ولا تنس الإجابة على سؤالي! أعني:
تقول: ((ليس كل دلالة إعانة، فقد تكون إعانة وقد تكون دون ذلك)).
طيب .. متى تكون الدلالة إعانة؟ ومتى لا تكون؟
لا بد من بيان هذا حتى يتضح قولك , ونعرف متى يكون التجسس إعانة عندك ومتى لا يكون. ثم ننظر هل الفقهاء (أو الشافعي) خصوا صورة من صورة عند كلامهم عن الجاسوس.
ـ[محب العلم]ــــــــ[23 - 08 - 04, 08:32 م]ـ
أخي الكريم الفاضل أبو حاتم:
أرجو من فضيلتك أن تتأمل جوابي على سؤالك الذي سألته ليحصل منك فهمه على وجهه فلعل في ذلك - إن شاء الله - خيرا كثيرا لهذه المباحثة فلاتبخل عليه بوقتك ودلني على مواطن الخلل عندك فيه.
===================================
لا شك أن من أهل العلم من يضمن بالدلالة كالإمام أحمد رحمه الله وانتصر له أصحابه كابن قدامة رحمه الله في المغني كمافي الموضع السابق، ولم يدع أحد أن الاجماع قد انعقد على التضمين بالدلالة.
وهم لم يختلفوا في أن الدلالة ليست إعانة، وإنما اختلفوا في إلحاق الدلالة بالاعانة في التضمين.
والذين قالوا بالتضمين لم يجعلوا الدلالة والاعانة شيئا واحدا في الحقيقة، وإنما ألحقوا الدلالة بالاعانة لحديث أبي قتادة المتقدم، ولم يحتجوا على خصمهم بأن الدلالة هي الاعانة أو صورة من صورها فتدخل في حكمها.
ولهذا فهم يعبرون تجوزا بقولهم: أعان بدلالة.
كمايعبر بعضهم تجوزا بقوله: أتلف بإهمال.
مع أن الاهمال ليس بإتلاف في الحقيقة، ولكنه يعطى حكمه في بعض الصور، كالحال في الاجير الخاص والمشترك والمستأجر إذا فرطوا.
وهذا مدخل مهم قبل الجواب على سؤالك فليكن منك على ذكر.
============================
متى تكون الدلالة إعانة؟
سؤالك هذا أخي أبو حاتم وإن كان خروجا عن محل البحث وبعدا عنه، إذ محله هو إثبات أن الدلالة في حقيقتها ليست إعانة وإن كانت تعطى حكمها في بعض الصور، وتكون إعانة في بعضها كماسيأتي، فإذا ثبت أنها محتملة للاعانة فمادونها فهذا هو المقصود لاثبات أنها ليست مناطا صالحا للتكفير بالاعانة، لأن مااحتمل الاعانة وهي مناط التكفير وعدمها فهو ليس ب " كفر بين " كما قال الشافعي رحمه الله.
إلا أنني أرجو أن يكون سؤالك هذا هو الطريق الذي سيوصلك بإذن الله إلى برد اليقين في هذه المسألة.
=======================
من المعلوم أخي الكريم أن الشريعة قد جرت في وضعها على العموم العادي لا على العموم الكلي التام الذي لايتخلف عنه جزئي البتة، وعلى هذا تجد سائر القواعد التكليفية كماقرره الشاطبي رحمه الله في الموافقات عند كلامه عن العموم والخصوص في الفصل الرابع من كتابه.
وقد فرق الفقهاء رحمهم الله بين القول الصريح والمحتمل وبين الفعل الصريح والمحتمل في الأحكام الوضعية أيضا في أبواب كثيرة من الفقه مراعاة لمقصد الشارع بوضع الشريعة على مقتضى الوضع السابق بدليل تفريق الشارع في تصرفاته بين الصريح والمحتمل في مناسبات كثيرة، فتراهم يفرقون بين صريح القول وكنايته في الوقف والطلاق والرجعة والظهاروالقذف والاقرار، ويفرقون بين صريح الفعل ومحتمله في الديات والحدود والصيد ونحوها.
فما كان صريحا فإنه لا يستفصل فيه عن قصد فاعله وإن ادعى خلافه، وإنما يجري قوله وفعله على ظاهره، إذ لايكون بناء الأحكام الظاهرة إلا على الظاهر.
وأما ماكان محتملا فإنه لايعطى حكم الصريح قبل الاستفصال من فاعله، وماكان كذلك فظهور القصد فيه معتبر لبناء حكم الظاهر عليه، وهذا متعذر بغير الاستفصال.
ومن ذلك وصف (الاعانة) فإنها مناط للتكفيرفي الشريعة إذا كانت للكفار المحاربين على المسلمين سواء قصد المُعين ظهور الكفر أو لم يقصد ذلك مادام أن فعله ظاهر في حصول هذا الظهور وعلو أحكام الكفر على حكم الاسلام.
وهذا الفعل الظاهر وهو إعانة الكفار على المسلمين هو الذي علقت به الشريعة حكم التكفير والقتل بأدلة كثيرة من الكتاب والسنة ونقل عليه إجماع هو محل بحثنا، إذ الشريعة لاتعلق الأحكام بالأوصاف الخفية أو غير المنضبطة
والأقوال والأفعال في دخولها في الاعانة على قسمين:
¥