تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما رسالة أحمد بن حنبل الى مسدد بن مسرهد فهى مشهورة عند أهل الحديث والسنة وأصحاب أحمد وغيرهم تلقوها بالقبول وقد ذكرها أبو عبدالله بن بطة فى كتاب الإبانة واعتمد عليها غير واحد كالقاضى أبى يعلى وكتبها بخطه

فصل

وقد تأول قوم من المنتسبين الى السنة والحديث حديث النزول وما كان نحوه من النصوص التى فيها فعل الرب اللازم كالاتيان والمجىء والهبوط ونحو ذلك ونقلوا فى ذلك قولا لمالك ولأحمد بن حنبل حتى ذكر المتأخرون من أصحاب أحمد كأبى الحسن بن الزاغونى وغيره عن أحمد فى تأويل هذا الباب روايتين بخلاف غير هذا الباب فانه لم ينقل عنه فى تأويله نزاعا

وطرد إبن عقيل الروايتين فى التأويل فى غير هذه الصفة وهو تارة يوجب التأويل وتارة يحرمه وتارة يسوغه

والتأويل عنده تارة للصفات الخبرية مطلقا ويسميها الاضافات لا الصفات موافقة لمن أخذ ذلك عنه من المعتزلة كأبى على بن الوليد وأبى القاسم بن التبان وكانا من أصحاب ابى الحسين البصرى وأبو الفرج بن الجوزى مع ابن عقيل على ذلك فى بعض كتبه مثل كف التشبيه بكف التنزيه ويخالفه فى بعض كتبه

والأكثرون من أصحاب أحمد لم يثبتوا عنه نزاعا فى التأويل لا فى هذه الصفات ولا فى غيرها

وأما ما حكاه أبو حامد الغزالى عن بعض الحنبلية أن أحمد لم يتأول الا ثلاثة أشياء الحجر الأسود يمين الله فى الأرض وقلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن وانى أجد نفس الرحمن من قبل اليمن فهذه الحكاية كذب على أحمد لم ينقلها أحد عنه باسناد ولا يعرف أحد من أصحابه نقل ذلك عنه وهذا الحنبلى الذى ذكر عنه ابو حامد مجهول لا يعرف لا علمه بما قال ولا صدقه فيما قال

وأيضا وقع النزاع بين أصحابه هل اختلف اجتهاده فى تأويل المجىء والاتيان والنزول ونحو ذلك لأن حنبلا نقل عنه فى المحنة أنهم لما احتجوا عليه بقول النبى تجىء البقرة وآل عمران كأنهما غمامتان أو غيايتان أو فرقان من طير صواف ونحو ذلك من الحديث الذى فيه اتيان القرآن ومجيئه وقالوا له لا يوصف بالاتيان والمجىء الا مخلوق فعارضهم أحمد بقوله وأحمد وغيره من أئمة السنة فسروا هذا الحديث بأن المراد به مجىء ثواب البقرة وآل عمران كما ذكر مثل ذلك من مجىء الاعمال فى القبر وفى القيامة والمراد منه ثواب الأعمال والنبى قال اقرؤوا البقرة وآل عمران فانهما يجيئان يوم القيامة كأنهما غيايتان أو غمامتان أو فرقان من طير صواف يحاجان

عن أصحابهما وهذا الحديث فى الصحيح فلما أمر بقرائتهما وذكر مجيئهما يحاجان عن القارىء علم أنه أراد بذلك قراءة القارىء لهما وهو عمله وأخبر بمجىء عمله الذى هو التلاوة لهما فى الصورة التى ذكرها كما أخبر بمجىء غير ذلك من الأعمال

وهذا فيه كلام مبسوط فى غير هذا الموضع هل يقلب الله العمل جوهرا قائما بنفسه أم الاعراض لا تنقلب جواهر وكذلك قوله يؤتى بالموت فى صورة كبش املح

والمقصود هنا أن النبى لما أخبر بمجىء القرآن فى هذه الصورة أراد به الاخبار عن قراءة القارىء التى هى عمله وذلك هو ثواب قارىء القرآن ليس المراد به أن نفس كلامه الذى تكلم به وهو قائم بنفسه يتصور صورة غمامتين فلم يكن فى هذا حجة للجهمية على ما ادعوه

ثم أن الامام أحمد فى المحنة عارضهم بقوله تعالى هل ينظرون الا أن يأتيهم الله فى ظلل من الغمام قال قيل انما يأتى أمره هكذا نقل حنبل ولم ينقل هذا غيره ممن نقل مناظرته فى المحنة كعبدالله بن أحمد وصالح بن أحمد والمروذى وغيره فاختلف أصحاب أحمد فى

ذلك فمنهم من قال غلط حنبل لم يقل أحمد هذا وقالوا حنبل له غلطات معروفة وهذا منها وهذه طريقة أبى اسحق بن شاقلا

ومنهم من قال بل أحمد قال ذلك على سبيل الالزام لهم يقول اذا كان أخبر عن نفسه بالمجىء والاتيان ولم يكن ذلك دليلا على أنه مخلوق بل تأولتم ذلك على أنه جاء أمره فكذلك قولوا جاء ثواب القرآن لا أنه نفسه هو الجائى فان التأويل هنا الزم فان المراد هنا الاخبار بثواب قارىء القرآن وثوابه عمل له لم يقصد به الاخبار عن نفس القرآن

فإذا كان الرب قد أخبر بمجىء نفسه ثم تأولتم ذلك بأمره فاذا أخبر بمجىء قراءة القرآن فلأن تتأولوا ذلك بمجىء ثوابه بطريق الأولى والأحرى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير