اشتملت عبارة ابن حبان على معنى وحكم على هذا المعنى:
أما المعنى فيحتوي على ركنين أساسين:
1 - كل صفة وجدت بالمخلوق.
2 - حصول النقص للمخلوق بهذه الصفة.
أما الحكم فهو:
غير جائز إضافة مثلها إلى المخلوق
أقول الحكم بهذه الصيغة على ذلك المعنى صحيح لاغبار عليه ولا يلزم منه نفي الصفات ولا شيء من هذا القبيل مع الأخذ في الإعتبار أن أصل استدلال ابن حبان من الخبر غير مسلم به كما سيأتي.
وقلت ما قلت من سلامة تعبير ابن حبان لأن الصفات المثبة لله سبحانه وتعالى ليست هي الصفات المضافة للمخلوقين بعينها لأن كل ما أضيف للمخلوق حصل به النقص بمقدار نقص المخلوق فالعلم مثلا صفة كمال ومع ذلك إذا أضيف إلى المخلوق حصل به نقص بما يناسب نقص المخلوق فعلم المخلوق مسبوق بجهل ويلحقه الآفات من نسيان وغيره
ومن هنا نشأ إشكال عند بعض طلبة العلم في فهم مقولة شيخ الإسلام ابن تيمية لما قال:
(ولكن يستعمل في ذلك قياس الأولى سواء كان تمثيلا أو شمولا كما قال تعالى: (ولله المثل الأعلى) مثل أن نعلم ن كل كمال ثبت للممكن أو للمحدث لا نقص فيه بوجه من الوجوه: وهو ما كان كمالا للموجود غير مستلزم للعدم فالواجب القديم أولى به) الفتاوى (3/ 297
إذ كيف يكون كمالا لانقص فيه بوجه منى الوجوه وهومضاف إلى المخلوق وما أضيف إليه فلا بد أن يعتريه من النقص بحسب نقصه
والجواب أن المراد أن تكون الصفة إذا جردت عن الإضافة كمالا لا نقص فيها بوجه من الوجوه.
والقصد من هذا الإستطراد بيان أن الصفات المضافة إلى الله سبحانه وتعالى لا تماثل الصفات المضافة إلى المخلوقين فعلم الله سبحانه ليس كعلم المخلوق
وإنما يتفقان في الإسم العام وهو العلم وهذا لايقتضي تماثلهما في مسمى ذلك الاسم عند الإضافة
قال ابن تيمية في التدمرية:
فلا يقول عاقل إذا قيل إن العرش شيء موجود و إن البعوض شيء موجود ان هذا مثل هذا لاتفاقهما في مسمى الشيء و الوجود لأنه ليس في لخارج شيء موجود غيرهما يشتركان فيه بل الذهن يأخذ معنى مشتركا كليا هو مسمى الاسم المطلق وإذا قيل هذا موجود وهذا موجود , فوجود كل منهما يخصه لايشركه فيه غيره مع أن الإسم حقيقة في كل منهما.
ولهذا سمى الله نفسه بأسماء وسمى صفاته بأسماء وكانت تلك الأسماء مختصة به إذا أضيفت إليه لايشركه فيها غيره , وسمى بعض مخلوقاته بأسماء مختصة بهم مضافة إليهم توافق تلك الأسماء إذا قطعت عن الإضافة والنخصيص ولم يلزم من اتفاق الاسمين وتماثل مسماهما ماتحاده عند الإطلاق والتجريد عن الإضافة والتخصيص: اتفاقهما ولا تماثل المسمى عند الإضافة والتخصيص فضلا عن أن يتحد مسماهما عند الإضافة والتخصيص.
فقد الله نفسه حيا فقال: (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) وسمى بعض عباده حيا فقال: (يخرج الحي من الميت ويخلرج الميت من الحي) وليس هذا الحي مثل هذا الحي لأن قوله الحي اسم الله مختص به وقوله (يخرج الحي من الميت) اسم للمخلوق مختص به وإنما يتفقان إذا أطلقا وجردا من التخصيص ولكن ليس للمطلق وجود في الخارج ولكن العقل يفهم من المطلق قدرا مشتركا بين المسميين وعند الاختصاص يقيد ذلك بما تميز به الخالق عن المخلوق والمخلوق عن الخالق.
ولابد من هذا في جميع أسماء الله وصفاته يفهم منها مادل عليه الاسم بالمواطأة والاتفاق وما دل عليه بالأضافة والإختصاص: المانعة من مشاركة المخلوق للخالق في شيء من خصائصه – سبحانه وتعالى) الفتاوى (3/ 11 - 12)
هذا في الحكم على العبارة فحسب.
والذي يبدو من خلال قراءة أبواب ابن حبان في الصفات أن مراده أن الصفات المضافة إلى المخلوقين على قسمين:
1 - الصفات التي توجب النقص في المخلوق إذا أضيفت إليه.
2 - صفات الكمال التي لاتوجب نقصا إذا أضيفت إلى المخلوق بل توجب كمالا.
وهذا القسم هو الذي يضاف إلى الله سبحانه وتعالى دون الأول.
والجواب كما تقدم أن كل ما أضيف إلى المخلوق من الصفات اعتراها من النقص بحسب نقصه
ثانيا:
الذي يظهر لي والعلم عند الله أن الجملة من الحديث الذي أعتمدها ابن حبان في تقرير مسألته ليست على التمام وهي قوله عليه الصلاة والسلام: (أوليس أول خلق بأهون علي من إعادته) وكان ذلك كذلك لما يلي:
¥