تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يقول شيخ الاسلام ابن تيميه في بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعتهم الكلامية تحقيق الدكتور محمد البُريدي طبعة الملك فهد بالمدينة المنورة (7/ 288 - 289 - 290 - 291 - 292 - 293 - 294) في معرض رده على القاضي أبو يعلى حول رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه رؤيا عين قال: وقول ابن عباس قدجمهنا ألفاظه فأبلغ ما يقال رؤية العين: أن ابن عباس أراد بالمطلق رؤية العين؛ لوجوه:

أحدها: أن يقال هذا المفهوم من مطلق الرؤية.

و الثاني: لأن عائشة قالت: ((من زعم أن محمداً راى ربه فقد أعظم على الله الفرية) و تأولت قوله تعالى: ((لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)) [الأنعام: 103]، و قوله: ((وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً)) [الشورى: 51] / وذلك إنما ينفي رؤية العين، فعلم أنها فهمت من قول من قال: أن محمداً رأى ربه رؤية العين.

الثالث: أن في حديث عكرمة: ((أليس يقول الرب تعالى: ((لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)) [الأنعام: 103]؟ فقال: لا أم لك، ذلك نوره الذي هو نوره، اذا تجلى بنوره لا يدركه شيء))، ومعلوم أن هذه الاية إنما يعارض بها من يثبت رؤية العين؛ ولأن الجواب بقول: ذاك نوره الذي هو نوره، اذا تجلى بنوره لا يدركه شيء، يقتضي أن الإدراك في غير هذه الحال و أن ما أخبر به من رؤيته هو من هذا الإدراك، الذي هو رؤية البصر، و أن البصر أدركه؛ لكن لم يدركه في نوره / الذي هو نوره الذي اذا تجلى فيه لم يدركه شيء.

و في هذا الخبر من رواية ابن أبي داود ((أنه سُئل ابن عباس: هل رأى محمد ربه؟ قال: نعم. قال: وكيف رآه؟ قال: في صورة شاب دونه ستر من لؤلؤ كأن قدميه في خضرة، فقلت أنا لابن عباس: أليس في قوله: ((لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)) [الأنعام: 103] قال: لاأم لك، ذلك نوره الذي هو نوره، اذا تجلى بنوره لا يدركه شيء))، وهذا يدل على أنه رآه، و أخبر أنه رآه في صورة شاب دونه ستر، وقدميه في خضرة، و أن هذه الرؤية هي المعارضة بالآية، و المجاب عنها بما تقدم فيقتضي أنها رؤية عين كما في الحديث الصحيح المرفوع عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رأيت ربي في صورة شاب أمرد له وفرة جعد قطط في روضة خضراء)).

الوجه الرابع: أن في حديث عبد الله بن أبي سلمة أن عبد الله بن عمر أرسل الى عبد الله بن العباس يسأله: هل ((رأى محمد ربه؟ فأرسل اليه عبد الله ابن عباس: أي نعم. فرد عليه عبد الله بن عمر رسوله أن كيف رآه؟ فأرسل إليه): رآه في روضة خضراء دونه فراش من ذهب على كرسي من ذهب تحمله أربعة من الملائكة)) كما تقدم.

وكون حملة العرش على هذه الصورة أربعة هو كذلك.

الوجة الخامسة: أنه ذكر أن الله اصطفى محمداً بالرؤية كما اصطفى موسى بالتكليم، ومن المعلوم أن رؤية القلب مشتركة لا تختص بمحمد كما أن الإيحاء لا يختص بموسى ولابد أن يثبت لمحمد من الرؤية على حديث ابن عباس مالم يثبت لغيره، كما ثبت لموسى من التكليم كذلم، وعلى الروايات الثلاث اعتمد ابن خزيمة في تثبيت الرؤية حيث قال: (باب ذكر الاخبار المأثورة في إثبات رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - خالقه العزيز العليم المحتجب عن أبصار بريته قبل اليوم الذي يجزي كل نفس ما كسبت، و ذكر اختصاص الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بالرؤية، كما خص ابرايهم بالخلة من بين جميع الرسل (و الانبياء جميعاً، وكما خص نبيه موسى عليه السلام بالكلام خصوصية خصه الله بها من بين جيمع الرسل)، و خص الله كل واحد منهم بفضيلة وبدرجة سنة كرماً منه و جوداً، كما أخبرنا عز وجل في محكم تنزيله في قوله تعالى: ((تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ [البقرة: 253].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير