تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال: وأما قول الله تعالى: (ومن يتولهم منكم فإنه منهم) فلا حجة لهم في هذا أصلاً، لأنه ليس فيه إسقاط الحدود على من أبق إليهم أو أرتد وإنما فيها أن المرتد من الكفار، وهذا لا شك فيه عند مسلم (فإن قالوا): بلى ولكن لما كان منهم حكم له بحكمهم قلنا: لهم هذا واضح، وبرهان ذلك إجماعكم معنا على أن المرتد لا يقر على ردته بخلاف المشرك الكتابي الذي يقر على كفره إذا أدى الجزية صاغراً وتذمم، وأنه لا يقبل من المرتد جزية أصلاً عندكم؛ وأنه لا تنكح المرتدة بخلاف المشركة الكتابية؛ وأنه لا تؤكل ذبيحة المرتد بخلاف المشرك الكتابي ولا يسترق المرتد إن سبى كما يسترق المشرك إن سبى فقد أقررتم ببطلان قياسكم الفاسد فأبطلتم أن يقاس المرتد على الكافر في شيء من هذه الوجوه ويلزمكم أن لا تقيسوه عليهم في سقوط الحدود فهو أحوط لقياسكم، ولاح أنهم في هذه المسألة لا النص من القرآن والسنة اتبعوا، ولا القياس طردوا، ولا تعلقوا بشيء أصلاً، وبالله تعالى التوفيق.

وصح أن قول الله تعالى: (ومن يتولهم منكم فإنه منكم) إنما هو على ظاهره بإنه كافر من جملة فقط وهذا حق لا يختلف فيه اثنان من المسلمين فإن ادعوا أن المرتد لا تقبل منه جزية، ولا تؤكل ذبيحته، ولا يسترق إجماعاً دل ذلك على جهل من أدعى ذلك أو كذبه. فقد صح عن بعض السلف أخذ الجزية منهم، وعن بعض الفقهاء أكل ذبيحته إن إرتد إلى دين صابىء، وأبو حنيفة وأصحابه يقولون: أن المرتدة إذا لحقت بأرض الحرب سبيت واسترقت ولم تقتل ولو أنها هاشمية أو عبشمية.

قال مبارك: من خلال مجموع كلام الإمام علمنا مقصوده وهو أن هذا المرتد وإن كان من جملة الكفار ويحكم له بحكمهم لا يسقط الحدود السالفة عليه ... وما نقلته عنه من كلامه قبل قليل يوضح ذلك.

ـ وقال ابن حزم في " المحلى " (11/ 194ـ 195): اختلف الناس فيمن خرج من كفر إلى كفر ... ثم ذكر اختلاف العلماء في ذلك وسرد أدلتهم. ثم قال: هذا كل ما موهوا به من التشنيع وكل هذا عائد عليهم على ما نبين إن شاء الله، أما قول الله تعالى: (والذين كفروا بعضهم أولياء بعض) فحق ولا حجة لهم فيه لأنه ليس فيه إلا أنهم كلهم أولياء بعضهم لبعض فقط وليس في هذه الآية حكم إقرارهم، ولا حكم قتلهم، ولا حكم ما يُفعل بهم من شيء من أمورهم أصلاً، وكذلك قوله تعالى: (قل ياأيها الكافرون) إلى آخرها ليس فيها أيضاً إلا أننا مباينون لجميع الكفار في العبادة والدين وليس في هذه السورة شيء من أحكامهم. لا من إقرارهم ولا من ترك إقرارهم؛ وقد قال الله تعالى مخاطباً لنا: (ومن يتولهم منكم فإنه منكم) فمن تولاهم منا فهو منهم كما قال تعالى: (والذين كفروا بعضهم أولياء بعض) فهلا تركوا المرتد إليهم منا على ردته؟ باخبار الله تعالى منهم فإن لم تكن هذه الآية حجة في إقرار المرتد منا إليهم على ذلك فذانك النصان ليسا بحجة فيما أرادوا التمويه بإيرادهم من الخارج منهم من كفر إلى كفر يقر على ذلك وبالله تعالى التوفيق.

ـ وقال ابن حزم في " المحلى " (11/ 197ـ 198): ميراث المرتد، قال أبو محمد: اختلف الناس في ميراثه ... ثم ذكر مذاهب العلماء في ذلك وإيراد أقوالهم وسرد حججهم ... وفي نهاية بحثه قال: فلما اختلفوا نظرنا في ذلك فكان الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنه لا يرث المسلم الكافر مانعاً من توريث ولد المرتد وهم مسلمون مال أبيهم المرتد لأنه كافر وهم مسلمون .. ثم احتج على مذهب إليه بحديث أسامة بن زيد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: " لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم " وهذا عموم منه عليه السلام لم يخص منه مرتد من غيره (وما كان ربك نسيا)، ولو أراد الله أن يخص المرتد من ذلك لما أغفله ولا أهمله بل قد حض الله تعالى على أن المرتد من جملة الكفار بقوله تعالى: (ومن يتولهم منكم فإنه منهم) فسقط هذا القول جملة وبالله تعالى التوفيق.

* قال مبارك: وما ذكره الأخ المفضال النّقاد حول كلام الإمام الجليل ابن حزم ـ رحمه الله تعالى ـ فيه (خير) و (بركة).

ـ[ابن وهب]ــــــــ[27 - 08 - 04, 01:01 ص]ـ

أخي الحبيب الشيخ محب العلم غفر الله لك

وانا مجرد مشارك واحسب انه في مجلس المذاكرة قد يسمح لمن هم مثلي -في قلة العلم- بالمشاركة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير