تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال وثنا عن عبدالمنعم عن أبيه عن وهب بن منبه أن موسى عليه السلام لما نودى من الشجرة اخلع نعليك اسرع الاجابة وتابع التلبية وما كان ذلك الا استئناسا منه بالصوت وسكونا اليه

وقال انى اسمع صوتك وأحس حسك ولا أدرى مكانك فأين أنت قال أنا فوقك وأمامك وخلفك ومحيط بك وأقرب اليك من نفسك يريد أنى أعلم بك منك لأنك اذا نظرت الى ما بين يديك خفى عليك ما وراءك واذا سموت بطرفك الى ما هو فوقك ذهب عنك علم ما تحتك وانا لا يخفى على خافية منك فى جميع أحوالك

ونحو هذا قول رابعة العابدة العدوية قالت شغلوا قلوبهم عن الله بحب الدنيا ولو تركوها لجالت فىالملكوت ثم رجعت اليهم بطرف الفائدة ولم ترد أن أبدانهم وقلوبهم تجول فى السماء بالحلول ولكن تجول هناك بالفكر والقصد والاقبال

وكذلك قول أبى ممندية الاعرابى قال أطلعت فى النار فرأيت الشعراء لهم كظيظ يعنى التقاء وأنشد فيه

... جياد بها صرعى لهن كظيظ ...

ولو قال قائل فى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أطلعت فى الجنة

فرأيت أكثر أهلها الققراء وأطلعت فى النار فرأيت أكثر أهلها النساء ان اطلاعه فيها كان بالفكرة والاقبال كان حسنا قلت وتأويل المجىء والاتيان والنزول ونحو ذلك بمعنى القصد والارادة ونحو ذلك هو قول طائفة وتأولوا ذلك فى قوله تعالى ثم استوى الى السماء وجعل ابن الزاغونى وغيره ذلك هو إحدى الروايتين عن أحمد والصواب أن جميع هذه التأويلات مبتدعة لم يقل أحد من الصحابة شيئا منها ولا أحد من التابعين لهم باحسان وهى خلاف المعروف المتواتر عن أئمة السنة والحديث أحمد بن حنبل وغيره من أئمة السنة

ولكن بعض الخائضين بالتأويلات الفاسدة يتشبث بألفاظ تنقل عن بعض الأئمة وتكون إما غلطا أو محرفة كما تقدم من أن قول الاوزاعى وغيره من أئمة السلف فى النزول يفعل الله ما يشاء فسره بعضهم أن النزول مفعول مخلوق منفصل عن الله وأنهم أرادوا بقولهم يفعل الله ما يشاء هذا المعنى وليس الأمر كذك كما تقدمت الاشارة إليه

وآخرون كالقاضى أبى يعلى فى إبطال التأويل قالوا لم يرد الاوزاعى أن النزول من صفات الفعل وانما أراد بهذا الكلام بقوله يفعل الله ما يشاء وشبهوا ذلك بقوله تعالى وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل

عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون الا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون فزعموا أن قوله سبحانه ليس تنزيها له عن اتخاذ الولد بناء على أصلهم الفاسد وهو أن الرب لا ينزه عن فعل من الأفعال بل يجوز عليه كل ما يقدر عليه

وكذلك جعلوا قول الاوزاعى وغيره ان النزول ليس بفعل يشاؤه الله لأنه عندهم من صفات الذات لا من صفات الفعل بناء على أصلهم وان الافعال الاختيارية لا تقوم بذات الله فلو كان صفة فعل لزم أن لا يقوم بذاته بل يكون منفصلا عنه وهؤلاء يقولون النزول من صفات الذات ومع هذا فهو عندهم أزلى كما يقولون مثل ذلك فى الاستواء والمجىء والاتيان والرضى والغضب والفرح والضحك وسائر ذلك أن هذا جميعه صفات ذاتية لله وانها قديمة ازلية لا تتعلق بمشيئته واختياره بناء على اصلهم الذى وافقوا فيه ابن كلاب وهو أن الرب لا يقوم بذاته ما يتعلق بمشيئته واختياره بل من هؤلاء من يقول أنه لا يتكلم بمشيئته وقدرته ولا يقوم به فعل يحدث بمشيئته واختياره

بل من هؤلاء من يقول أن الفعل قديم أزلى وأنه مع ذلك يتعلق بمشيئته وقدرته وأكثر العقلاء يقولون فساد هذا معلوم بضرورة العقل كما قالوا

مثل ذلك فى قول من قال من المتفلسفة أن الفلك قديم أزلى وأنه ابدعه بقدرته ومشيئته

وجمهور العقلاء يقولون الشىء المعين من الأعيان والصفات اذا كان حاصلا بمشيئة الرب وقدرته لم يكن ازليا

فلما كان من اصل ابن كلاب ومن وافقه كالحارث المحاسبى وأبى العباس القلانسى وأبى الحسن الاشعرى والقضاة أبى بكر بن الطيب وابى يعلى بن الفراء وأبى جعفر السمانى وأبى الوليد الباجى وغيرهم من الاعيان كأبى المعالى الجوينى وأمثاله وأبى الوفاء بن عقيل وابى الحسن بن الزاغونى وامثالهما ان الرب لا يقوم به ما يكون بمشيئته وقدرته ويعبرون عن هذا بأنه لا تحله الحوادث ووافقوا فى ذلك للجهم بن صفوان واتباعه من الجهمية والمعتزلة صاروا فيما ورد فىالكتاب والسنة من صفات الرب على احد قولين اما أن يجعلوها كلها مخلوقات

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير