وقسم ثالث اتبعوا موجب الدليل وصاروا إليه ولم يقدموا عليه قول من ليس قوله حجة , ثم انقسم هؤلاء قسمين:
فطائفة علمت أنه يستحيل أن تجمع الأمة على خلاف هذا الدليل , وعلمت أنه لا بد أن يكون في الأمة من قال بموجبه وإن لم يبلغهم قوله , فما كل ما قاله كل واحد من أهل العلم وصل إلى كل واحد من المجتهدين , وهذا لا يدعيه عاقل , ولا يدعي في أحد. وقد نص الشافعي على مثل ذلك , فذكر البيهقي عنه في المدخل أنه قال له بعض من ناظره: فهل تجد لرسول الله سنة ثابتة متصلة خالفها الكل؟ قلت: لا لم أجدها قط كما وجدت المرسل.
وطائفة قالت: يجوز أن لا يتقدم به قائل , ولكن لا يلزم انعقاد الإجماع على خلافه , إذ لعل تلك النازلة تكون قد نزلت فأفتى فيها بعض العلماء أو كثير منهم أو أكثرهم بذلك القول ولم يستفت فيها الباقون ولم تبلغهم , فحفظ فيها قول طائفة من أهل العلم ولم يحفظ لغيرهم فيها قول , والذين حفظ قولهم فيها ليسوا كل الأمة فيحرم مخالفتهم.
قالوا: فنحن في مخالفتنا لمن ليس قوله حجة أعذر منكم في مخالفتكم لمن قوله حجة , فإن كنتم معذورين في مخالفة الدليل لقول من بلغتكم أقوالهم مع أنهم ليسوا كل الأمة فنحن في مخالفتهم لقيام الدليل أعذر عند الله ورسوله منكم. وهذا كما تراه لا يمكن دفعه إلا بمكابرة أو إجماع متيقن معلوم لا شك فيه. وبالله التوفيق».
وقال في (618 - 619): «الوجه الحادي عشر: أنا لو لم نعلم النزاع في هذه المسألة لم يكن لنا علمٌ بالإجماع المعلوم الذي تكون مخالفته كفرا أو فسقا عليها , بل ولا ظنٌّ به؛ فإنا قد رأينا أكثر هؤلاء الذين يحكون الإجماع إنما يحكونه على حسب اطلاعهم , ومعناه عدم العلم بالمخالف , وقد رأيتَ مِنْ نقضِ إجماعاتهم التي حكوها ما هو قليل من كثير , فغاية هذه الإجماعات أن تفيدنا عدم علم ناقلها بالخلاف , وهذا بمجرده لا يكون عذرا للمجتهد في ترك موجب الدليل , والله أعلم».
هذا وابن القيم رحمه الله يتحدث عن تلك الإجماعات السكوتية التي يُنقل فيها القول عن بعض أهل العلم ولا يعلم قائل الإجماع لهم مخالفًا ..
فكيف لو رأى إجماعًا (زعموا) لا يستطيع أصحابه نقل القول بما تضمنه نصًّا عن إمام واحد من أئمة العلم والدين السابقين؟!!
ثم يطالبوننا بأن ننقل نحن الخلاف نصًّا!! ولا يرضيهم أن ننقل القول بخلاف ما تضمنه إجماعهم عن أحد الأئمة , بل لا بد أن ننقل التصريح بنقل الخلاف!!
.
ـ[المقرئ]ــــــــ[01 - 09 - 04, 03:43 م]ـ
(2/ 5)
(تأملا ت)
نصوص القرآن والسنة تحتاج في عموماتها إلى أولي العلم للنظر في مدلولاتها وإلا فإن التمسك بظواهرها أخاذ ولو كان الأمر كذلك لاستوى كثير من أنصاف المتعلمين مع أولي العلم الكبار
أرأيت قول الله تعالى " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون " هل أجمع على ظاهرها
أرأيت قول الرسول صلى الله عليه وسلم " من تشبه بقوم فهو منهم " و " من غشنا فليس منا " هل أجمع على ظاهرهما
هذه النصوص لم يكتف العلماء بتفسيرها من لفظها فقط ولو فعلوا لكفروا –بتشديد الفاء- ولكن من خلال قراءة النصوص والتأليف بينها وبين النصوص الأخرى استطاعوا أن يصلوا إلى المعنى الصحيح منها
وهذا هو محض الإيمان بالمتشابه وهو ابتلاء من الله جل وعلا لعباده فكم من عام في النصوص له دلالاته اللغوية تجد أن الشارع قصره على معناه الشرعي فقط ولا يخفاك أنه ما من معنى لغوي إلا وهو أعم من المعنى الشرعي – وإن نقل خلاف في بعض –
كذلك الموالاة لو تأملت صورا كثيرة لوجدت ظاهرها من معاني الموالاة ومع ذلك الإجماع منعقد على عدم كفره، وصورا كثيرة الخلاف قائم في كفره
مما يدل على أن النص يحتاج إلى تنقيح وتحقيق للمناط فماهو مناط الكفر المستند إلى إجماع ابن حزم أكرر المستند إلى إجماع ابن حزم
لست ممن يصادر القول بالتكفير أو يصادر فهم غيره للنص كلا ولا أدعو إلى هذا بل القول موجود ولكن الكلام فقط هو التأكد من تحقق الإجماع في هذه المسألة " من عاون الكافر على المسلم بمطلق الإعانة لهوى مع بغضه لدينهم وكراهيته للكفار فإنه يكفر استنادا إلى الإجماع الذي نقله ابن حزم
¥