6 - ونتوسلُ إلى اللهِ: أي نتقرَّبُ إليهِ بطاعتهِ، وهو معنى الوسيلةِ في القرآنِ، ونطلبُ الوسيلةَ لرسول الله صلى الله عليه وسلَّم كما ورد في الحديث الصَّحيح: ((من قال حين يسمع النِّداء: اللهمَّ ربَّ هذه الدَّعوةِ التَّامَّةِ، والصَّلاةِ القائمةِ، آتِ محمَّدًا الوسيلة والفضيلة، وابعثهُ المقام َ المحمودَ الَّذي وعدته، إنَّك لا تخلف الميعاد َ، حلَّت له شفاعتي))، وورد تفسيرُ هذه الوسيلةِ في حديث ((سلوا الله لي الوسيلةَ، فإنَّها درجةٌ في الجنَّةِ لا تنبغي إلاَّ لعبدٍ من عبادِ اللهِ، وأرجو أن أكون أنا ذلك العبد))
وأمَّا التوسلُ بالنَّبي صلى الله عليه وسلَّم في قول عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه ((اللَّهُمَّ إنَّا كنَّا إذا أجدبنا توسلنا إليك بنبينا فتسقيَنا، وإنَّا نتوسلُ إليك بعمِّ نبيِّنا فاسقنا)) فتوسُّلٌ بِدُعَائِهِ، وهذا خاصٌّ بحالِ حَيَاتهِ، ولِهَذا عَدلَ عمر رضي الله عنهُ بعدَ مماتهِ إلى التَّوسُّلِ بِدُعاءِ عمِّهِ العبَّاس.
والتَّوسُّل بالنبي صلى الله عليه وسلَّم يومَ القيامةِ يكونُ بشفاعتهِ، وأمَّا التوسلُ بمعنىً غَير ذلكَ فليسَ بشرعيٍّ.
7 - وزيارتنَا القبورَ دعاءٌ للموتى، وادِّكارٌ للآخرةِ، وحسبُنا أن نُلقيَ عليكم ما كان النبي صلى الله عليه وسلَّم يعلِّمه أصحابه ليقولوه إذا زاروا القبورَ: ((السَّلام عليكم أهل الدِّيارِ من المؤمنينَ والمسلمينَ، وإنَّا إن شاءَ اللهُ بكم لاحقونَ، ويرحمُ اللهُ المستقدمينَ منَّا ومنكم والمستأخرينَ، نسألُ اللهَ لنا ولكم العافيةَ، اللَّهمَّ لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنَّا بعدهم)).
واعلموا أنَّ زيارة القبور على ثلاثة أنواعٍ: شرعيَّةٍ، وبدعيَّةٍ، وشركيَّةٍ.
فالشَّرعيَّةُ: هي التي يُقصدُ بها تذكّرُ الآخرة،والدُّعاء للميِّت، واتِّباع السُّنَّة.
والبدعيَّةُ: هي التي يُقصدُ بها عبادة الله عند القبور، كما يفعله جهلة النَّاس، لظنِّهم أنَّ للعبادة عندها مزيَّة على العبادةِ في المساجدِ التي هي أحبُّ البقاعِ إلى الله، وقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلَّم في عِدَّة أحاديثٍ النَّهيُ عن الصَّلاة عند القبورِ، واتِّخاذها مساجد.
والشِّركيَّةُ: هي التي يُقصدُ منها تعظيمُ القبور ودعاؤها، أو الذَّبحُ لها، أو النَّذرُ لها، أو غير ذلك من العبادات التي لا تصلح إلاَّ للهِ، فهذهِ حقيقةُ الشِّركِ، والأدلَّةُ عليها كثيرةٌ جدّاً وقد تقدم بعضها.
8 - والبناء على القبورِ بدعةٌ، وقد أَرسلَ النبيُ صلى الله عليه وسلَّم عليَ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه، فأمرهُ أن لا يدعَ قبرا مشرفا إلاَّ سوَّاه بالأرض، وأخرج مسلم في صحيحه عن أبي الهيَّاج الأسدي إنَّه قال: قال لي علي بن ابي طالب رضي الله عنه: إنِّي لأبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلَّم ((أنْ لا تدعَ تمثالاً إلاَّ طمستهُ، ولا قبرا مشرفا إلاَّ سوَّيتهُ)).
9 - والحَلِف بغيرِ اللهِ منهيٌّ عنهُ، ويكفي أن نسردَ عليكم شيئًا مما وردَ فيهِ.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم ((من حلف بغير الله فقد أشرك)) وفي لفظ ((فقد كفر))
وقال صلى الله عليه وسلَّم ((من كان حالفا فليحلف بالله))
وقال عليه السَّلام ((لا تحلفوا بآبائكم، فإنَّ الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم))
فليحذرِ الذينَ يخالفونَ عن أمرهِ أن تصيبهم فتنةٌ أو يصيبهم عذابٌ أليم.
10 – ونعتقدُ أنَّ أفضلَ المخلوقينَ وأكملَهم نبيُّنا محمدٌ صلى الله عليه وسلَّم، وقد وصفهُ الله بالعبوديَّةِ في أشرفِ المقاماتِ، وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلَّم أنَّه قال ((ما أحبُّ أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله))، وورد ((لا تُطروني كما أطرتِ النَّصارى ابن مريم، إنَّما انا عبدُ الله ورسوله)).
11 - والإيمان قولٌ وعملٌ، قولُ القلبِ واللِّسانِ، وعملُ القلبِ والجوارحِ، يزيدُ بالطَّاعةِ وينقصُ بالمعصيةِ.
12 - ولا نكفِّرُ أحدًا من أهلِ القبلةِ بمجردِ المعصيةِ، ولا نسلبُ الفاسقَ المليَّ اسمَ الإيمانِ بالكليَّةِ، ولا نخلِّدَهُ في النَّارِ كما تقُولُ المعتزلةُ، ولا نكفِّرَهُ بالكبائرٍ كما تقول الخوارِجُ، وإنَّما نقول: هو مؤمنٌ بإيمانهِ فاسقٌ بكبيرتهِ.
¥