تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أقول: هذا هو الكذب بعينه, هذا هو الكذب بعينه, فلقد أعمى التعصب السيوطي, فوقع في الكذب على رسول الله (ص) , فليس هناك إسناد لهذا الحديث في الدنيا كلها- ولو في الأحلام, إلا أحلام السيوطي بالطبع- فيه معمر عن ثابت عن أنس بلفظ " إذا مررت بقبر كافر فبشره بالنار". فمعمر لم يرو هذا الحديث أصلا عن ثابت, ولا بواسطة أخرى عن أنس. وإنما الحديث الذي فيه " إذا مررت بقبر كافر فبشره بالنار", فقد رواه معمر عن الزهري مرسلا, أخرجه عبد الرزاق في المصنف (19687) عن معمر بن راشد، عن الزهري قال: جاء أعرابي لرسول الله (ص) فقال: أين أبي؟ قال: ((في النار)). قال: فأين أبوك؟ قال: ((حيثما مررت بقبر كافرٍ فبشره بالنار)) ". فالحديث مرسل ضعيف كما ترى, فانظر كيف يضرب السيوطي الصحيح بالضعيف الواهي الذي هو أشبه بالريح- كما قال الأئمة في مراسيل الزهري-. وإياك أن تقول أن الزهري المرسل صحيح, لأن إبراهيم بن سعد رواه موصولا عن الزهري عن عامر بن سعد عن أبيه فذكر الحديث- أخرجه الطبراني في (المعجم الكبير) (1/ 191/1) وابن السني في (عمل اليوم والليلة) رقم (588) بسند صحيح- لأن أبا حاتم قال " إنما يرونه عن الزهري، قال: جاء أعرابيٌّ إلى النبي صلى الله عليه وسلم ... والمرسل أشبه). ذكره ولده في ((العلل)) (ج2/ رقم 2263). وما ذكره أبو حاتم هو الحق والصحيح والصواب لأنه قد اختلف إبراهيمُ بن سعد ومعمر بن راشد، ولا شك عندنا في تقديم رواية معمر المرسلة؛ لأن معمرًا ثبتًا في الزهري، وأما إبراهيم بن سعد فقال قال صالح بن محمد الحافظ: (سماعه من الزهري ليس بذاك؛ لأنه كان صغيرًا حين سمع من الزهري). وقال ابن معين وسئل: إبراهيم بن سعد أحب إليك في الزهري أو ليث بن سعد؟ قال: كلاهما ثقتان. فإذا تدبرت قول يعقوب بن شيبة في الليث: (ثقة وهو دونهم في الزهري - يعني: دون مالك ومعمر وابن عيينة - وفي حديثه عن الزهري بعض الاضطراب). عملت أن قول ابن معين لا يفيد أنه ثبت في الزهري مثل معمر.

فالذي يتحرر من هذا البحث أن الرواية المرسلة هي المحفوظة، وهي التي رجحها أبو حاتم الرازي, وكذلك الدارقطني في العلل (4/ 334) ... فتأمل منصفا.

ولنفترض جدلا أن معمرا قد رواه عن ثابت باللفظ الذي ذكره السيوطي- وقد علمت أن هذا كذب صراح بواح- فالرد: الأمر لا يخفى على أحدٍ من المشتغلين بالحديث أن أهل العلم بالحديث قالوا: أثبت الناس في ثابت البناني هو حمادُ بن سلمة، ومهما خالفه من أحدٍ فالقولُ قولُ حمادٍ. فقال أبو حاتم الرازي - كما في ((العلل)) (2185) -: (حماد بن سلمة أثبت الناس في ثابتٍ وفي علي بن زيد). وقال أحمد بن حنبل: (حماد بن سلمة أثبت في ثابتٍ من معمر). وقال يحيى بن معينٍ: (من خالف حماد بن سلمة فالقول قول حمادٍ. قيل: فسليمانُ بن المغيرة عن ثابت؟ قال: سليمانُ ثبتٌ، وحماد أعلم الناس بثابت). وقال ابنُ معينٍ مرة: (أثبت الناس في ثابت: حماد بن سلمة). وقال العقيلي في ((الضعفاء)) (2/ 291): (أصح الناس حديثًا عن ثابت: حماد بن سلمة).

وقد أكثر مسلمٌ من التخريج لحماد بن سلمة عن ثابت في الأصول، أما معمر بن راشد فإنه وإن كان ثقةً في نفسه إلاَّ أن أهل العلم بالحديث كانوا يضعفون روايته عن ثابت البناني ولم يخرج له مسلمٌ شيئًا في ((صحيحه)) عن ثابت إلا حديثًا واحدًا في المتابعات، ومقرونًا بعاصم الأحول، وهذا يدلك على مدى ضعف رواية معمر عن ثابت. ولذلك قال ابنُ معين: (معمر عن ثابت: ضعيفٌ). وقال مرَّةً: (وحديث معمر عن ثابت، وعاصم بن أبي النجود، وهشام بن عروة وهذا الضرب مضطربٌ كثيرُ الأوهام). وقال العقلي في ((الضعفاء)) (2/ 291): (أنكرُ الناس حديثًا عن ثابت: معمر بن راشد).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير