تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فلو كان مرداه بالتولي مجرد الدخول في دينهم لما كان لقوله نصرتهم على المؤمنين

ولقوله

(اتخاذهم حلفاء وانصار على اهل الايمان) معنى ولو انه قصد اشتراط معرفة الاعتقاد القلبي في كل صور الموالاة لذكره ونص عليه وبينهوتأمل قوله

(وقد يجوز أن تكون الاَية نزلت في شأن عُبادة بن الصامت وعبد الله بن أبيّ ابن سلول وحلفائهما من اليهود, ويجوز أن تكون نزلت في أبي لُبابة بسبب فعله في بني قريظة, ويجوز أن تكون نزلت في شأن الرجلين اللذين ذكر السدّيّ أن أحدهما همّ

باللحاق بدهلك اليهودي والاَخر بنصراني بالشأم, ولم يصحّ من هذه الأقوال الثلاثة خبر يثبت بمثله حجة فيسلم لصحته القول بأنه كما قيل. فإذ كان ذلك كذلك فالصواب أن يُحْكم لظاهر التنزيل بالعموم على ما عمّ, ويجوز ما قاله أهل التأويل فيه من القول الذي لا علم عندنا بخلافه غير أنه لا شك أن الاَية نزلت في منافق كان يوالي يهودَ أو نصارى, خوفا على نفسه من دوائر الدهر, لأن الاَية التي بعد هذه تدل على ذلك, وذلك قوله: فَتَرى الّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أنْ تُصِيبَنا دَائِرَةٌ ... الاَية.

) انظر جوز كل هذه الأقوال ولو تأملت هذه الروايات لاتضح لك ذلك بشكل اكبر

ثم قال (غير أنه لا شك أن الاَية نزلت في منافق كان يوالي يهودَ أو نصارى, خوفا على نفسه من دوائر الدهر) فهذا المنافق ما والاهم عن رضا بدينهم بل قاله (خوفا على نفسه من دوائر الدهر) وهذا السبب لم يكن مانعا من انطباق الوعيد في حقه

وهو قوله تعالى (ومن يتولهم منكم فانه منهم) فاين اشتراط محبة ظهور دين الكفار ونحو ذلك

وقوله (أن الاَية نزلت في منافق) فهذ واضح لان هذا الفعل أو هذا القول لايقدم عليه الا منافق

وهذا موضع يحتاج الى تأمل

عبارة الامام الشافعي رحمه الله (لا يحل دم من تثبتت له حرمة الاسلام الا ان يقتل أو يزني بعد احصان أو يكفر كفرا بينا بعد ايمان ثم يثبت على الكفر وليس الدلالة على عورة مسلم ولاتأييد كافر بأن يحذر أن المسلمين يريدون منه غرة ليحذرها أو يتقدم في نكاية المسلمين بكفر بين) انتهى

فهذا النص يدل على ان هذه الصور التي ذكرها ليست بكفر بين ولكن هل في هذا النص ان جميع صور مظاهرة المشركين ليست بكفر بين

بل المتأمل في هذا النص ومابعده يتضح له الأمر بشكل أكبر وأوسع

استدل الشافعي لما اختاره بقصة حاطب رضي الله عنه ثم ذكر ان الواجب استعمال الظاهر وطرح الظنون

ثم اخبر بانه اذا كان ما وقع من حاطب رضي الله عنه على عظمه لايكفر بهاالرجل دون استفصال عن حاله

فما دون ذلك أولى ان لايكفر بهالرجل

وذلك بقوله

(فإذا كان من خابر المشركين بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم يريد غرتهم فصدقه ما عاب عليه الأغلب مما يقع في النفوس فيكون لذلك مقبولا كان من بعده في أقل من حاله وأولى أن يقبل منهم مثل ما قبل منه)

فهنا يقول الشافعي بان (الدلالة على عورة مسلم ولاتأييد كافر بأن يحذر أن المسلمين يريدون منه غرة ليحذرها أو يتقدم في نكاية المسلمين) لايكون كفرا بينا فما دونه من باب أولى واذا كان من خابر المشركين بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا حكمه فمن خابر المشركين بأمر أحد قادة المسلمين من باب أولى

تأمل هذا جيدا

كلام الشافعي هو فيما دون فعل حاطب رضي الله عنه لا فيما هو فوق فعل حاطب رضي الله عنه

فليس في كلام الشافعي انه لايكفر بجميع صور المظاهرة والتولي بل من فعل كفعل حاطب رضي الله عنه وما كان دونه استفصل عن حاله

ماذا عن من فعل ما هو فوق عمل حاطب رضي الله عنه لم يتحدث عنه الشافعي ولا اشار اليه

فلا يمكن ان يستدل بهذا النص بأن كل مظاهر التولي يحتاج الى استفصال

وقد يقول قائل

(نص الشافعي على هذه الصور فيه دلالة ان هناك صور اخرى لايشترط فيها معرفة الاعتقاد القلبي)

مثال

يقول القاضي عياض رحمه الله

(وكذلك نكفر بكل فعل أجمع المسلمون انه لايصدر الا من كافر وان كان صاحبه مصرحا بالاسلام مع فعله ذلك الفعل (ثم عدد صور ثم قال (والسعي الى الكنائس والبيع مع أهلها والتزيي بزيهم من شد الزنانير وفحص الرؤس فقد أجمع المسلمون أن هذا لايوجد الا من كافر وان هذه الأفعال علامة على الكفر وان صرح فاعلها بالاسلام) انتهى

ولاشك ان ان السعي الى الكنائس والبيع مع اهلها الخ من صور التولي

فكذا يمكن ان يقال بان كل فعل يعتبر مظاهرة للمشركين على المؤمنين أجمع المسلمون انه لايصدر الا من كافر,

وهذا هو فهم السلف بدليل ما أثر عن أحمد (حسب التفسيرات الوادة) فهذا واضح منه ان امام اهل السنة

لم يفهم من حديث حاطب رضي الله عنه ان كل مظاهر مظاهرة المشركين على المؤمنين يشترط فيها الاستفصال ومعرفة الاعتقاد القلبي

وكذا ماجاء في كلام ابن حزم

وهذا التفصيل ينبغي الاعتماد عليه اذ هو فهم من بلغنا من السلف

نجد حتى القرطبي رحمه الله يفسر قوله

(ومن يتولهم منكم فانه منهم) بما يتعارض تماما مع اشتراط الاستفصال في جميع صور التولي

فان اضافة شرط الاستفصال عن الاعتقاد القلبي في جميع صور التولي يحتاج الى نقل صريح

اذ هو مخالف لفهم الامام أحمد (على قول)

ومخالف لقول غيره من العلماء

فالذي يعتمد على قصة حاطب رضي الله عنه في اشتراط معرفة الاعتقاد القلبي في جميع صور مظاهرة التولي

فهذا فهم فهمه واجتهاد اجتهد فيه واجتهاده هذا يخالف اجتهاد الامام أحمد واجتهاد ائمة الدعوة النجدية

ولااعرف نص صريحا في اشتراط معرفة الاعتقاد القلبي في جميع مظاهر التولي

والله أعلم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير