وقال عبدوس بن مالك العطار سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل رضي الله عنه يقول أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - والاقتداء بهم وترك البدع وكل بدعة فهي ضلالة وترك الخصومات والجلوس مع أصحاب الأهواء وترك المراء والجدال والخصومات في الدين إلى أن قال لا تخاصم أحدا ولا تناظره ولا تتعلم الجدال فإن الكلام في القدر والرؤية والقرآن وغيرها من السنن مكروه منهي عنه لا يكون صاحبه إن أصاب بكلامه السنة من أهل السنة حتى يدع الجدال
وقال العباس بن غالب الوراق قلت لأحمد بن حنبل يا أبا عبد الله أكون في المجلس ليس فيه من يعرف السنة غيري فيتكلم متكلم مبتدع أرد عليه قال لا تنصب نفسك لهذا أخبر بالسنة ولا تخاصم فأعدت عليه القول فقال ما أراكإلا مخاصما.
قال القاضي أبو الحسين وجه قول إمامنا قول النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد الله بقوم شرا ألقى بينهم الجدل وحزب عنهم العمل وقيل للحسن البصري تجادل فقال لست في شك من ديني وقال مالك بن أنس كلما جاء رجل أجدل من رجل تركنا ما نزل به جبريل على محمد عليهما السلام لجدله
وقال صلى الله عليه وسلم عليكم بسنتي حديث صحيح
الخبر وروى المظفر السمعاني في كتاب الانتصار لأهل الحديث عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس من أمتي أهل البدع لم نفق له على سند ولا نخاله يصح
وذكر أبو المظفر فيه قيل للإمام مالك بن أنس رحمه الله وما البدع قال أهل البدع الذين يتكلمون في أسماء الله تعالى وصفاته وعلمه وقدرته ولا يسكتون عما سكت عنه الصحابة والتابعون
وقال الأوزاعي عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوا لك القول فليحذر كل مسؤول ومناظر من الدخول فيما ينكره عليه غيره وليجتهد في اتباع السنة واجتناب المحدثات كما أمر انتهى كلام أبي الحسين وقال رجل لأيوب السختياني أكلمك بكلمة قال ولا بنصف كلمة
وقال الأوزاعي إذا أراد الله عز وجل بقوم شرا فتح عليهم الجدال ومنعهم العمل وقال مالك ليس هذا الجدل من الدين بشيء وقال الشافعي رضي الله عنه المراء في العلم يقسي القلوب ويورث الضغائن
وروى أحمد حدثنا عبد الله بن نمير حدثنا حجاج بن دينار الواسطي عن أبي غالب عن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه
إلا أوتوا الجدل ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون) ورواه جماعة منهم الترمذي وقال حسن صحيح هو حديث حسن أخرجه أحمد وابن ماجه والترمذي.
وقال موسى بن هارون الحمال أبو عمران عن أحمد لا تجالس أصحاب الكلام وإن ذبوا عن السنة.
وقال المروذي سمعت أبا عبد الله يقول من تعاطى الكلام لا يفلح ومن تعاطى الكلام لم يخل من أن يتجهم.
وقال ابن شريح قل ما رأيت من المتفقهة من اشتغل بالكلام فأفلح يفوته الفقه ولا يصل إلى معرفة الكلام.
وقال الحسن بن علي البربهاري في كتابه شرح السنة واعلم أنه ليس في السنة قياس ولا تضرب لها الأمثال ولا يتبع فيها الأهواء وهو التصديق بآثار الرسول صلى الله عليه وسلم بلا كيف ولا شرح ولا يقال لم وكيف فالكلام والخصومة والجدال والمراء محدث يقدح الشك في القلب وإن أصاب صاحبه السنة والحق إلى أن قال وإذا سألك رجل عن مسألة في هذا الباب وهو مسترشد فكلمه وأرشده وإن جاءك يناظرك فاحذره فإن في المناظرة المراء والجدال والمغالبة والخصومة والغضب وقد نهيت عن جميع هذا وهو يزيل عن طريق الحق ولم يبلغنا عن أحد من فقهائنا وعلمائنا أنه جادل أو ناظر أو خاصم وقال البربهاري المجالسة للمناصحة فتح باب الفائدة والمجالسة للمناظرة غلق باب الفائدة انتهى كلامه.
وقال ابن الجوزي قال رجل لابن عقيل ترى لي أن أقرأ علم الكلام فقال الدين النصيحة أنت الآن على ما بك مسلم سليم وإن لم تنظر في الجزء وتعرف الطفرة ولا عرفت الخلاء والملاء والجوهر والعرض وهل يبقى العرض زمانين وهل القدرة مع الفعل أو قبله وهل الصفات زائدة على الذات وهل الاسم عين المسمى أو غيره وإني أقطع أن الصحابة رضي الله عنهم ماتوا وما عرفوا ذلك فإن رأيت طريقة المتكلمين أجود من طريقة أبي بكر وعمر فبئس الاعتقاد وقد أفضى علم الكلام بأربابه إلى الشكوك في كلام طويل انتهى كلامه.
¥