لو نظرنا إلى النقل الذي سبق في تعقيب رقم (19) = لظهر لنا اطلاق شيخ الإسلام على هذا العمل الشركي الشنيع (الدعاء لطلب الدعاء من الأموات) ما يلي:
1 - وصف فاعله بالشرك؛ إذ قال: ((والمشركون من هؤلاء ... )).
2 - وصف فاعليه بمخالفة إجماع الصحابة ومن تبعهم بإحسان رضي الله عنهم؛ إذ قال: ((ويخالفون بذلك إجماع الصحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر المسلمين)).
3 - أنه لم يذكره أحد من أئمة المسلمين في كتبهم؛ إذ قال: ((ولا ذكر ذلك أحد من أئمة المسلمين فى كتبهم)).
4 - أنه قد ذكره بعض من متأخرى الفقهاء وحكوا حكاية مكذوبة عن مالك في ذلك؛ إذ قال: ((وإنما ذكر ذلك من ذكره من متأخرى الفقهاء وحكوا حكاية مكذوبة على مالك رضى الله عنه)).
5 - وصفه بأنه من أعظم أنواع الشرك الموجود فى المشركين من كل الأمم؛ إذ قال: ((من أعظم أنواع الشرك الموجود فى المشركين من غير أهل الكتاب، وفى مبتدعة أهل الكتاب، والمسلمين الذين أحدثوا من الشرك والعبادات مالم يأذن به الله تعالى)).
6 - وصفه بأنه من الدين الذي لم يشرعه الله، ولا ابتعث به رسولا، ولا أنزل به كتاباً؛ إذ قال: ((من الدين الذى لم يشرعه الله، ولا ابتعث به رسولا، ولا أنزل به كتابا)).
7 - وصفه بأنه ليس واجباً ولا مستحباً عمله باتفاق المسلمين؛ إذ قال: ((وليس هو واجبا ولا مستحبا باتفاق المسلمين)).
8 - وصفه بأنه لم يفعله أحد من الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين؛ إذ قال: ((ولا فعله أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ولا أمر به إمام من أئمة المسلمين)).
- وقال: ((فهذا كله ليس بمشروع ولا واجب ولا مستحب باتفاق أئمة المسلمين)).
9 - وصف فاعله بالضلال والابتداع؛ إذ قال: ((ضال مبتدع بدعة سيئة لا بدعة حسنة باتفاق أئمة الدين)).
- قال أبو عمر السمرقندي - عامله الله بإحسانه -:
فإذا رأى أحدٌ النقطة (2) أو (3) أو (4) أو (6) أو (7) أو (8) أو (9) = لظنَّ أنَّ الأمر لا يعدو كونه بدعةً أو ذريعة إلى الشرك كما توهَّم ذلك بعض الأخوة وتقدم الرد عليه وبيان غلطه.
ولو نظر في كلام الشيخ الذي ذكرته في نقطة (1) أو (5) = لبان له وجه فهمه الخاطيء لهذه المقولة.
- ولعلِمَ أنَّ وصف الشيء بالبدعية ومخالفة الكتاب والسنة وإجماع الأمة وخلاف عمل الصحابة والأئمة وعدم وجوبه واستحبابه = لايقتضي خروجه من الشركية الكبرى.
- إذ كل كفر أكبر هو: معصية ومخالفة لإجماع المسلمين وليس بواجبٍ ولا مستحب و ... ، الخ من الأوصاف التي لا تضاد بينها لا تعارض.
إنما الشأن أنها ألفاظ تنفيرية من هذا العمل الشنيع المنكر.
- قال أبو عمر: ومما يزيد الأمر إشكالاً، ورود بعض هذه العبارات السالفة الذكر دون ورود ما يبينها فيقع الغلط في الفهم.
نن والعمل ههنا: أنه لابد من رد المتشابه إلى المحكم من كلام أهل العلم.
- قال أبوعمر: هذا ما لزم بيانه في ختام تعقيبي على ما عقّب به هذا الموضوع الذي أطيل ذيله.
وبالله تعالى التوفيق والسداد، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ...
ـ[سلطان العتيبي]ــــــــ[08 - 02 - 04, 07:17 ص]ـ
بارك الله فيك على هذا البيان الطيب ...
وجزى الله خيراً الأخوة الذين شاركوا من النقاش المبارك ......
وباقي بعض النقاط لا أود طرحها لأن الموضوع أخذ أكبر من حجمه , والقضايا الأساسية جليت والأصول المهمة ضبط بحمدالله , والباقي يسير , ولا يستحق الإطالة ....
وصلى الله وسلم على محمد.
ـ[راشد]ــــــــ[08 - 02 - 04, 07:45 ص]ـ
أخي الشيخ أبو عمر لدي سؤال
قلت:ثم ما غرض الداعي لطلب الدعوة من هؤلاء؟ أليس هو تعظيمهم وظن أنَّ حاجته تقضى من طريق دعوتهم وشفاعتهم.
وهذا هو الشرك
وسؤالي: ألا ينطبق هذا على من طلب الدعاء من الأحياء أيضاً؟
فالتوسل بدعاء الصالحين مشروع رغم ذلك
فالرجاء تبيان الفرق بين طلب الدعاء من الحي ومن الميت،كيف ولماذا أن الأول جائز والثاني شرك؟
ـ[ظافر آل سعد]ــــــــ[08 - 02 - 04, 08:37 ص]ـ
الإخوة الكرام ..
هذه المسألة من دقائق المسائل في باب الشرك , ولذا لا يستغرب من وقوع الغلط فيها من بعض الأفاضل.
ولا ريب أن طلب الدعاء من صاحب القبر بالقيد الآتي هو من البدع المنكرة في الدين , وليس شركا مخرجا عن الملة.
وذلك أن أصل اعتبار الشرك في اتخاذ الوسطاء هو إيجاب الإجابة على الله , وكون المرجح في إجابة الدعاء هو مجرد إرادة الشافع (وهو المناط نفسه في التوسل) , فإذا لم يتحقق ذلك في طلب الدعاء من الميت لم يكن هذا الطلب بمجرده شركا , إلا إذا تضمن اعتقاد أن الميت يعلم الغيب , كأن يدعوه من مكان بعيد يتعذر معه سماعه لو كان حيا.
وبيان ذلك: أنك حين تطلب من الحي الحاضر أن يدعو لك أن يشفيك الله (وهذه صورة الشفاعة؛ لأن الداعي يشفع الطالب في طلبه من الله؛ فيصيران شفعًا) , دون أن تعتقد أن لهذا الداعي حقا واجبا على الله في إجابته = فإن هذه الصورة جائزة , وفي كراهتها خلاف , ولا يقول أحد: إن فعلك هذا دعاءٌ صرفته لغير الله , فيكون شركا.
فإنْ طلب الحي من الميت ذلك الطلب بعينه , وخاطبه به بذلك الاعتبار , والميت يسمعه (وسماع الأموات اختيار ابن تيمية وابن القيم والشنقيطي وسواهم) , فما الذي يجعل هذا الفعل شركا؟! وما هو وجه اعتباره كذلك في هذه الصور ة؟!
لكننا نقول: إن هذا الفعل وسيلة وذريعة توصل إلى الشرك (الذي هو دعاء الميت مباشرة وطلب الحاجات منه التي لا يقدر عليها إلا الله , أو اعتقاد أن له حقا واجبا على الله) , وهو بدعة منكرة محرمة في الدين , لم يفعلها الصحابة.
مسألة أن هذه الصورة قليلة الوقوع من الناس , وأن الغالب هو دعاء الأموات مباشرة , أو اعتقاد أن لهم حقا واجبا على الله , لا يدفعنا إلى مجاوزة حدود الشريعة في الحكم على كل بما يستحقه.
وقد وقع في هذه المسألة نزاع مشهور في هذا العصر , وصنفت فيها ردود , وثارت فيها نعرات , والله المستعان.
¥