تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أمر بالحذر من طريقهم؛ لأنه طريق ضلال واتباع الهوى، ولا يجوز التشبه بهم

في أعمالهم المخالفة لشرعنا وهم معروفون بالضلال واتباع الهوى والتحريف لما

جاء به أنبياؤهم؛ فلهذا ولغيره من أعمالهم الضالة نهينا عن التشبه بهم وسلوك

طريقهم» [15].

المبحث الخامس: إضاعة السنن:

ومن مفاسد الاهتمام بالآثار إضاعة السنن؛ وهذا من خصائص البدع، ذلك

أن القلوب إذا اشتغلت بالبدع أعرضت عن السنن [16].

ولهذا جاء في الأثر: «ما ابتدع قوم بدعة في دينهم إلا نزع الله من سنتهم

مثلها» [17].

ولا شك أن السنن تموت إذا أُحييت البدع «لأن الباطل إذا عُمل به لزم ترك

العمل بالحق، كما في العكس؛ لأن المحل الواحد لا يشتغل إلا بأحد الضدين» [18].

ثم إن من لم يعطل الفرائض والسنن فستضعف عنايته بها على الأقل بسبب

تعلقه بالبدع.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - عند سياقه مفاسد البدع: «ومنها

أن الخاصة والعامة تنقص بسببها عنايتهم بالفرائض والسنن، ورغبتهم فيها، فتجد

الرجل يجتهد فيها ويخلص وينيب، ويفعل فيها ما لا يفعله في الفرائض والسنن،

حتى كأنه يفعل هذه عبادة، ويفعل الفرائض والسنن عادة ووظيفة، وهذا عكس

الدين، فيفوته بذلك ما في الفرائض والسنن من المغفرة والرحمة والرقة والطهارة

والخشوع، وإجابة الدعوة، وحلاوة المناجاة، إلى غير ذلك من الفوائد، وإن لم

يفته هذا كله فلا بد أن يفوته كماله» [19].

هذا ومن الأمثلة على ما يؤدي إليه الاهتمام بهذه الآثار من إضاعة الواجبات

والسنن ما يأتي:

1 - ما يفعل عند القبور من العكوف عندها والمجاورة، ونحو ذلك من

المظاهر المبتدعة يشغل عن كثير من الفرائض والواجبات والسنن المشروعة في

الدين. بل بلغ ببعض الغلاة إلى تفضيل زيارة المشاهد التي على القبور على حج

البيت الحرام، وإلى اعتقاد أن السفر لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم أفضل

من حج البيت [20].

2 - قصد المساجد المحدثة المبتدعة، وتتبع آثار الأنبياء والصالحين وبعض

الجبال والمواضع، في مكة والمدينة و بلاد الشام وغيرها، لأداء العبادات فيها

كالصلاة والدعاء .. وفي ذلك تعطيل لأداء العبادة المفروضة أو المسنونة في

المساجد الثلاثة الفاضلة، وسائر المساجد الأخرى التي شرعت العبادة فيها.

المبحث السادس: اقتراف المعاصي:

إن من مفاسد الاهتمام بالآثار الوقوع في المعاصي والمنكرات، ومن الأمثلة

على ذلك ما يلي:

1 - صرف النفقات الباهظة المحرمة على بناء القباب والمزارات وكسوتها

بالأقمشة وتزيينها بالمصابيح، وتحبيس الأوقاف على ذلك، وبناء المصاعد على

الجبال، وإضاعة المال عن طريق النذور التي تقدم لصالح الأموات، ويأكلها

السدنة.

2 - اختلاط الرجال بالنساء، وما ينتح عن ذلك من الفتنة والواقع في الدول

الإسلامية خير شاهد على ذلك.

3 - ما يحصل عند بعض المزارات من تبرج وسفور فيحصل فيها من الفتن

ما الله به عليم.

وسائل مقاومة الافتتان بالآثار:

بعد عرض أسباب الافتتان بالآثار وسلبياته لا بد من بيان وسائل مقاومته

للقضاء عليه، والحد من انتشاره بين المسلمين، ويمكن حصر ذلك في عدة وسائل

مهمة، وبيانها فيما يأتي:

المبحث الأول: نشر العلم:

لا يشك أحد في فضل العلم، ورفعة منزلته، وفضل طلبه وفضيلة العلماء،

والمراد بالعلم هنا: العلم الشرعي الذي يفيد معرفة ما يجب على المكلف من أمر

دينه، في عباداته ومعاملاته، والعلم بالله تعالى وصفاته، وما يجب له من القيام

بأمره وتنزيهه عن النقائص [21].

ومن لوازم تعلم العلم: تبليغ العلم، ونشره بين الناس، وتعليمهم إياه، كما

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» [22]،

وكما قال صلى الله عليه وسلم في إحدى خطبه في الحج: «ليبلغ الشاهد

الغائب» [23].

فعلى العلماء بذل العلم ونشره بين الناس على أوسع نطاق، وعدم كتمان العلم

ولا سيما عند شيوع الجهل وظهور البدع، حتى يعرف الناس الحق من الباطل،

ويعبدوا ربهم على بصيرة وعلم.

وبما أن أهم ما يتضمنه العلم الشرعي بيان أصول الدين - المسمى أحياناً بعلم

العقيدة - فإن ذلك يعني بيان العقيدة الصحيحة، عقيدة السلف الصالح التي تقوم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير