تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أنه أنكر تتبع آثار الأنبياء، وأمر بقطع الشجرة التي بويع النبي صلى الله عليه

وسلم تحتها في الحديبية لما قيل له إن بعض الناس يقصدها، حماية لجناب

التوحيد، وحسماً لوسائل الشرك والبدع والخرافات الجاهلية» [6].

المبحث الثالث: الوقوع في أنواع من الكذب [7]:

إن من مفاسد الاهتمام بالآثار لجوء أصحابه إلى الكذب، من أجل الاستدلال

على شرعية ما ذهبوا إليه، أو لغرض تعيين موضع أو تحديد مكان، ولهذا وقعوا

في عدة أنواع من الكذب، تلك الخصلة الذميمة الممقوتة، ويمكن بيان أنواع الكذب

التي وقعوا فيها بسبب الاهتمام بالآثار فيما يأتي:

الأول: الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم: لا شك أن أشد أنواع

الكذب هو الكذب على الله - تعالى - أو على رسوله صلى الله عليه وسلم.

وقد حذر - عليه الصلاة والسلام - من الكذب عليه بقوله: «من كذب عليّ

متعمداً فليتبوأ مقعده من النار» [8].

ويتنوع الكذب هنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقد يكون في أقواله

للاستدلال على شرعية زيارة أماكن الآثار وهذا هو الكثير، وقد يكون الكذب في

آثاره صلى الله عليه وسلم.

ومن نماذج الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم في أقواله ما يأتي:

1 - الأحاديث الموضوعة في فضل زيارة قبره صلى الله عليه وسلم.

2 - الأحاديث المكذوبة في فضل الصخرة بالقدس.

3 - أحاديث في فضل الجامع الأموي بدمشق ومضاعفة الصلاة فيه.

أما الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم في آثاره فإن المقصود به ما قد

ينسب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم كذباً - لا سيما في العصر الحاضر - من

آثاره الحسية كشعراته مثلاً، وكذا دعوى وجود موطئ قدم النبي صلى الله عليه

وسلم على بعض الأحجار.

الثاني: الكذب على غير الرسول صلى الله عليه وسلم، كالكذب على

الصحابة - رضي الله عنهم - أو التابعين رحمهم الله، وغيرهم من الصالحين.

وهذا الكذب عليهم قد يكون في الأقوال، مثل ما ينسب إليهم من الروايات

المكذوبة في ذكر فضائل بعض الأماكن، وقد يكون الكذب عليهم في الأفعال كادعاء

حصول الخير عند بعض القبور مثل ادعاء أن الشافعي كان يدعو عند قبر أبي

حنيفة إذا نزلت به شدة فيستجاب له.

الثالث: الكذب في تعيين موضع الأثر [9]:

ويكثر هذا النوع في تعيين مواضع قبور بعض الصالحين من الصحابة

وغيرهم وكذا المساجد والموالد.

فمن ذلك مثلاً: مسجد يسميه البعض مسجد الكوع؛ لأن الرسول صلى الله

عليه وسلم وضع عليه كوعه ملتمساً شيئاً من الراحة عندما اشتد عليه أذى

القوم!! [10].

ومسجد الراية يذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم ركز رايته يوم الفتح عند

هذا الموقع!! [11].

وتحديد مكان مولد النبي صلى الله عليه وسلم [12].

الرابع: ادعاء بركة بعض المواضع دون مستند شرعي:

ومن النماذج على ذلك: زعمهم أن دار خديجة - رضي الله عنها - بمكة أفضل

المواضع بعد المسجد الحرام، وأن الدعاء يستجاب فيها.

ومنها كثرة ادعاء استجابة الدعاء عند بعض المقابر أو الجبال أو المساجد

المحدثة المبنية على آثار الأنبياء والصالحين.

المبحث الرابع: التشبه بالكفار:

ومن مفاسد الاهتمام بالآثار أن فيه مشابهة للمشركين الذين يهتمون بمثل هذه

الجوانب؛ كما تقدم أن عصبة الأمم قد نصت في صك انتداب بريطانيا على

فلسطين على الاهتمام بالحفريات، وذلك في المادة (21) التي تنص على: «أن

تضع الدولة المنتدبة وتنفذ في السنة الأولى من تاريخ تنفيذ هذا الانتداب قانوناً

خاصاً بالآثار والعاديات ينطوي على الأحكام الآتية .. ». والنبي صلى الله عليه

وسلم يقول: «من تشبه بقوم فهو منهم» [13]. وقد تقدم أيضاً أن المسلمين عاشوا

دهوراً وهم غافلون عن هذه الآثار القديمة لا يعيرونها التفاتاً، ولا يتحدثون عنها

حين يتحدثون إلا كما يتحدثون عن قوم غرباء من الكفرة أو العتاة، لا يثير الحديث

عنهم شيئاً من الحماس أو الزهو في نفوسهم، وظل المسلمون على هذه الحال حتى

بدأ الغربيون بالكشف عن كنوزهم ولفت أنظارهم إليها، فهي عادة غربية ونحن

مأمورون بمخالفة المشركين وعدم التشبه بهم. يقول الشيخ عبد العزيز بن باز -

رحمه الله -: «أما التمثيل بما فعله اليهود والنصارى [14] فإن الله - جل وعلا -

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير