تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إن قول أخينا الفاضل محب العلم هو الحق الموافق للدليل ولقد أجاد وفقه الله في نقد أدلة أخينا الفاضل أبو حاتم وفقه الله أيما إجادة في اسلوب علمي راق وذق أدبي فريد فالله أسأل أن ينفع به ويحفظه ويبارك فيه وفي علمه ....

وما انتهىعليه الحوار من صورة حاطب رضي الله عنه هي صورة محتملة هو الصحيح إن شاء الله

وهذا ليس مختصا بمسألة الولاء فحسب فكل المكفرات التي تتمثل في صور متعددة لا تخلوا عن صور هي منها ومن أفرادها لكنها تكون محتملة في طبيعتها للكفر وغيرة وهذا أصل مقرر لا ينبغي الخلاف حوله

كمسألة سب الدين والإستهزاء به فلا شك أن صورالسب والإستهزاء متعددة وبعضها صريح الدلالة عليه وبعضها قد لا يكون صريحا فيشكل من جهة اإحتمال القول أو الفعل اكثر من معنى وهنا يجب الإستفصال عن القصد بخلاف الصور الواضحة التي يحكم على صاحبها بمجرد قوله.

وهذا معلوم لا شك فيه

وقصة حاطب رضي الله عنه متحقق فيها هذا الأمر من وجوه:

- منها أن العلماء قد اختلفوا في حكم فعله هل هو كفر أم لا؟ وهذه حقيقة لا ينبغي التغافل عنها لأنها تثبت ما نقرره من كونها صورة محتملة،بينما نقل الإجماع _ ولو لم يسلم به _ على كفر من ناصر الكفار وأعانهم علىالمسلمين بالنفس والمال والرأي ...

_ومنها: هو قول الشافعي رحمه الله نفسه والذي قرر فيه أن هذه الأعمال ليست بكفر " بين "،

وهذا من أقوى الدلائل أن هذا العمل جنسه مكفر، وإلا فليس لأحد أن يقرر أن الزنا والسرقة وشرب الخمر مثلا ليس أيا منها بكفر بين، فيدل على أن هذه الأعمال لها خصوصية تتميز بها عن باقي المعاصي والكبائر والتي لايقال فيها ليست بكفر بين و ينبغي الإستفصال عن قصد صاحبها وإن ترجح في النهاية عدم التكفير بها وكونهامن الذنوب إلا أنها قد تحتمل الكفر وغيره.

وأرى أن الباحث قد يقف عند تقرير هذا الأمر في المسألة فحسب ولا يكلف وضع الضوابط التي يتعسف في طلبها أخونا أبو حاتم وفقه الله، فهي راجعة في الغالب إلى الحكم علىالمعين والنظر في قرائن الحال والمقال فهي تختص أصالة بتحقيق المناط ونحن هنا في مقام تقرير الأحكام.

ولعلي أنقل من كلام بعض أهل اعلم ماتيسر بخصوص فعل حاطب رضي الله عنه مما يدل علىبعض ماسبق.

قال ابن الجوزي في كشف المشكل (في حديث حاطب رضي الله عنه)

تقرب إلى القوم ليحفظوه في أهله بأن أطلعهم على بعض أسرار رسول الله صلى الله عليه وسلم في كيدهم وقصد قتالهم وعلم أن ذلك لا يضر رسول الله لنصره الله إياه وهذا الذي فعله أمر يحتمل التأويل ولذلك استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه حسن الظن وقال إنه قد صدقكم وقد دل الحديث على أن حكم المتأول في استباحة المحظور خلاف حكم المتعمد لاستحلاله تأويل ودل على أن من أتى محظورا وادعى في ذلك ما يحتمل التأويل كان القول قوله في ذلك وإن كان غالب الظن بخلافه ... "

نقلا عن الفروع ج: 6 ص: 114

أحكام القرآن للجصاص ج: 5 ص: 325

" قال أبو بكر ظاهر ما فعله حاطب لا يوجب الردة وذلك لأنه ظن أن ذلك جائز له ليدفع به عن ولده وماله كما يدفع عن نفسه بمثله ثم التقية ويستبيح إظهار كلمة الكفر ومثل هذا الظن إذا صدر عنه الكتاب الذي كتبه فإنه لا يوجب الإكفار ولو كان ذلك يوجب الإكفار لاستبابه النبي صلى الله عليه وسلم فلما لم يستتبه وصدقه على ما قال علم أنه ما كان مرتدا وإنما قال عمر ائذن لي فأضرب عنقه لأنه ظن أنه فعله بلا تأويل فإن قيل قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه إنما منع عمر من قتله لأنه شهد بدرا وقال ما يدريك لعل الله قد يتحقق على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم فجعل العلة المانعة من قتله كونه من أهل بدر وقيل له ليس كما ظننت لأن كونه من أهل بدر لا يمنع أن يكون كافرا مستحقا للنار إذا كفر وإنما معناه ما يدريك لعل الله قد علم أن أهل بدر وإن أذنبوا لا يموتون إلا على التوبة ومن علم الله منه وجود التوبة إذا جائز أن يأمر بقتله أو يفعل ما يقتطعه به عن التوبة فيجوز أن يكون مراده أن أهل بدر وإن أذنبوا فإن مصيرهم إلى التوبة والإنابة وفي هذه الآية دلالة على أن الخوف على المال والولد لا يبيح التقية في إظهار الكفر وأنه لا يكون بمنزلة الخوف على نفسه لأن الله نهى المؤمنين عن مثل ما فعل حاطب مع خوفه على أهله وماله

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير