تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

من عند عبادك فى الأرض يسبحونك ويكبرونك ويهللونك ويحمدونك ويسألونك الحديث بطوله الوجه الثانى أنه قال فيه من يسألنى فأعطيه من يدعونى فأستجيب له من يستغفرنى فأغفر له وهذه العبارة لا يجوز أن يقولها ملك عن الله بل الذى يقول الملك ما ثبت فى الصحيح عن النبى أنه قال اذا أحب الله العبد نادى جبريل انى أحب فلانا فأحبه فيحبه جبريل ثم ينادى فى السماء ان الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول فى الأرض وذكر فى البغض مثل ذلك

فالملك اذا نادى عن الله لا يتكلم بصيغة المخاطب بل يقول ان الله أمر بكذا أو قال كذا وهكذا اذا أمر السلطان مناديا ينادى فانه يقول يا معشر الناس امر السلطان بكذا ونهى عن كذا ورسم بكذا لا يقول أمرت بكذا ونهيت عن كذا بل لو قال ذلك بودر الى عقوبته

وهذا تأويل من التأويلات القديمة للجهمية فانهم تأولوا تكليم الله لموسى عليه السلام بأنه أمر ملكا فكلمه فقال لهم أهل السنة لو كلمه ملك لم يقل اننى أنا الله لا اله الا أنا فاعبدنى بل كان يقول كما قال المسيح عليه السلام ما قلت لهم الا ما أمرتنى به ان اعبدوا الله ربى وربكم

فالملائكة رسل الله الى الانبياء تقول كما كان جبريل عليه السلام يقول

لمحمد وما نتنزل الا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك ويقول ان الله يأمرك بكذا ويقول كذا لا يمكن أن يقول ملك من الملائكة اننى أنا الله لا اله الا أنا فاعبدنى ولا يقول من يدعونى فأستجيب له من يسألنى فأعطيه من يستغفرنى فأغفر له ولا يقول لا يسأل عن عبادى غيرى كما رواه النسائى وابن ماجه وغيرهما وسندهما صحيح أنه يقول لا اسأل عن عبادى غيرى

وهذا أيضا مما يبطل حجة بعض الناس فانه احتج بما رواه النسائى فى بعض طرق الحديث أنه يأمر مناديا فينادى فان هذا ان كان ثابتا عن النبى فان الرب يقول ذلك ويأمر مناديا بذلك لا ان المنادى يقول من يدعونى فأستجيب له ومن روى عن النبى ان المنادى يقول ذلك فقد علمنا أنه يكذب على رسول الله فانه مع أنه خلاف اللفظ المستفيض المتواتر الذى نقلته الأمة خلفا عن سلف فاسد فى المعقول فعلم أنه من كذب بعض المبتدعين كما روى بعضهم ينزل بالضم وكما قرأ بعضهم وكلم الله موسى تكليما ونحو ذلك من تحريفهم اللفظ والمعنى

وان تأول ذلك بنزول رحمته أو غير ذلك قيل الرحمة التى تثبتها اما أن تكون عينا قائمة بنفسها واما أن تكون صفة قائمة فى غيرها

فان كانت عينا وقد نزلت الى السماء الدنيا لم يمكن أن تقول من يدعونى فأستجيب له كما لا يمكن الملك أن يقول ذلك

وان كانت صفة من الصفات فهى لا تقوم بنفسها بل لابد لها من محل ثم لا يمكن الصفة أن تقول هذا الكلام ولا محلها ثم اذا نزلت الرحمة الى السماء الدنيا ولم تنزل الينا فأى منفعة لنا فى ذلك

وان قال بل الرحمة ما ينزله على قلوب قوام الليل فى تلك الساعة من حلاوة المناجاة والعبادة وطيب الدعاء والمعرفة وما يحصل فى القلوب من مزيد المعرفة بالله والايمان به وذكره وتجليه لقلوب اوليائه فان هذا أمر معروف يعرفه قوام الليل قيل له حصول هذا فى القلوب حق لكن هذا ينزل الى الأرض الى قلوب عباده لا ينزل الى السماء الدنيا ولا يصعد بعد نزوله وهذا الذى يوجد فى القلوب يبقى بعد طلوع الفجر لكن هذا النور والبركة والرحمة التى فى القلوب هى من آثار ما وصف به نفسه من نزوله بذاته سبحانه وتعالى

كما وصف نفسه بالنزول عشية عرفة فى عدة أحاديث صحيحة وبعضها فى صحيح مسلم عن عائشة رضى الله عنها عن النبى أنه قال ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة وانه عز وجل ليدنو ثم يباهى بهم الملائكة فيقول ما أراد هؤلاء وعن جابر بن عبدالله رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا كان يوم عرفة ان الله ينزل الى سماء الدنيا يباهى بأهل عرفة الملائكة فيقول أنظروا الى عبادى اتونى شعثا غبرا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير