تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و الأمر الثاني – وهو أنه لم يسبقه أحد لنقل الاجماع- منتقض من ثلاثة وجوه:

الأول:

أن عدم نقل الاجماع في القرون المفضلة فمابعدها ليس من " قوادح الاستدلال بالاجماع " عند الاصوليين، فقد يتقرر الاجماع دون طروء حاجة إلى نقله.

الثاني:

أن هذا يلزم منه نقض الاجماع الذي ينقله من بعد الصحابة من التابعين فمن بعدهم كالاجماع على كفر تارك الصلاة الذي لم ينقله صحابي واحد وإنما نقله عبدالله بن شقيق فمن بعده، ولنا أن نقول كما قال المخالف في هذه المسألة (مبالغا) بلابرهان:

" فلم لم يَنْقُل ذلك عن أحد ممن قبله كماهي عادته في مسائل العلم , وأين هي أقوال هؤلاء؟! وهل يستطيع أحد أن ينقل ذلك عن ثلاثة ممن قبله فضلا عن جماعة منهم؟! وأليس عجبًا حكاية إجماع المسلمين على حكم من أصول الديانة ... لا يمكن نقله عن ثلاثة فقط من أهل العلم الذين سبقوا حاكي الإجماع؟! وهل يعقل هذا؟! "

الثالث:

أن قوله عن ابن حزم رحمه الله في النقل السابق " كماهي عادته في مسائل العلم " أي بنقل إجماع قد سبق إلى نقله، تحكم منه بلادليل، فمن نص على أن عادة ابن حزم هي " نقل الاجماع بعد استقرار نقله "!

وهل بنى ابن تيمية رحمه الله نقده ل " مراتب الاجماع " إلا على خلاف هذه العادة!

وقد نقل ابن حزم رحمه الله الاجماع على وجوب تسمية المولود في: " مراتب الاجماع " وهي من مسائل العلم، فهل تعرف أحدا سبقه إلى نقل هذا الاجماع، أم أن هذا مما خالف فيه عادته رحمه الله؟!

==================================

وأما الاعتراض الأول الذي بنيته على التسليم وهو أن المفسرين قد خالفوا ابن حزم في تفسير التولي بالإعانة.

فقد سبق أنه مجازفة وتهويل بلادليل، ولم يفسر أحد من المفسرين التولي في هذه الآية بغير النصرة والإعانة ومادل عليهما.

فقد قال شيخ المفسرين الطبري رحمه الله في جامع التأويل (6/ 277):

"يعني تعالى ذكره بقوله (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ): ومن يتول اليهود والنصارى دون المؤمنين فإنه منهم، يقول: فإن من تولاهم ونصرهم على المؤمنين فهو من أهل دينهم وملتهم".

وقال البغوي رحمه الله في معالم التنزيل (1/ 686):

" (ومن يتولهم منكم) فيوافقهم ويعنهم (فإنه منهم) ".

وعلى هذين الامامين من أهل السنة فقس قول اهلها، ولاتخل تفسير البيضاوي والنسفي وأبي السعود من نظر، فإن عدمت فيهما تفسيرا للتولي بالنصرة أو الإعانة فاشطب على هذه المباحث برأس قلمك.

بل إن ابن الجوزي رحمه الله لم يتعرض كما سبق لتفسير التولي، وإنما حكى خلافا في معنى الآية لا في حكم الإعانة، وهذا الخلاف الذي حكى (بعض أقواله) ولم يصرح بقائليها هو خلاف تنوع يكثر إيراده في كتب التفسير كماقرره غير واحد من أهل التحقيق.

وقد سبق أن ابن الجوزي عنى بالتولي هنا (مطلق الموالاة) لا النصرة والإعانة، ولم يسق هذا تفسيرا للتولي وإنما حكاه معنى مجملا للآية لايعارض غيره من المعاني.

و (المحكم) من أقوال المفسرين لايصح أن يعارض به هذا (المتشابه) من قول هذا العالم.

وأما الاعتراض الثاني وهو قول الشافعي بما يخالف مدلول هذا الإجماع

فأول وجه في نقضه هو نقله هكذا بلازمام ولاخطام، إذ هو دليل ضعف الثقة فيه ممن نقله.

وثاني وجه في ذلك هو ماسبق تقريره في أول الحوار من أن كلام العلماء الذي يفهم منه اشتراط هذا الشرط (المحدث) للتكفير بإعانة الكفار لايسد أبدا ثغرة ترك التنصيص على هذا الشرط من علماء الإسلام على مر الأعوام، وإن كان سكوت العلماء عن نقل الاجماع على التكفير بمطلق الاعانة إلى عصر ابن حزم رحمه الله محال (غير معقول)، فكيف بإطباقهم في هذه القرون المتطاولة على إطلاق التكفير بالنصرة والإعانة دون (نص) واحد فضلا عن إجماع يدل على اشتراط شرط المحبة القلبية لدين الكفار، بل دون ذكر لقائل بهذا الشرط من اهل الإسلام حتى السنة الماضية أو التي قبلها

==========================

والآن أخي الكريم أبو حاتم، هل عندك على هذا الكلام أعلاه تعليق، أم ننتقل إلى النص الثاني من نصوص الاجماع؟

ـ[محب العلم]ــــــــ[17 - 08 - 04, 02:59 م]ـ

أخي أبو حاتم

أنبه إلى أن القائل بإقامة الحد على من لحق بالكفار هو ابن حزم رحمه الله، خلافا لمن يرد عليهم قولهم بجعله مثل الكفار من كل وجه، وقد جرى تقرير المسألة في كلامي بعكس القولين، وهو وإن لم يكن له أثر على وجه الرد، إلا أنني رغبت في تصحيحه بعد أن حاولت تحرير الرد أول الأمر فلم أتمكن من ذلك.

وأرجو منك قبل الانتقال إلى النص الثاني، أن تنقل كلام الشافعي الذي فهمت منه مخالفته للمسألة، ليحصل التباحث فيه، وإلا فالانتقال إلى مبحث آخر أولى، إذ قد فهمت وجه اعتراضك على هذا النقل للاجماع وأنت رأيت جوابي، فالبحث عن (نص) نجمع على دلالته أولى من الوقوف طويلا عند كل اختلاف.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير