تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما ثالثاً: فإن الأمر بقتل المرتد عن الإسلام لم يثبت بما يسميه المؤلف العلامة "حديث الآحاد"، وإنما هو شيء ثابت بالسنة المتواترة، معلوم من الدين بالضرورة، لم يختلف فيه العلماء، أعني لم يختلفوا في أن "المرتد يقتل"، أعني أنهم لم يختلفوا فيما يسميه الناس في اصطلاحهم اليوم "المبدأ" وإن اختلفوا في بعض التفصيل، تبعاً لاختلاف النظر في التطبيق، تطبيق "المبدأ" على الفروع، وتطبيقه على الحوادث.

نعم، إن الدستور المصري نص على"حرية الأديان" ففهم الناس أن قصد واضعيه إباحة الردة عن الإسلام لمن شاء وحماية المرتدين، ثم صار هذا كالعقيدة البديهية عندهم، حتى صاروا يرون غيرها منكراً، يعرفون المنكر، وينكرون المعروف، فأظن أن الأستاذ المؤلف، وهو يلقي هذا الكتاب دروساً على خريجي كلية الحقوق (طلبة الليسانس) أراد أن يتألفهم ويقرب إليهم أحكام الشريعة حتى لا ينفروا منها، فغلبه ما أراد من ذلك، ليجمع بين ما ورد من الأحاديث في قتل المرتد، وبين ما قرره الدستور طبقاً لمبادئ "التشريع الحديث"!! التي تأكد ضربها على بلادنا بما جاء في معاهدة "منترو".

وإن الأستاذ المؤلف العلامة لأجلّ في نفسي وأعلم، من أن أظن به أنه لم ير الأحاديث الصحيحة التي وردت في ذلك، ولم يقرأها في مصادرها من دواوين الحديث، فيما تلقى من شيوخه وأساتذته كما تلقينا، وفيما قرأ لطلابه ومريديه كما يقرأ شيوخ العلم وأساطينه. ولكنه حين أراد أن يكتب هذا البحث، وجهه حرصه على تألف طلابه ورغبته في إقناعهم بفضل التشريع الإسلامي وجهة أخرى، أنسته شيئاً كثيراً، وهو العالم الباحث الواسع الاطلاع.

ولقد جاء هو في كتابه (ص128) في نصوص النهي عن القتل بحديث من الأحاديث الواردة في قتل المرتد، قال: ((ومن الأحاديث قوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة)) وهذا حديث عبدالله بن مسعود في البخاري وغيره.

وقد جاء في معناه أيضاً حديث عثمان بن عفان، حين ثار به الثائرون وحصروه وأرادوا أن يقتلوه، فقال: " وبم يقتلونني؟ إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: رجل كفر بعد إسلامه، أو زنى بعد إحصانه، أو قتل نفساً فيقتل بها. فوالله ما أحببت أن لي بديني بدلاً منذ هداني الله، ولا زنيت في جاهلية ولا في إسلام قط، ولا قتلت نفساً، فبم يقتلونني؟ ". وأظن أن هذا صريح وواضح في أن عثمان ومن سمعه من الصحابة، وهم عرب يفهمون كلام العرب على وجهه، وهم الذي حضروا التشريع وفهموا مقاصد رسول الله وأسرار الشريعة: فهموا أن الردة عن الإسلام وحدها موجبة لقتل المرتد، فما يظن واحد منهم أن عثمان كان خارجاً على الدولة محارباً للمسلمين! وهو رئيس الدولة، والذين حرصوا على قتله هم الخارجون المحاربون.

ومن ذلك أيضاً: حديث أبي موسى الأشعري إذ بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم والياً على اليمن، ثم أتبعه معاذ بن جبل "فلما قدم عليه قال: انزل، وألقى إليه وسادة، وإذا رجل عنده موثق، قال: ما هذا؟ قال: هذا كان يهودياً فأسلم، ثم راجع دينه فتهوَّد، قال: لا أجلس حتى يُقْتل، قضاء الله ورسوله، فقال: اجلس، نعم، قال: لا أجلس حتى يُقْتل، قضاء الله ورسوله، ثلاث مرات، فأمر به فقتل". وهذا حكم بَيّن كان في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم) ().

الانحراف الثاني عشر: مبالغته في ذم الدولة الأموية:

كقوله: "كارثتان دخلتا المجتمع الإسلامي ولم يعاف منهما حتى الآن: الكارثة الأولى في تسلل بني أمية إلى السلطة …" (في النقد الذاتي، ص304) وقد أداه هذا الغلو في ذمهم إلى لمز معاوية –رضي الله عنه- (كما في كتابه سيكولوجية العنف، ص157).

وبنو أمية برغم ما قد يقعون فيه من الأخطاء إلا أن دولتهم كانت من أفضل الدول الإسلامية، وانتشر الإسلام فيها انتشاراً لا يجحده إلا مكابر، فكان الأولى بالدكتور أن يحفظ لهم حسناتهم كما أحصى عليهم أخطاءهم.

وأما معاوية –رضي الله عنه- فيكفيه شرفاً صحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولن يضيره حقد أو عداء الرافضة ومن تابعهم من الجهلة.

الانحراف الثالث عشر: إعجابه الشديد –كشيخه- بغاندي الهندوسي!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير