تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم قال ص3: "وبعض الباحثين الأروبيين يردها إلى الكلمة الإغريقية (سوفوس) بمعنى (ثيو صوفي) ". ثم ذكر رد الألماني الشهير اثيودور نولدكه على هؤلاء.

ثم قال ص11: "برهن البحث الحديث، على أن أصل الصوفية لايمكن أن يرد لسبب واحد محدود، ومن هنا لم يرتض باحث منصف، هذه التعميمات الجارفة، من أمثال أنها رد فعل العقل الآري تجاه الدين السامي الفاتح، أو أنها ليست إلاّ نتاجاً خالصاً للفكر الفارسي أو الهندي، وأمثال هذه الأحكام وإن لم يكن لها نصيب من الصحة، تغفل البديهية التي تحتم لإقامة رابطة تاريخية بين (أ) و (ب) أنه لايكفي أن تستدل بشبه أحدهما للآخر ... ". مع أن نكسون يرى تأثر الزهاد الأوائل –سواء اتفقنا على نسبتهم إلى التصوف أو لم نتفق .. وسواء كان زهدهم صحيحا شرعيا أو باطلا- بالروح النصرانية، ولكنهم في أول أمرهم لم يكن فرق بينهم وبين من يسميهم متعصبي أهل السنة، أما اشتقاق الكلمة فلا يظهر قوله به. رغم تأكيده على تأثر المتأخرين بالديانات الأخرى ومن ثم تمجيد هذا الأخير، بينما يسمون التيار السلفي بالجمود تارة ويغفلونه تارة أخرى.

أقول: وينبغي أن يتأكد هذا الرفض للاشتقاق من الكلمات الأعجمية عند أولئك الذين كانت غاية دعوتهم في إبطال النسبة إلى الصفة والصفاء، ونحوهما الاشتقاق اللغوي، فهذه وإن كان يأتي عليهما الاشتقاق الأكبر دون الأصغر، فإنها –مع وجهها اللغوي الصحيح-مرفوضة، فكيف بهم ينسبون إلى ما لاتصح النسبة إليه في تلك العصور التي سلم لسان أصحابها في الغالب، إلى سوفوس ( sophos) أو سافيس ( Saphis) فيقولون صوفي! هذا لايجي على أي ضرب من أضرب الاشتقاق أبداً، فضلاً عن كونه قول حادث في المسألة. فضلاً عن البون الشاسع بين متقدمي أولئك بنصوصهم الكثيرة عن الكلام والفلسفة، وتصريحهم بالتعويل على الكتاب والسنة، فضلاً عن بعد نعت عامتهم الدهماء بالحكمة، بل وصفوا بضدها كعدم العقل أو الجنون من أمثال الإمام الشافعي، بل من بعض أئمتهم أنفسهم كأمثال أبي سليمان الدارني فما أثر عن الشافعي أثر نحوه عنه أيضاً. وكيف تصح تلك الفرية واسم التصوف قد ظهر في القرن الثاني –وقيل قبل ذلك- مع أن أول من قام بالترجمة كما يذكر ابن النديم في الفهرست هو حكيم آل مروان خالد بن يزيد بن معاوية (ت:285) في النصف الأخير من القرن الثالث، وقد حكي عن المأمون تشجيعها دون أن تذكر له جهود في تبنيها والمأمون مات في الربع الأول من القرن الثالث. فكيف يقول منصف بأن المصطلح الناشئ في القرن الثاني نتج جراء حركة ما شاعت إلاّ في القرن الثالث!

لقد كان نيكسون أكثر إنصافاً من بعض باحثينا حين لم يغفل هذه الحقائق القاضية ببطلان صحة الزعم الذي يذكر من تأثر متقدميهم -وضع خطاً تحت الأخيرة- بالهنود تارة! وبالإغريق أو اليونان تارة أخرى! وبالفارسي تارة ثالثة! من غير دليل يصح دليلاً غير التخرص والتخمين.

ولهذا لم يجد بداً من أن يصرح بالحقيقة قائلاً: "وإلى هنا [يعني حوالي القرن الثامن الميلادي] لم يكن ثمة فرق كبير بين الصوفية، وبين المتشددين من أهل السنة". [كتابه المذكور ص4].

وفي الختام إن المرء ليعجب إذا وجد بعض المستشرقين من أمثال لاوست وسارطون أكثر تحرياً ومعرفة لقول شيخ الإسلام ابن تيمية من بعض دكاترتنا المتخصصين المعاصرين، فحينما يخطئ ماسينيوس مثلاً فيجعل ابن تيمية وابن الجوزي في خط واحد تجاه التصوف قد يفسر ذلك بأعجميته أو قلة اطلاعه أو سوء غرضه، ولكن بماذا يعتذر وبأي حجة يغالط في قول شيخ الإسلام بعض باحثينا المتخصصين!

غير أني لا أجزم بأن مثل ماسينيوس قد أخطأ فقد قرر الباحثون والمختصون من أمثال مصطفى حلمي تعمد هذا الأخير إخفاء حقائق وتمجيد ساقطين هالكين كالحلاج لأجل إبراز عقائد نصرانية مروجاً بها فكره. كما تعمد كاراديفو إلصاق الغزالي بهم للدخول به إلى أغراض أخرى.

ولعلي أتبع هذا بذكر بعض المعاصرين الذين خالفوا هذا الرأي الاستشراقي، والله المستعان.

ـ[حارث همام]ــــــــ[04 - 10 - 05, 11:34 م]ـ

نظرت في ما أعددته آنفاً فوجدت بعضه يحتاج إلى مراجعة مصادر، وآخر إلى مزيد تحرير ولهذا أعلق هذا الرد وأقف حى ينتهي رمضان فإن نشطت بعد واصلت، والله المستعان:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير