تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

خامسا: حاطب لم يكن متأولا في فعله هذا لا في الكفر و لا في المعصية و إن كان ذكر هذا بعض أهل العلم بل هو مقر بخطأه و ذنبه و ما نفاه عن نفسه الكفر و لم ينف عن نفسه الذنب و الخطيئة و عندما سأله النبي صلى الله عليه و سلم عن فعله هذا لم يرد بسؤاله هل أنت أذنبت أم لا فإن هذا مستقر عند الصحابة جميعا و لكن سأله هل فعلت هذا مظاهرة للكفار على المسلمين أم لا؟.

و مما يدل على أنه مذنب أن النبي صلى الله عليه و سلم قال (لعل الله اطلع على اهل بدر فقال اعملو ما شئتم قد غفرت لكم) فدل على أنه أذنب ذنبا غفر الله له تعالى هذا الذنب بسبب سابقته في معركة بدر.

أما في الكفر فلو أنه وقع في الكفر لما غفر الله له تعالى لأن الكفر لا يغفر بإجماع الأمة قال تعالى {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (5) سورة المائدة و قوله {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} (72) سورة المائدة و مثل حاطب لا يجهل حكم هذه المسألة و الدليل على ذلك أنه نفى عن نفسه الكفر و الإرتداد عن الدين و لو كانت حقيقة فعله المظاهرة لبين لهم تأويله و عذره.

سادسا: ما ذكره حاطب رضي الله عنه (أردت أن يكون لي عند القوم يد يدفع الله بها عن أهلي و مالي و ليس أحد من أصحابك إلا له هناك من عشيرته من يدفع الله به عن أهله و ماله) هو الدافع الذي دفعه لكتابة هذا الكتاب و هو دافع دنيوي لا يؤثر في الحكم بشئ فمن زنا و قال غلبتني شهوتي أو سرق و قال بأنه رأى مالا غير محرز فأخذه ليس عذرا له في الأثم و المعصية.

سابعا: مما يدل على أن فعل حاطب كان مجرد الإخبار قوله (فقلت أكتب كتابا لا يضر الله و رسوله) و في لفظ (أما إني لم أفعله غشا يا رسول و لا نفاقا قد علمت أن الله مظهر رسوله و متم له أمره) فكان فعله من باب إفشاء أسرار المسلمين و الدلالة على عورات المسلمين و هو نوع موالاة و لا شك لذا قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ} (1) سورة الممتحنة و ذكر أهل التفسير أن سبب نزول هذه الآية قصة حاطب رضي الله عنه و لا يلزم من قولنا بأنه موالاة أنه كفر مخرج من الملة أو أنه مظاهرة للكفار على المسلمين فالموالاة أقسام منها ما هو مخرج من الملة و منها ما هو غير مخرج من الملة و فعل حاطب غير مخرج من الملة و ليست من المظاهرة بشئ لأن المظاهرة مساعدة الكفار على المسلمين بأي مساعدة و هذا فيه مجرد الإخبار قد يلزم منه إستفادة الكفار من هذه الكتابة و لكن هذا اللازم لا يعرف إلا بالقرائن أو بالإستفسار من الكاتب عن مراده بهذه الكتابة ففرق بين بين صريح القول و الفعل و بين ما يلزم من القول و الفعل و القاعدة أن لازم القول ليس بلازم حتى يلتزمه صاحبه فهؤلاء أهل البدع يلزم من أقوالهم الباطلة من اللوازم ما تقشعر منها الأبدان و لو التزموها لما توقف أحد من أهل العلم بكفرهم فتدبر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير