تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ما دعاني إلى نفي قول أهل السنة والجماعة بعدم تفاضل آي القرآن، أن هذا القول، هو الذي اعتمده ابن كلاب رحمه الله، ومن وافقه من الأشاعرة، وأنقل إليك، أخي الحبيب، مستندي في هذه المسألة، وهو فقرة من كتاب "منهج علماء الحديث والسنة في أصول الدين" للدكتور مصطفى حلمي، حفظه الله، حيث قال في معرض نقده للمسائل التي خالف فيها ابن كلاب، رحمه الله، أهل السنة:

"ولكن وجه الخطأ في تأويل ابن كلاب ومن وافقه: ظنه أنه لا يمكن رد قول الجهمية في القرآن، إلا إذا قيل أن الله تعالى لم يتكلم بمشيئته وقدرته، ولا كلم موسى صلى الله عليه وسلم حين أتاه، ولا قال للملائكة اسجدوا لآدم بعد أن خلقه، ولا يغضب على أحد بعد أن يكفر به، ولا يرضى عنه بعد أن يطيعه، ولا يحبه بعد أن يتقرب إليه بالنوافل، ولا يتكلم بكلام بعد كلام فتكون كلماته لا نهاية لها.

وكانت هذه العقيدة التي اتخذها ابن كلاب رحمه الله وأتباعه بمثابة رد فعل لما زعمه الجهمية بأن القرآن مخلوق، فظنوا أن دفع هذا القول والرد عليه يقتضي الإعتقاد بأن كلام الله تعالى معنى واحد قائم بذاته، وبذلك خالفوا سلف الأمة وجمهورها القائلين بأن كلام الله بعضه أفضل من بعض " اهـ.

وما فهمته من مذهب ابن كلاب رحمه الله، ومن جاء بعده من الأشاعرة، التالي (وأرجو منك التعليق):

¨ أولا: أن الظاهر من الكلام السابق، أن ابن كلاب رحمه الله، نفى تعلق صفة الكلام بمشيئة الله عز وجل، وهذا يظهر من عبارة (ولا يتكلم بكلام بعد كلام فتكون كلماته لا نهاية لها)، بل وظاهر الكلام السابق، أنه ينفي كل الصفات التي لها تعلق بمشيئة الخالق عز وجل كالغضب والمحبة والرضا، فهو لا ينفي الكلام كصفة ذات، وإنما الإشكال في نفيه للكلام على أنه صفة فعلية تتعلق بالمشيئة، بينما مذهب أهل السنة والجماعة، كما قرره، ابن عثيمين رحمه الله، أن الكلام، بإعتبار أصله صفة ذات، وبإعتبار آحاده صفة فعل، وربما كان منشأ هذا زلل ابن كلاب رحمه الله في هذه المسألة، أنه أراد أن ينفي كل ما يوهم الحدوث، في صفات الله عز وجل، فنفى هذه الصفات، وكان بإمكانه أن يخرج من هذا الإشكال، بأن يقول بأن هذه الصفات قديمة النوع، حادثة الأفراد، فينفي ما يوهم الحدوث، ويثبت المشيئة في نفس الوقت، واعتقد، والله أعلم، أن هذا راجع إلى فساد طريقة المتكلمين في إثبات الصانع، حيث اعتمدوا على أمرين:

· قولهم بأن الأعراض القائمة بالجواهر حادثة، أي أن الأفعال التي تتعلق بالذوات حادثة، وهذه مقدمة صحيحة.

· وانتهوا إلى نهاية، في غاية الفساد، وهي أم ما لايخلو من الحوادث فهو حادث، وعليه فإن من أثبت لله أفعالا، أفرادها حادثة، وإن كانت أنواعها قديمة، فقد نفى أزلية الخالق عز وجل، وهذا كما ترى، أخي الحبيب، معنى في غاية الفساد، والصحيح ما نقلته لك، من قدم الأنواع وحدوث الأفراد المتعلقة بالمشيئة، والله أعلم.

وممن شدد عليهم النكير، في مسألة نفي تعلق الكلام بمشيئة الخالق عز وجل، ابن خزيمة رحمه الله، حيث ذكر الدكتور مصطفى، حفظه الله، ناقلا عن شيخ الإسلام رحمه الله، أن الناس انقسموا بعد ظهور هذا الرأي إلى فريقين:

· الفريق الأول: فريق ابن خزيمة رحمه الله، ومن تابعه كالحاكم والسلمي والشهرستاني وابن مندة رحمهم الله.

· والفريق الثاني: فريق ابن كلاب رحمه الله، ومن تابعه كأبي ذر الهروي وأبي بكر البيهقي رحمهما الله.

ولكن صدى هذا الخلاف لم يتعد أن أمر ابن خزيمة رحمه الله، في رواية، ولاة الأمر بتأديبهم (أي أتباع ابن كلاب رحمه الله)، لمخالفتهم له وكانوا من أتباعه، وفي رواية أخرى، أنه هب مناقشا لآراء الكلابية (فلم يزل يصيح بتشويهها، ولقن في الكتاتيب ونقش في المحاريب، (وهذا هو محل الشاهد)، أن الله تعالى متكلم … إن شاء تكلم وإن شاء سكت).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير