تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما ما ذكرته حول الفضيل بن عياض وبشر الحافي فمتأخروا الصوفية ومتقدميهم الذين ألفوا في تراجمهم أجمعوا على أنهم منهم، ثم هم شيوخ من جاء بعدهم فسري السقطي صاحب بشر ومن ملازميه والجنيد من أصحاب السري، وعلى كل حال كونك لا تراهم منهم لايؤثر في المسألة كثيراً إن سلمتهم من البدعة وإن خولفوا في بعض الاجتهاد فلا مشاحة في الاصطلاح حينها، فما كتبتُ ردودي هذه إلاّ ذبا عن أعراض أولئك المتقدمين الذين نقل ما يفهم منه في حقهم ما لاينبغي.

غير أنه يحسن التنبيه هنا إلى أن التصوف اصطلاح وأهل هذا الاصطلاح يجمعون على أن أولئك داخلون فيه، وأنت تريد أن تخرجهم منهم لأنك قررت أصلاً لم يسبقك له إمام محقق -[أعني رميهم بالبدعة عموماً لواحد منهم]- مخالفاً لاصطلاح القوم لماذا لأنك اعتقدت أولاً ثم نظرت ثانياً وهذا لاينبغي في حقك. بل ينبغي أن تنظر في اصطلاحهم –عوضاً عن مغالطته- ثم تحكم عليه مفصلاً كما هو شأن المحققين من أهل العلم.

وقد نص على من أخرجتهم من التصوف أنهم من جملة المتصوفة أهل العلم، كشيخ الإسلام ابن تيمية ووافقه مؤرخ الإسلام أحمد البلوي المعروف بالبرزلي جاء في فتاواه (ط دار الغرب 6/ 203):

"وأهل التصوف ثلاثة أصناف:

1 - قوم على مذهب أهل الحديث والسنة، كهؤلاء المذكورين [قال حارث وهؤلاء المذكورين الذين سماهم فيهم من زعمت أنهم ليسوا صوفية فقد ذكر الفضيل بن عياض، وإبراهيم بن أدهم، والداراني، ومعروف الكرخي، والسقطي، والجنيد، وسهل بن عبدالله، وعمر بن عثمان المكي ونعتهم بالتصوف قبلها]. ثم إذا كان ابن الجوزي يقرر أن اسم التصوف ظهر قبل المائتين فمن هم رجاله ياترى قبلها إن لم يكونوا هؤلاء؟!

2 - وقوم على طريقة بعض أهل الكلام من الكلامية وغيرهم.

3 - وقوم خرجوا إلى طريق الفلسفة مثل من سلك مسلك رسائل إخوان الصفا ... " راجعه لزاماً.

أما القول بأن كل أصحاب الفرق الباطنية كانوا كانوا في الأصل من أصحاب السري والجنيد ... فتلك دعوى لابأس من تباحثها، على أن رأسي المعتزلة كانا من تلاميذ إمام السنة الحسن البصري، فهل يقدح هذا فيه عندكم؟ وهكذا حال كثير من الزائغين المنحرفين ولهذا صح وصفهم بالزيغ والانحراف عن السنة وأهلها.

وأما ترجمة الحلاج فقد قرأتها –بحمد الله- في غير موضع وها أنا أستجيب لدعوتك الكريمة فأقرؤها ثانية من السير وأنقل لك منها قول الذهبي: "وتبرأ منه سائر الصوفية والمشايخ والعلماء" [السير 14/ 314].

وقال نقلاً عن ابن الوليد: "كان المشايخ يستثقلون كلامه، وينالون منه".

ونقل أيضاً: " .. أبو عبدالرحمن السلمي، أخبرنا محمد بن الحضرمي، عن أبيه، قال كنت جالسا عند الجنيد، إذ ورد شاب عليه وجلس ساعة، فأقبل عليه الجنيد فقال له سل ما تريد أن تسأل!

فقال: له ما الذي باين الخليقة عن رسوم الطبع؟

فقال الجنيد: له أرى في كلامك فضولا، لم لا تسأل عن ما في ضميرك من الخروج والتقدم على أبناء جنسك؟

فأقبل الجنيد يتكلم، وأخذ هو يعارضه، إلى أن قال له الجنيد أي خشبة تفسدها يريد أنه يصلب".

ونقل كذلك تكفيره عن بعض أئمة المتصوفة وكل هذا في ترجمته التي أحلت عليها!

ولعل مما لايعلم عنه أنه كان يبدي للعامة أنه متصوف ليغرهم، كما يظهر لآخرين كالسلاطين والشيعة أنه منهم [الأصفهانية 115]. ذكر ذلك شيخ الإسلام وذكر أيضاً أن من غالية الشيعة من يعتقد ألوهيته [2/ 296].

قال شيخ الإسلام: "وليس أحد من مشايخ الطريق لا أولهم ولا آخرهم يصوب الحلاج في جميع مقاله، ... " ...

وتبرؤهم منه معروف محفوظ فلماذا ذكرته!

ثم قلتم: "ونحنُ عندما نقف على وصف ما كان عليه الجنيد من العبادة والزهد وسمو الأخلاق لا يسعنا إلاّ أن نشهد له بذلك، وبالمقابل إذا قرأنا بعض أقواله التي ليست من معين الهدي المحمّدي فلا يسعنا إلاّ أن ننكر عليه ذلك".

ليس هذا محل الخلاف ولكن هل تبدع مثل هذا أو تقول اجتهد فأخطأ كما اجتهد كثير من العلماء فأخطأ؟

وهل تثبت عنه كل ما ينسب إليه من المجاهيل وما كذب عنه بدعوى الاستفاضة! أم تتحرى عندما تنسب بدعة أو كفر إليه؟

ثم قلتم: "وبالمناسبة إنّ ماذكره الأخ حارث عن المحاسبي والقشيري و أبي نُعيم لا نسلّم له به".

دعني –أخي الفاضل- من أمر الحارث الآن فإن لي فيه تعقيب وموضوع أحيلك على رابطه ولك أن ترد على أن تناقشه نقاشاً علمياً:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير