تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما التغبير فق نقلت عن الإمام أحمد كلاماً كان من نصه: "وأما التغبير فقد ثبت عنه قولاً آخر -بعد أن استمع للحارث المحاسبي ولآخرين- وهذا معروف في كتب الحنابلة، نقل ابن مفلح وغيره أنه كره التغبير ونهى عن استماعه وقال: بدعة ومحدث. ونقل أبو داود: لا يعجبني، ونقل يوسف: لا يستمعه، وقيل: هو بدعة؟ قال: حسبك. قال في المستوعب منع من اسم البدعة عليه ومن تحريمه، لأنه شعر ملحن كالحداء، والحدو للإبل ونحوه، واحتج قبل هذا بكراهة أحمد له على تحريم الغناء، ومن علم أنه إذا سمعه زال عقله حرم، وإن كان تارة وتارة لم يكره، ذكره في الفنون، ويتوجه: يكره، قال: والوعاظ المنشدون لغزل الأشعار وذكر العشاق كالمغني والنائح يجب تعزيرهم، لأنهم يهيجون الطباع. ونقل إبراهيم بن عبد الله القلانسي أن أحمد قال عن الصوفية: .. إلخ ما تعرفه.

وخبر رجوع الإمام أحمد عن القول بأن التغبير بإطلاق بدعة معروف، أما اشتهاره واستفاضته فأكثر مما ثبت بغير سند وزُعم أنه مستفيض عن مالك! فهذا كثير من كتب الحنابلة الأصول يذكره. ومع ذلك فقد أشار إلى ما يثبته الخطيب البغدادي في ترجمة ابن الخبازة بسند صالح إن شاء الله، وكذلك ما نقل من خبر الحارث بسند صحيح إن شاء الله، فالأقرب أن الإمام مال إلى التفصيل فيه بعد". وكلام شيخ الإسلام ابن تيمية في التفصيل فيه معروف.

وهنا أستدرك فأقول: خبر الحارث لامدخل له في مسألة التغبيير فليتنبه إلاّ أنه يبين وجه ذم الإمام أحمد له وأنه ليس لما كان فيه من زهد وعبادة عليها أئمة المتصوفة في ذلك العصر بل لما وقع فيه من كلام.

أما خبر ابن الخبازة فقد رواه الخطيب قال أخبرنا محمد بن علي بن الحسين التوزي حدثنا يوسف بن عمر القواس قال سمعت أبا بكر بن مالك القطيعي يحكى أظنه عن عبد الله بن أحمد قال كنت ادعو بن الخبازة وكان أبي ينهانا عن التغبير فكنت إذا كان عندي أكتمه من أبي لئلا يسمع قال فكان ذات ليلة عندي وكان يقول فعرضت لأبي عندنا حاجة وكانوا في زقاق فجاء فسمعه يقول فتسمع فوقع في سمعه شيء من قوله فخرجت لأنظر فإذا بأبي يترجح ذاهبا وجائيا فرددت الباب ودخلت فلما أن كان من الغد قال لي يا بني إذا كان مثل هذا نعم هذا الكلام أو معناه.

ولعل هذا سند صالح للاعتبار إن شاء الله فالقاضي التوزي فيه جرح خفيف لوهم أثر عنه ووثقه غير واحد فلا تخرج روايته عن حد الحسن.

فتبين من هذا أن الحكم على التغبير مسألة لايسلم الحكم على المخالف فيها بزندقة،

فهل توافق –أحسن الله إليك- على هذا أولا؟

إذا قلت أوافق فالحمد لله، وخير لك بعدها أن تحمل كلام الشافعي على ماوُجِه به فأنكرته –حفظك الله- بغير مسوغ ظاهر. فإن من عَرف لسان العرب أردك أن كلام الإمام مطلق يصح حمله كما خرجته للأخ حنبل سابقاً على طائفة مخصوصة، وليس فيه من ألفاظ العموم شيء.

ثم إن رددت هذا الذي دل عليه نصه يرجع السؤال ماذا تقول في قول الشافعي:

- أهو باطل؟ فليس كل من أحدث التغبير زنديق؟

- أم أن كل من أحدث التغبير زنديق؟

وإذا قلت يحكم على محدث التغبير بالزندقة فما هي حجتك؟ أهو إجماع أم كتاب أم سنة؟

ثم إذا أتيت بالحجة قيل لك: إن أئمة التصوف المتقدمين أنكروه، وأجل من روي عنه سماعه روي عنه الرجوع عنه، وقد نص على ذلك الأئمة كشيخ الإسلام ابن تيمية، بل ابن الجوزي قريباً من الموضع الذي نقل فيه عن مالك والشافعي!

وإذا كان الأمر كذلك فأبن –أيها الشيخ الكريم- كيف أنزلت كلام الإمام الشافعي على أئمة تلك الطبقة؟ والانصاف عزيز.

أما النصوص الأخرى فقد صححتُ نسبتها للشافعي أُنفاً فلا أدري لم تذكرها ههنا، وتقول بأني رددتها! غير أثر ابن المولد وما حكاه ابن الجوزي الذين لاتبدو صحتهما حتى اللحظة ولم تنقل فيهما مايذكر.

ألم يكن الأجدر أن تبين وجه الدلالة فيها على أن الصوفية المتقدمين مبتدعة؟

أما الذم فهو منقول عنه رحمه الله وما يفهم منه اتهام من عاصرهم بالسزاجة والبله، دون البدعة والزندقة، فهل عندك نقل عن الشافعي في حكمه عليهم حكما شرعيا؟

ثم هل حقاً تعتقد بأن كل من تصوف في تلك القرون كأمثال معروف الكرخي والفضيل بن عياض وبشر الحافي وعتبة الغلام وسري السقطي والجنيد بن محمد ... فهم ما بين مجنون أو غير عاقل أو أحمق؟ بل كافة الطبقة الأولى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير