تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

واسمع قوله: "ولأجل ما وقع في كثير منهم من الاجتهاد والتنازع فيه، تنازع الناس في طريقهم، فطائفة ذمت الصوفية والتصوف، وقالوا إنهم مبتدعون خارجون عن السنة، ونقل عن طائفة من الأئمة في ذلك من الكلام ما هو معروف، وتبعهم على ذلك طوائف من أهل الفقه والكلام، وطائفة غلت فيهم، وادعوا أنهم أفضل الخلق وأكملهم بعد الأنبياء، وكلا طرفي هذه الأمور ذميم".

وهذا صريح في أن ما نقل عن الأئمة من قول بتبديعهم –بغض النظر عن ثبوته من عدمه- ذميم. والحديث هنا عن التصوف والصوفية في عصورها الأولى.

قال عليه رحمة الله: "والصواب أنهم مجتهدون في طاعة الله، كما اجتهد غيرهم من أهل طاعة الله، ففيهم السابق المقرب بحسب اجتهاده، وفيهم المقتصد الذي هو من أهل اليمين، وفى كل من الصنفين من قد يجتهد فيخطىء، وفيهم من يذنب فيتوب، أو لا يتوب، ومن المنتسبين إليهم من هو ظالم لنفسه، عاص لربه، وقد انتسب إليهم طوائف من أهل البدع والزندقة، ولكن عند المحققين من أهل التصوف ليسوا منهم كالحلاج مثلا، فإن أكثر مشايخ الطريق أنكروه، وأخرجوه عن الطريق مثل الجنيد بن محمد سيد الطائفة، وغيره، كما ذكر ذلك الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي فى طبقات الصوفية، وذكره الحافظ أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد.

فهذا أصل التصوف ثم إنه بعد ذلك تشعب وتنوع .. ".

فهل هذا الكلام واضح وصريح في مبتدئهم أو لا؟

وقال في موضع: "ثم الصوفية المشهورون عند الأمة الذين لهم لسان صدق في الأمة لم يكونوا يستحسنون مثل هذا بل ينهون عنه".

وقال في معرض حديثه عن المتكلمين وأقسامهم:

"ثم هم إما قائمون بظاهر الشرع فقط كعموم أهل الحديث، والمؤمنين الذين في العلم بمنزلة العباد الظاهرين في العبادة، وإما عالمون بمعاني ذلك، وعارفون به، فهم في العلوم كالعارفين من الصوفية الشرعية، فهؤلاء هم علماء أمة محمد المحضة، وهم أفضل الخلق، وأكملهم، وأقومهم طريقة، والله أعلم".

فماذا بعد هذا؟

وقال في الاستقامة: "الثابت الصحيح هو أن الذي عن أكابر المشايخ يوافق ما كان عليه السلف، وهذا الذي كان يجب أن يذكر.

فإن في الصحيح الصريح المحفوظ عن أكابر المشايخ، مثل الفضيل بن عياض، وأبي سليمان الداراني، ويوسف بن أسباط، وحذيفة المرعشي، ومعروف الكرخي، إلى الجنيد بن محمد، وسهل بن عبدالله التستري، وأمثال هؤلاء ما يبين حقيقة مقالات المشايخ".

ماذا يفهم من هذا؟

وماذا يفهم من قوله: "كان مشايخ الصوفية العارفون أهل الاستقامة يوصون كثيراً بمتابعة العلم ومتابعة الشرع .. ". وضع خطاً تحت قوله أهل الاستقامة.

وماذا يفهم من قوله في منهاج السنة أيضاً: "وكذلك جماهير أهل السنة من: أهل الحديث، والفقه، والتفسير، والتصوف، لا يقرون بهذه الأقوال المتضمنة للخطأ".

أفلا يدل ذلك على أنه يعتقد بأن من جماهير أهل السنة أهل تصوف؟ أليس هذا نصه؟

وقال: "هذا وشيوخ التصوف المشهورون، من أبرأ الناس من هذا المذهب، وأبعدهم عنه، وأعظمهم نكيراً عليه وعلى أهله، وللشيوخ المشهورين بالخير كالفضل بن عياض، وأبي سليمان الداراني، والجنيد بن محمد، وسهل بن عبد الله التستري، وعمر بن عثمان المكي وأبي عثمان النيسابوري، وأبي عبد الله بن خفيف الشيرازي، ويحيى بن معاذ الرازي، وأمثالهم من الكلام في إثبات الصفات والذم للجهمية والحلولية مالا يتسع هذا الموضع لعشره، بل قد قيل للشيخ عبد القادر الجيلي قدس الله روحه هل كان لله ولي على غير اعتقاد أحمد بن حنبل؟ فقال: لا كان ولا يكون".

فماذا ترى يرحمك الله؟

أما حديثه عن بعض أعلامهم فكثير وأذكر فيما يلي خمسة نقول عن أحد الذين اتهموا هنا وهو الجنيد رحمه الله:

1 - قال في موضع وهو يتحدث في القدر: "فمن سلك مسلك الجنيد من أهل التصوف و المعرفة كان قد اهتدى و نجا و سعد.

ومن لم يسلك في القدر مسلكه، بل سوى بين الجميع لزمه أن لايفرق بين الحسنات و السيئات، وبين الأنبياء و الفساق، فلا يقول إن الله يحب هؤلاء، و هذه الأعمال ولا يبغض هؤلاء".

فانظر كيف جعل من التزم مسلكه في القدر قد اهتدى ونجا وسعد!

2 - وقال:"وكان الجنيد رضي الله عنه سيد الطائفة".

فهل تراه يترضى على مبتدع؟

3 - وقال عنه: "ولهذا كان العارفون كالجنيد بن محمد قدس الله روحه لما سئل عن التوحيد .. ".

4 - وقال:"فإن الجنيد قدس الله روحه، كان من أئمة الهدى".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير