرحمك الله.

ثم اعلم –أخي الفاضل- بأن القاضي عياض لم يسند ذلك الأثر عن الراوي سواء أكان النصيبي أو المسيبي أو التنيسي فبفرض التسليم الجدلي (ليس إلاّ) بأن الراوي هو التنيسي فإنه قد مات رحمه الله عام 218، والقاضي عياض رحمه الله ولد عام 476، فبينهما قرون يرحمك الله، أما الشاطبي (ت: 790) فضرب من الخيال أن يقال أسنده في الاعتصام، فهلا أبنت لي كيف ثبت السند عندك؟

وقد ذكرت لك قول شيخ الإسلام ابن تيمية –وحسبك به من إمام عارف بالمذاهب والرجال- أن هذا الغناء والتواجد والرقص إنما حدث في القرن الثالث أي بعد أن مات الإمام مالك رحمه الله.

واعلم أخي الكريم أن أثر الإمام أحمد في قولته: دعهم يفرحون ساعة على نكارته هو أثبت من الأثر المنسوب إلى الإمام مالك هذا، فعلى الأقل له سند معروف وإن جهل حال بعض رواته. وأنا هنا لا أحتج عليك به ولكن أبين لك إن كان ذلك منهجك في قبول الآثار فقد يحتج عليك أحدهم بأثر الإمام مالك ولن تستطيع له دفعاً وفقاً لمنهجك هذا.

ثم هب أن الأثر المذكور عن الإمام مالك ثبت، فهل يفهم منه ذم كل الصوفية أو هي طائفة من العوام مخصوصة بفعل معين، وما هو الشاهد في الكلام على الجواب؟

ما يظهر بجلاء هو أنك لم تثبت ولن تثبت أن جميعهم كان يفعله فضلاً عن أئمتهم الذين نص شيخ الإسلام على عدم حضورهم له بل أثر عنهم ذمه [أعني التغبير المختلف فيه لا الغناء والرقص].

ثم هل يدل الأثر أن الإمام يعرف (تلك الطائفة المخصوصة) بذلك مسبقاً أو أنه لايدري من هم إلاّ بما عرفهم به الرجل المجهول؟

وأما قولكم –أخي الفاضل- إنكم اتصلتم بشيخ إلى آخر ما نقلتموه عنه.

فأقدر رأي الشيخ وأحترم وجهة نظره، وأسأل الله أن ينفع به وبعلمه.

وبعد الرجوع للاعتصام لم أجد للأثر المشار إليه أثر، فهل ثبت عندك أو عند الشيخ من طريق صحيح؟ أرجو الإفادة. علما بأن صاحب الاعتصام مات عام 790 عليه رحمة الله وعادته أنه لايسند الأخبار

ومع ذلك ربما تكون مراجعتي للاعتصام عجلة فأرجو أن تراجعه بنفسك وأن تذكر لي بعدها أين أجد الأثر فيه.

والشيخ المذكور لا أعرفه ولكن أحسن به الظن فإن كنت ترجحه على من نقلت كلامهم من المشايخ كابن جبرين، والراجحي، والعلامة محمد بن إبراهيم، من المعاصرين فلك أن تقلده –على مذهب- وأن تلتزم رأيه، ولكن فرض المقلد التقليد، أما أن يكون المقلد مناظراً عن مقلده داعياً لرأيه فاللهم لا.

قلتم: "و الان اخي ماذا تقول عن رواية مالك التي نقلها القاضي عياض في ترتيب المدارع عن عبد الله بن يوسف التنيسي و الذي انقل لك بعد ما قاله الائمة عنه في تهذيب الكمال 16/ 334 – 336

... "إلخ.

سبق جوابه: ثبت العرش ثم انقش، والتنيسي لا يخفى شأنه على صغار طلاب علم الحديث الشريف الذين أرجو أن أكون منهم! كما لايخفى أمر الزهري من شيوخ مالك! ومن غير المجدي أن أنقل لك ما قيل فيه هنا!

فإن كنت تزعم أنه صح عنه فهات سندك بالقصة إليه. بعد أن تثبت نسبتها إليه.

وقبل أن ننتقل إلى مناقشة غير هذه المسألة هل أعتبر المسألة الأولى قد انتهت بأن لم تعثر على نقل يفيد صحة ما نقلته عن زندقة الجنيد –رحمه الله؟

وهل تراه الآن على أصل عقد الإسلام لاتصح نسبته إلى بدعة فضلاً عن زندقة؟

أخي الكريم ليس في الاعتراف بالحق أو الرجوع عن الخطأ غضاضة، ولكن الغضاضة كل الغضاضة في الإصرار عليه، وأرجو أن لا أكون ولا تكون ممن يصرون مستكبرين، وفقني الله وإياك لما فيه رضاه والسلام.

ـ[ذو المعالي]ــــــــ[03 - 09 - 05, 03:17 م]ـ

حوارٌ جميلٌ بين فاضلين كريمين، و يُؤتي ثماره بعد حين بإذن ربهما تعالى، و لعلَّ من كرمِ الأخوين الإذنُ للفقير بإضافةِ شيءٍ قَدْ يُفيدُ في تحرير محالِّ النزاع، و هو:

أولاً: التصوف من حيث أصله قد سلكه أهل القرون الأولى، مع تجريده من الاسم،و الذي قد يطمسُ المعالم _ و لا غَرْوَ فنحنُ في زمن المظاهر لا المخابر، و المباني لا المعاني _، فلا سبيل لإنكاره و تقبيحه.

ثانياً: من حيثُ ما طرأَ عليه، و صرفه عن قطعيات الدين المجمع عليها بين أهل الملة _ بلا استثناء _، و على وَفْقِ ما هو مقرر و محررٌ لدى أهل التفسير و الحديث و الفقه و غيرها من علوم الشريعة الأصلية و الآلية، من حيثُ هذا و ذاك الطاريءِ فإنه مما يجبُ إنكاره، على الاتفاق بأنه مما أجمع على إنكاره.

ثالثاً: ما كان طارئاً و ليس مما أجمعَ عليه، فإنَّ الأمرَ فيه خلافٌ، و لكل مشربه و مذهبه و منهجه، و لا أظنَّ أن هناك مسألةً نخالفُ فيها الآخر _ من أهل العلم و الصلاح _ ليس له فيها دليل معتبر، و لا إمام معولٌ عليه، و الشأنُ هنا أن يُعملَ في ذلك منهج الحوار و المناظرة و النقاش قصداً للحق ليس إلا.

رابعاً: ليُعلم أن في كلا الطرفين _ الصوفية و خصومهم _ مَنْ غلا و أفرط في حقِّ الآخر، و لا عبرةَ بهم، و العبرةُ إنما تكون بالنظر في المنهج، و دراسة كتب القوم _ من كل الطرفين تجاه الطرف الآخر _ و الحكم على المنهج لا على تصرفات الأفراد.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير