ـ[عبدالمحسن المطوع]ــــــــ[30 - 06 - 04, 11:42 م]ـ
هذا جزء من بحث لي، ومن عنده ملاحظات يتحفنا بها مشكوراً مأجوراً:
ذهب أهل السنة في ذلك إلى التفصيل، فلم يقولوا بأن معرفة حسن الأشياء وقبحها متوقف على العقل فقط ولا على الشرع فقط، بل قالوا بالتفصيل، ويوضح ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – فيقول: وقد ثبت بالخطاب والحكمة الحاصلة من الشرائع ثلاثة أنواع:
أحدها: أن يكون الفعل مشتملاً على مصلحة أو مفسدة ولو لم يرد الشرع بذلك، كما يعلم أن العدل مشتمل على مصلحة العالم، والظلم يشتمل على فسادهم، فهذا النوع هو حسن وقبيح، وقد يعلم بالعقل والشرع قبح ذلك، لا أنه ثبت للفعل صفة لم تكن، لكن لا يلزم من حصول هذا القبح أن يكون فاعله معاقباً في الآخرة إذا لم يرد الشرع بذلك، وهذا مما غلط فيه غلاة القائلين بالتحسين والتقبيح، فإنهم قالوا: إن العباد يعاقبون على أفعالهم القبيحة ولو لم يبعث الله إليهم رسولاً، وهذا خلاف النص، قال تعالى: وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً "
النوع الثاني: أن الشارع إذا امر بشيئ صار حسناً، وإذا نهى عن شيئ صار قبيحاً، واكتسب صفة الحسن والقبح بخطاب الشارع.
والنوع الثالث: أن يأمر الشارع بشيئ ليمتحن به العبد، هل يطيعه أم يعصيه، ولا يكون المراد فعل المأمور به، كما أمر إبراهيم بذبح ابنه " فلما أسلما و تله للجبين " حصل المقصود ففداه بالذبح وكذلك حديث ابرص واقرع واعمى .. فالحكمة منشؤها من نفس الأمر لا من نفس الأمور، وهذا التوع والذي قبله لم يفهمه المعتزلة وزعمت أن الحسن والقبح لا يكون إلا لما هو متصف بذلك، بدون أمر الشارع، والأشعرية ادعوا أن جميع الشريعة من قسم الامتحان، وأن الأفعال ليست لها صفة لا قبل الشرع ولا بالشرع، وأما الحكاء والجمهور فأثبتوا الأقسام الثلاثة وهو الصواب " مجموع الفتاوى 8/ 434 - 436.
وبالنسبة لمخالفين:
القول الأول: مذهب الأشاعرة:
أنه لا يجب على العباد شيئ قبل ورود السمع، فالعقل لا يدل على حسن شيئ ولا على قبحه في حكم التكليف، وإنما يتلقى التحسين والتقبيح من موارد الشرع وموجب السمع، إذن فهم يقولون بالتحسين والتقبيح الشرعيين لا العقليين، وينبغي أن يعلم أن مذهب الأشاعرة ليس معناه أن الحسن والقبح زائد على الشرع، مع المصير إلى توقف إدراكه عليه.
القول الثاني: مذهب المعتزلة:
أن الحسن والقبح صفتان ذاتيتان في الأشياء، فالحاكم بالحسن والقبح هو العقل، والفعل حسن أو قبيح، إما لذاته وإما لصفة من صفاته لازمة له، وإما لوجوه واعتبارات أخرى، وأما الشرع فإنه كاشف ومبين لتلك الصفات فقط، ويلحظ من ذلك تسويتهم بين الخالق والمخلوق فيما يحسن ويقبح، وهذه التسوية هي التي جعتلهم يلجؤون إلى نفي القدر عن الله وإثباته للمخلوق فراراً من الظلم.
هذا ملخص الخلاف في هذه المسألة، ومنه يتبين كيف أثر على الخلاف في القدر، فالمعتزلة قدموا العقل على كل شيئ، وقاسوا الله بخلقه، فهم يوجبون على الله من جنس ما يوجبون على العباد، ويحرمون عليه من جنس ما يحرمون على العباد فهم مشبهة الأفعال، وهذا أدى بهم إلى القول بأن الله لا يخلق أفعال العباد، لأنه لو كان هو الخالق لها ثم عذبهم عليها لكان ظالماً لهم، وهذا لا يجوز كما هو الحال بالنسبة للمخلوقين فيما بينهم.
والأشاعرة أدى بهم مذهبهم إلى القول بأن الطاعة ليست علة الثواب ولا المعصية علة العقاب ولا يجب لأحد على الله بل الثواب وما أنعم به على العبد فضل منه والعقاب عدل منه ويجب على العبد ما أوجبه الله عليه، ولا موجب ولا واجب على الله .. فأدى بهم الى القول بأن أفعال العباد كسب لهم فقط وليسوا فاعلين لها في الحقيقة، ومع ذلك فهم مستحقون للثواب والعقاب من الله.
ـ[عبدالمحسن المطوع]ــــــــ[30 - 06 - 04, 11:58 م]ـ
هناك خلل في الرفع
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[01 - 07 - 04, 12:57 ص]ـ
جزى الله الجميع خير الجزاء وجعله في موازين الحسنات وأرجو إثراء الموضوع بأكثر من هذا.
ـ[الدرعمى]ــــــــ[01 - 07 - 04, 02:45 ص]ـ
لقد ترتب على قول المعتزلة بالتحسين والتقبيح العقليين قولهم بوجوب الصلاح والأصلح فقالوا بأن الله تعالى لا يدع فعل ما هو أصلح لنه أولى به وفعل ما دون الأصلح مع فعل الصلح فساد فتصوروا وجود معايير مسبقة تحكم الفعل الإلهى وقالو لإن الإنسان هو الفاعل لما هو دونه وترتب على ذلك انحرافات خطيرة تصدى لها أئمة السلف والحديث وكان القول بخلق الأفعال من نقائص المعتزلة وهم فى ذلك أتباع الفلاسفة والطبائعيين.
أما الأشاعرة فقد راو أن فى القول بالتحسين والتقبيح العقليين تناقضا مع مبدأ طلاقة القدرة الإلهية وتقليل من دور الشرع فقالو إن الله تعالى يتصرف فى خالص ملكه فكل ما يفعله عدل على كل حال ولا يجب على الله تعالى شىء لا صلاح ولا أصلح (انظر الأشعرى: اللمع ص47، 50، 116، 117، وهو يؤول] أحسن الخالقين [بيحسن أن يخلق أنظره صـ 85.)
ومن ثم ذهب الأشاعرة الأوائل إلى أنه قبل ورود الشرع لا يقبح الكذب والظلم ولا يحسن الإيمان والعدل بل ولا يمتنع عقلا أن نؤمر بالكفر وننهى عن الإيمان وإن كان لا بد من وصف الأفعال بالحسن والقبح فليكن الحسن ما أمر به الشرع ورغب فيه والقبح ما نهى عنه وتوعد عليه (راجع اللمع 72 - 74، 96 - 98)
ثم تطور الموقف الأشعرى بعد الجوينى فقالوا إنه لا سبيل لجحد أن ما وافق الغرض من جهة المعقول وإن لم يرد به الشرع يمكن تسميته حسنًا، وواصله الفخر الرازى حتى انتهى إلى القول بالتحسين والتقبيح العقليين ورده إلى ثلاثة أمور الأول: البلوغ لما هو كمال فى نظر العقل أو القضور عنه
والثانى: موافقة الغرض أو مخالفته
والثالث: فعل ما يستوجب الثواب أو العقاب.
وقال إن العقل يمكن أن يدرك وحده القسمين الأولين
¥