تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو مروة]ــــــــ[01 - 07 - 04, 02:59 ص]ـ

للإمام ابن قيم الجوزية كلام نفيس مفصل في كتابه مفتاح دار السعادة، الجزء الثاني، أظن أنه استقصى فيه الموضوع بأكثر مما فعل في مؤلفاته الأخرى، وأورد الأدلة النقلية والعقلية في حوالي مئة صفحة على ما أذكرـ أو الكتاب ليس بين يدي الآن.

ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[01 - 07 - 04, 03:14 ص]ـ

هنا تنبيه لطيف على قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

(النوع الثاني: أن الشارع إذا امر بشيئ صار حسناً، وإذا نهى عن شيئ صار قبيحاً، واكتسب صفة الحسن والقبح بخطاب الشارع.).

و قبل أن نذكر هذا التنبيه أقدم لهذا التنبيه أقول:

كل موجود في هذا الكون لا يخرج عن عدة أقسام:

أولا: ما يجب وجوده عقلا و هو وجود الله تعالى بذاته و صفاته و أفعاله إذا يمتنع أن يكون الله تعالى يجوز أن يوجد و يجوز أن لا يوجد فهذه صفات المخلوقات الكائنة بعد أن لم تكن و هذا الأصل دل العقل و الفطرة و الشرع قال تعالى (أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ) (الواقعة: 59).

و قوله تعالى (ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) (الأنعام: 102).

و الثاني ما يستحيل و يمتنع وجوده عقلا كما قال تعالى (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) (الأنبياء: 22) أي يمتنع عقلا وجود آلهة مع الله تعالى لأنه لو وجدت هذه الآلهة لفسدت السموات و الأرض و لما لم تفسد دل أنه ليس هناك إله مستحق العبادة إلا الله تعالى.

و قوله تعالى (قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ) (الزخرف: 81) فيمتنع عقلا وجود وله للرحمن و إلا لأصبح ممكن الوجود لا واجب الوجود فكما أن ولده ممكن الوجود فهو كذلك ممكن الوجود فهما من حنس واحد.

و الثالث ممكن الوجود عقلا و لكن مستحيل الوجود قدرا أي كتب الله أنه لا يقع مع أنه ممكن وقوعه و ممكن عدم وقوعه و منه إسلام أبو لهب و أبو جهل قال تعالى (وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلآئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ) (الأنعام: 111) أي أن الله تعالى كتب عليهم الكفر فاستحال قدرا وقوع الإيمان منهم لا أنهم لا يستطيعون على الإيمان و لكنا لما علم الله تعالى ما في قلوبهم كتب عليهم الكفر و ختم على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذا الأليم (وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ) (يونس: 88).

و قال تعالى (وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ) (الأنبياء: 95) فالله تعالى قادر على بعثهم مرة أخرى و لكن منع ذلك قدرا و إن كان العقل يجيز ذلك.

الرابع: ما أمكن وجوده عقلا و وجب وجوده قدرا أي وجب وقوعه قدرا و يدخل في هذا كل ما قدر الله تعالى وقوعه و كتبه في اللوح المحفوظ و القسم الثالث و الرابع معلق بعلم الله تعالى فمنه ما علمناه بخبر الله تعالى سواء وجودا أو عدما و منها ما لم نعلمه لأنه من الغيب قال تعالى (مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ) (آل عمران: 179).

و قال (قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ) (الأنعام: 50).

و قال (وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ) (الأنعام: 59).

الخامس: ما أمكن وجوده و لم يمتنع و دل الشرع على حسنه أو قبحه و هذا الأصل هو الذي ذكره شيخ الإسلام و ذكرت الأقسام الأربعة الأولى حتى يتبين الفرق بين هذا القسم و بين باقي الأقسام ثم ليعلم أن الشارع لا يحسن شئ و لا يقبحه إلا و في ذات الشئ أو في وصفه أو يقارنه ما يرجح حسنه أو قبحه فالله تعالى لا يرجح حسن شئ او قبحه من غير مرجح و إلا لكان عبثا يتنزه الله تعالى عنه فكيف يصف الله تعالى الشئ بالحسن أو القبح من غير أن يكون هناك مرجح للحسن و القبح.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير