تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بل قلت لك: " سؤالك هذا أخي أبو حاتم وإن كان خروجا عن محل البحث وبعدا عنه، إذ محله هو إثبات أن الدلالة في حقيقتها ليست إعانة وإن كانت تعطى حكمها في بعض الصور، وتكون إعانة في بعضها كماسيأتي، فإذا ثبت أنها محتملة للاعانة فمادونها فهذا هو المقصود لاثبات أنها ليست مناطا صالحا للتكفير بالاعانة، لأن مااحتمل الاعانة وهي مناط التكفير وعدمها فهو ليس ب " كفر بين " كما قال الشافعي رحمه الله ".

إلا أنني أرجو أن يكون سؤالك هذا هو الطريق الذي سيوصلك بإذن الله إلى برد اليقين في هذه المسألة. "

ثم أجبتك عن سؤالك هذا بجواب طويل لخصت لك ماتضمنه في أمرين قلت في الأول منهما:

أن الدلالة تكون كفرا إذا قصد فاعلها الاعانة بقلبه.

فالدلالة تكون إعانة شرعا إذا قصد الدال الاعانة بقلبه، لأن الدلالة محتملة للاعانة ولغيرها، والتكفير لايتعلق بأمر محتمل.

والدخول في معنى الدلالة والاعانة في اللغة ليس من مقاصد الجواب عن سؤالك أصلا، إذ يكفي لتقرير الجواب السابق في إلحاق حكم الدلالة حكم الاعانة أن يقصد الدال الاعانة بفعله المحتمل لها.

ودلالة هذا الفعل على الاعانة دلالة تحتاج إلى استفصال بخلاف الخروج مع الكفار في قتالهم مثلا فهو فعل ظاهر في كونه إعانة، ولذلك أجراه النبي صلى الله عليه وسلم كما سبق على ظاهره ولم يستفصل، بل لم يقبل دعوى الاكراه فيه.

والفرق بين الظاهر والخفي هو وجود الاحتمال وعدمه.

فإن كان سؤالك: متى تكون الدلالة إعانة شرعا، فقد بينت لك.

وإن كنت تقصد لغة:

فكل دلالة تنفع المدلول فهي إعانة

فحقيقة الدلالة مباينة لحقيقة الاعانة.

فإذا اقترن الانتفاع بالدلالة للمدلول مع الدلالة صارت إعانة.

وهذا الانتفاع إن كان الدال عالما بحصوله فهو معين وإن لم يكن عالما بذلك فهو دال.

والعالم بالانتفاع لايمكن أن يكون إلا قاصدا للاعانة

ولكن ليس لنا أن نحكم بكونه عالما بالانتفاع لنعلم أنه قاصد للاعانة وإن كان الفعل نافعا في نفس الأمر، حتى نستفصل منه عن حصول حقيقة هذا العلم المستلزم للقصد.

وليس الانتفاع علة للحكم على فاعل الاعانة بالاعانة، ولكنه وصف إذا تركب مع الدلالة صارت إعانة غير ظاهرة.

وأما كلام أهل العلم الذي نقلته في إطلاقهم اسم الاعانة على الدلالة.

فقد قلت لك قبل أن أهل العلم قد يطلقون اسم الاعانة على الدلالة عند إجراء أحكام الإعانة عليها مع كونها محتملة لها فقط.

===========================

أرجو أخي الفاضل أن أكون قد وفقت في شرح جوابي لك، وألايكن في صدرك حرج منه، وأن تعلم أني كنت جادا حين طلبت منك الاعراض عن كل مايشغلك عن تفهم مرادي، واني لم أطلبك منك ترك التعليق على التنبيه وإنما طلبت منك تأجيله حتى تعلق على الجواب، وإن كنت أجزم أن تعليقك عليه لن يكون إلا تكثير كلام في غير محله.

============================

وكل ماعندي أخي الكريم في التعليق على الاستدلال بحكم الجاسوس قد ذكرته لك، وأقول لك فيه ماقلته لك سابقا بأنه لامزيد عندي عليه إلا شيئا يؤكده ويقرره ولايضيف معنى زائدا عليه فيما أحسب.

فإن شئت مواصلة الكلام في الاجماع فلامانع لدي من ذلك، وإلا فالانتقال إلى مبحث الأدلة.

وتذكر أنه ليس من شرط الإخوة أن نتفق على كل شئ.

============================

ـ[أبوحاتم]ــــــــ[24 - 08 - 04, 01:12 م]ـ

الأخ الكريم (محب العلم) وفقه الله

يبدو أنك لن تستطيع أن تبرهن على دعواك أن الدلالة ليست صورة من صور الإعانة , وإنما تأخذ حكمها أحيانا. ولن تستطيع أن تبين لنا بحجة صحيحة متى تأخذ حكم الإعانة ومتى لا تأخذ. ولن تستطيع أن توضح لنا بدليل معتبر متى تكون دلالة الجاسوس للكفار من الإعانة ومتى لا تكون.

صدقني .. لن تستطيع ذلك , لا لقصور فيك , ولكن لأن ما تطلبه غير موجود. فأرح ذهنك وسلِّم بأن دلالة الكفار على عورات المسلمين (التجسس) إعانة لهم على المسلمين , لغة وعرفا , لا ريب في هذا ولا شك.

فإذا صح هذا فكيف تستقيم حكاية الإجماع على أن كل إعانة للكفار هي كفر أكبر , مع أن أهل العلم لم يحكموا بكفر من تجسس وأعان الكفار بدلالتهم على عورات المسلمين؟!

ولننظر كيف حكم الشرع في هذه الصورة من صور الإعانة للكفار على المسلمين , لأنه يكشف لنا المراد بالنهي عن موالاتهم وتوليهم والأثر المترتب على من فعل ذلك , وباقي صور الإعانة حكمها حكم هذه , ولا فرق , لأن المناط واحد , ومن يدعي الفرق فعليه بالبرهان الذي لن يجده.

فتأمل حديث حاطب رضي الله عنه تجده نصا غاية في البيان والوضوح والتفصيل لدلالة تلك النصوص , ففيه البيان لأن من أعان الكفار لا نصرة لدينهم ورغبة في ظهور كفرهم وإنما طلبا للدنيا أنه لا يكفر , وأن من فعل ذلك نصرة لدينهم ورغبة في ظهور كفرهم فقد كفر كفرا أكبر.

ومن وقعت منه الإعانة , يستفصل عن قصده , ويعمل بقوله فيما يخبر به عن نفسه , ويوكل سره إلى الله , كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع حاطب رضي الله عنه , وكما شرح ذلك الشافعي أحسن شرح.

وبهذا نكون أعملنا دلالة جميع النصوص , ولم نردَّ منها شيئا بحجة إشكاله , وإنما السبب في إشكاله عندنا هو عدم إعمالنا لما يدل عليه.

وليكن هذا هو آخر ما أكتبه في هذا الحوار النافع المفيد مع الأخ الشيخ الكريم «محب العلم» وفقه الله.

والحمد لله رب العالمين.

وكتب أخوك المحب لك في الله «النقّاد» عفا الله عنه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير