تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال ابن أبي يعلى: شيخ الحنابلة في عصره وابن شيخهم عند ذكره لاعتقاد والده والسلف قبله: (والإيمان والتصديق بما وصف الله به نفسه، أو وصفه به رسوله، مع ترك البحث والتنقير والتسليم لذلك، من غير تعطيل ولا تشبيه ولا تفسير ولا تأويل 000 إلى أن يقول فاعتقد الوالد السعيد وسلفه – قدس الله أرواحهم، في جميع ما وصف الله تعالى به نفسه، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم: أن جميع ذلك صفات الله عز وجل تمر كما جاءت، من غير زيادة ولا نقصان، وأقروا بالعجز عن إدراك معرفة حقيقة هذا الشأن، اعتقد الوالد السعيد ومن قبله ممن سبقه من الأئمة أن إثبات صفات الباري سبحانه: إنما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد، لها حقيقة في علمه لم يطلع الباري سبحانه على كنه معرفتها أحدا من إنس ولا جان الخ) اهـ. طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى 2/ 208 وقد ذكر بعد ذلك كلاما مفيدا.

وذكر الإمام ابن قدامة أن من السنة ترك الجدال والخصومات في الدين، وترك النظر في كتب المبتدعة ().وقال ابن بطة الحنبلي، (ت: 387هـ) رحمه الله تعالى - بعد أن ذكر بعض الأحاديث في الصفات الخبرية -:

(فكل هذه الأحاديث وما شاكلها تمر كما جاءت، لا تعارض ولا تضرب لها الأمثال ولا يواضع فيها القول فقد رواه العلماء وتلقاها الأكابر منهم بالقبول وتركوا المسألة عن تفسيرها ورأوا أن العلم بها ترك الكلام في معانيها) اهـ. الشرح والإبانة ص 227 - 229

فالأئمة كانوا يحتجون بفعل من قبلهم من السلف في رد المحدثات وترك الخوض فيما لم يخض فيه من قبلهم مما أحدث من القول في القدر والصفات الإلهية ونحو ذلك مما لا يمكن الوصول إلى معرفته إلا بخبر عن الشارع وتوقيف منه، وهذا كثير عنهم لو أراد أحد جمعه لطال.

ومن الأمثلة على ذلك - وهي كثيرة - قول الإمام أبي عبيد القاسم بن سلام، (ت:224 هـ) وذكر الباب الذي يروى في رؤية الله في الآخرة والكرسي موضع القدمين وضحك ربنا، فقال: (هذه أحاديث صحاح حملها أصحاب الحديث والفقهاء بعضهم عن بعض وهي عندنا حق لا نشك فيه، ولكن إذا قيل: كيف يضحك؟ وكيف يضع قدمه؟ قلنا: لا نفسر هذا، ولا سمعنا أحدا يفسره) اهـ.ذكرها شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية قائلا: (وروى البيهقي وغيره بإسناد صحيح) اهـ. الفتوى الحموية ص 30

وقد رواها الإمام الدارقطني فقال: ((حدثنا محمد بن مخلد، حدثنا العباس بن محمد الدوري قال سمعت أباعبيد القاسم بن سلام وذكر الباب الذي فيه الرؤية، والكرسي موضع القدمين وضحك ربنا من قنوط عباده وقرب غيره، وأين كان ربنا قبل أن يخلق السماء، وأن جهنم لا تمتلئ حتى يضع ربك – عز وجل – قدمه فيها، فتقول: قط قط، وأشباه هذه الأحاديث؟. (فذكر ما تقدم .. )) الصفات للدارقطني – تحـ – الشيخ عبد الله الغنيمان - رقم 57 صـ 48 – 49.

وقد رواها الإمام الذهبي بالسند الصحيح من طريق الدارقطني. () ثم عقب عليها بقوله: (قلت قد فسر علماء السلف المهم من الألفاظ وغير المهم، وما أبقوا ممكنا، وآيات الصفات وأحاديثها لم يتعرضوا لتأويلها أصلا، وهي أهم الدين، فلو كان تأويلها سائغا أوحتما، لبادروا إليه، فعلم قطعا أن قراءتها و إمرارها على ما جاءت هو الحق، لا تفسير لها غير ذلك فنؤمن بذلك ونسكت اقتداء بالسلف، معتقدين أنها صفات لله تعالى استأثر الله بعلم حقائقها، وأنها لا تشبه صفات المخلوقين كما أن ذاته المقدسة لا تماثل ذوات المخلوقين، فالكتاب والسنة نطق بها والرسول صلى الله عليه وسلم بلَّغ، وما تعرض لتأويل مع كون الباري قال: {لتبين للناس ما نُزِّل إليهم}، (النحل - 16)، فعلينا الإيمان والتسليم للنصوص، والله يهدي من يشاء إلى صراط

مستقيم) اهـ.

فهذه بعض القواعد المهمة من كلام الأئمة وكلامهم في هذا كثير طيب و قد كنت كتبت رسالة طويلة في ذكر ذم الأئمة لهذا النوع من الجدال و التوسع في الشبه، و أرجو أن ييسر الله طبعها ثم نشرها في هذا الملتقى قريبا.

و القرآن العظيم قد دل على ثلاثة أسس تبيِّن المنهج الصحيح في الصفات، وقد كان الشيخ محمد الأمين (صاحب أضواء البيان) رحمه الله.

يذكرها في كتبه ويكررها في دروسه في الحرم وقد سمعتها في بعض الأشرطة المسجلة له. . الأساس الأول أو القاعدة الأولى: التنزيه التام للباري تعالى عن مشابهة المخلوقين. (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) و قال: (فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم و أنتم لا تعلمون). وقال: (هل تعلم له سميا) و (ولم يكن له كفوا أحد).

(لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار). (الأنعام: 103).

الثاني: الإثبات إثباتا مبنيا على هذا التنزيه، (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير). فهو سميع بصير ليس كمثله شيء، تعالى وجل عن الأشباه و الأنداد.

الثالث: قطع النظرو اليأس بالكلية من إدراك الكيفية. (فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم و أنتم لا تعلمون). (ولم يكن له كفوا أحد). (هل تعلم له سميا).

و جميع المؤمنين يؤمنون بأن الذي قال: (لما خلقتُ بيديَّ). هو الذي قال: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير). فبناء الإثبات على التنزيه التام عن مشابهة المخلوقين مستنبط من القرآن العظيم وكذلك اليأس بالكلية من إدراك الكيفية مؤخوذ من الكتاب العزيز. فهذه ثلاث قواعد و أسس يبنى عليها الكلام في الصفات، كلها مسستنبطة من القرآن من أدلة بينة واضحة.

وعذرا على بعض الهوامش التي لم تظهر لأنني نقلتها من رسالة عندي ولم أنقل كل الهوامش. استعجالا

و لست أقصد ذم أحد من الإخوان بعينه ولكن لتبرأ الذمة و تعاونا على البر و التقوى كتبت ذلك بهذا العنوان

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير