تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هذا الندب والتفجع والتوجع رمزاً معروفاً، ولعله يستخدم هذه الوسيلة تأثرً بالذين

يستغلون حب المسلمين قاطبة لآل البيت من أجل الوصول إلى أهداف أخرى.

وهو الذي تحول بآخره إلى الاحتطاب بحبلهم!

وسبب آخر وهو تحويل المعركة من طرفين يشك الجمهور في تكافئهما؟

وهما: البوطي وابن تيمية، إلى طرفين قد يوجد من الناس من يقول بتكافئهما وهما:

الغزالي وابن تيمية! والتبعة على البوطي ستكون أخف وأهون - أو هكذا يظن

- إذا ما جعل هذين الإمامين يتصارعان وعندها قد يقف على مبعدة منهما يفرك

يديه ضاحكاً قائلاً:

وكتيبةٍ لبستها بكتيبةٍ حتى إذا التبست نفضتُ لها يدي

يقول البوطي [ص 160]:

«ولكن ابن تيمية أنحى باللائمة- على الغزالي بسبب خوضه في تلك

المصطلحات والمقاييس (مصطلحات ومقاييس الفلاسفة) واتهمه أكثر من مرة بما

كان جديراً به أن يشكره عليه، انطلاقاً من قراره الجازم بأن الاشتغال بعلم الكلام

لإحقاق الحق الذي جاء به القرآن والسنة، عمل مبرور لا حرج فيه ولا مانع منه.

ويضع البوطي على طريقته في الإيهام والتلبيس في الحاشية ما يشير إلى أن

مضمون ما قاله موجود في صفحة 184 من الجزء التاسع من مجموع فتاوى ابن

تيمية.

ولكن - قبل أن نرجع إلى الموضوع المشار إليه - ما مضمون كلامه؟

إن مضمونه أن ابن تيمية:

1 - أنحى باللائمة على الغزالي بسبب خوضه في مصطلحات ومقاييس

الفلاسفة.

2 - اتهمه أكثر من مرة بما كان جديراً أن يشكره عليه!

ولكن ما هذا الذي كان يجب على ابن تيمية أن يشكر الغزالي عليه؟! لقد

تركه البوطي مبهماً!

3 - إن لابن تيمية قراراً جازماً لا مثنوية فيه بأن الاشتغال بعلم الكلام لإحقاق

الحق الذي جاء به القرآن والسنة عمل مبرور لا حرج فيه ولا مانع منه.

نقول:

أما إن لابن تيمية كلاماً في الغزالي فلا ينكر ذلك أحد، وأما أن يكون هذا

الكلام حقاً أو باطلاً في نفسه فهذا متروك للعلماء ليقرروه، وهو مباح لكل ناظر

وباحث - لكن بشروط البحث والنظر - لينظر فيه ويبحث عن وجه الحق فيما

احتواه. ولكن غير المباح، بل المعيب؟ أن تدعى دعاوى لا دليل عليها لمجرد

تشويه السمعة والصد ليس إلا! وإذا كان البوطي غيوراً على من يحب - وهذا حقه

- فاللائق به أن يجمع أطراف كلام ابن تيمية في الغزالي، وأن يناقش ذلك مناقشة

العلماء، وأن لا يقصقص أطراف النقول والاستشهادات حتى توافق هواه، وتتفق

مع ما في نفسه من دخن على ابن تيمية.

ولنعد إلى ص 184 من الجزء التاسع من مجموع الفتاوى.

يتكلم ابن تيمية عن عيب نظار المسلمين طريق أهل المنطق، وبيانهم

قصورها وعجزها، ورأيهم في المنطق جملة فيقول:

«ومازال نظار المسلمين يعيبون طريق أهل المنطق، ويبينون ما فيها من

العي واللكنة، وقصور العقل وعجز النطق؛ ويبينون أنها إلى إفساد المنطق العقلي

واللساني أقرب منها إلى تقويم ذلك. ولا يرضون أن يسلكوها في نظرهم

ومناظراتهم، لا مع من يوالونه ولا مع من يعادونه.

وإنما كثر استعمالها في زمن «أبي حامد»؛ فإنه أدخل مقدمة من المنطق

اليوناني في أول كتابه «المستصفى»، وزعم أنه لا يثق بعلمه [1] إلا من عرف

هذا المنطق.

وصنف فيه «معيار العلم» و «محك النظر»؛ وصنف كتاباً سماه:

«القسطاس المستقيم»، ذكر فيه خمس موازين: الثلاث الحمليات؛ والشرطي

المتصل، والشرطي المنفصل. وغير عباراتها إلى أمثلة أخذها من كلام المسلمين،

وذكر أنه خاطب بذلك بعض أهل التعليم، وصنف كتاباً في تهافتهم، وبين كفرهم

بسبب مسألة قدم العالم، وإنكار العلم بالجزئيات، وإنكار المعاد وبين في آخر كتبه

أن طريقهم فاسدة؛ لا توصل إلى يقين؟ وذمها أكثر مما ذم طريقة المتكلمين.

وكان أولاً لا يذكر في كتبه كثيراً من كلامهم: إما بعبارتهم؟ وإما بعبارة أخرى،

ثم في آخر أمره بالغ في ذمهم؛ وبين أن طريقهم متضمنة من الجهل والكفر ما

يوجب ذمها وفسادها أعظم من طريق المتكلمين؟ ومات وهو مشتغل بالبخاري

ومسلم.

والمنطق الذي كان يقول فيه ما يقول؟ ما حصل له مقصوده، ولا أزال عنه

ما كان فيه من الشك والحيرة؛ ولم يغن عنه المنطق شيئاً.

ولكن بسبب ما وقع منه في أثناء عمره وغير ذلك، صار كثير من النظار

يدخلون المنطق اليوناني في علومهم، حتى صار من يسلك طريق هؤلاء من

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير