ـ[أبو المسور المصري]ــــــــ[01 - 07 - 04, 03:48 ص]ـ
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما بعد:
ذكر الدكتور عبد الكريم زيدان في كتابه (الوجيز)، ما ملخصه:
انحصرت الآراء في مسألة التحسين والتقبيح العقليين، في 3 آراء:
أولا: أن العقل يستقل بهما، دون الرجوع إلى الشرع، وهذا مذهب المعتزلة، (وهم أقوى الفرق نصرة له)، وعنهم أخذه الشيعة، والماتريدية (وإدخالي للماتريدية، مستفاد من كتاب أصول الفرق الإسلامية للشيخ الدكتور عمر بن عبد العزيز حفظه الله، ص312، بينما ضم الدكتور عبد الكريم زيدان أبا منصور محمد بن محمد الماتريدي رحمه الله، وهو الذي تنسب إليه الماتريدية، لفريق أهل السنة، في هذه المسألة، والأقرب ما ذهب إليه الدكتور عمر، لأن الماتريدية، عرفوا بنزعتهم العقلية، المشابهة لنزعة المعتزلة، والله أعلم).
ووصل الغلو بالمعتزلة إلى القول بأن العقل يستقل بإدراك الأحكام التكليفية، دون حاجة للشرع، وقالوا بأن الرسول، هو العقل، وأن معرفة الله عز وجل واجبة بالعقل، لا بالشرع، وهذا يشبه إلى حد كبير قول البراهمة الذين أنكروا الرسالات السماوية، وهذا مما يؤكد على الأصول الفلسفية الغير إسلامية لهذه الفرق.
ثانيا: وعلى النقيض، تماما، ذهب الأشلعرة، وعلى رأسهم، أبو الحسن الأشعري رحمه الله، إلى أنه ليس للفعل قبل أمر الشرع ونهيه، حسن أو قبح، والفعل إنما يصير حسنا لأمر الشارع عز وجل به لا لذات الفعل، وفرعوا على هذا:
مسألة التكليف بما لا يطاق، وإن كانوا يقولون، بأن هذا يكون من الناحية العقلية فقط، لا من الناحية الشرعية، فلم يقع التكليف بما لا يطاق شرعا أبدا، وقالوا بأن المراد هنا، أن يضمر المكلف، مع عجزه، أن لو استطاع فعل ما لا يطيقه لفعله، فالمسألة نظرية، لا ينبني عليها كبير فائدة، بينما قال أهل السنة والجماعة، بعدم التكليف بما لا يطاق، واستدلوا بقوله تعالى: (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها)
وفرعوا مسألة، مجافاة الشرع للفطرة، فقالوا بأن الشرع قد يجافي الفطرة، وهذا غير وارد عند أهل السنة والجماعة، فالتكاليف الشرعية، متوائمة مع الفطرة، وإن ظهر تعارضهما بادي الرأي لمن لا علم له بأسرار الشريعة.
وفرعوا مسألة، معرفة الله عز وجل بالشرع، لا بالعقل، وقال الأشعري رحمه الله، بأنه لولا الرسل والأنبياء لما كلف الله أحدا بمعرفته، وهذا مذهب أهل السنة والجماعة، حيث استدلوا بقوله تعالى: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا)، فلا تكليف، ولا ثواب ولا عقاب، قبل إقامة الحجة، ببعث الرسل عليهم الصلاة والسلام، والله أعلم.
ولعل هذا الموقف المضاد الذي تبناه الأشعري رحمه الله، نلتج من خصومته الشديدة للمعتزلة، حيث كان من أبرز رؤوسهم، قبل أن يتبرأ من مذهبهم الفاسد، والله أعلم.
ثالثا: وتوسط أهل السنة والجماعة، فقالوا بأن للأفعال حسنا وقبحا يستطيع العقل إدراكهما، ولكن لا يلزم من كون الفعل حسنا، حسب إدراك العقل، أن يأمر به الشرع، ولا يلزم من كون الفعل قبيحا أن ينهى عنه الشرع، لأن العقول مهما نضجت فهي قاصرة، ومهما اتسعت فهي ناقصة، وعلى هذا فكل ما يمكن أن يقال: هو أن ما في الفعل من حسن يدركه العقل يجعل الفعل صالحا لأن يأمر به الشرع، وأن ما في الفعل من قبح يدركه العقل يجعل الفعل صالحا لأن ينهى عنه الشرع، ولا يقال: إن الحسن والقبح موجبان لحكم الله بالأمر والنهي، وبنوا على ذلك: أن حكم الله لا يدرك بدون وساطة رسول وتبليغه، ومن ثم: فلا حكم لله في أفعال العباد قبل بعثة الرسل أو قبل بلوغ الدعوة، وحيث لا حكم فلا تكليف، وحيث لا تكليف فلا ثواب ولا عقاب، كما سبق.
وختاما، فإن الإطلاع على هذه المسائل الخلافية، يوضح مزية مهمة، لأهل السنة والجماعة، وهي أنهم دوما وسط بين الإفراط والتفريط، أو الغلو والجفاء، فهم، على سبيل المثال، وسط بين الخوارج والشيعة، في الصحابة، ووسط بين الخوارج والمرجئة في قضية الإيمان، ووسط بين القدرية والجبرية في القدر، ووسط بين الصوفية والمعتزلة في مسألة رؤية الخالق عز وجل … الخ. والله أعلم.
ـ[الدرعمى]ــــــــ[01 - 07 - 04, 04:48 ص]ـ
الأخ الكريم أبو المسور المصرى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عندما نتحدث بلا مراجع ينبغى علينا أن نقتصد فى نسبة الأقوال إلى أصحاب المذاهب وألا نغالى فى اتهامهم فليس ذلك من آداب البحث العلمى .. من قال يا أخى إن المعتزلة يقولون بان الأحكام التكليفية تدرك بالعقل وأن الرسول هو العقل إن ذلك القول يساوى جحد النبوة .. ولم يتهمهم أحد من السلف أو الخلف بالخروج عن الإسلام حتى أشد أعدائهم من الأشاعرة.
إننا لا نقر بمذهب المعتزلة وإنما هى ملاحظة منهجية
¥