ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[25 - 12 - 04, 06:38 ص]ـ
- بارك الله فيك ...
ومما يؤيد إتيانه على الكناية (وهي حقيقةٌ أيضاً) في كلام العرب، قال الله تعالى: ((ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط)).
هل المقصود في الآية لا تربط يدك في عنقك؟!
الكلام عن النفقة والتبذير فيها أو التقتير، ثم الوصاية بالاقتصاد في ذلك.
- وبما أننا تثبت جميعاً سبب النزول وأنَّ كلام اليهود كان عن البخل لا عن اليد الحقيقية فالجواب مطابقٌ عن الشبهة التي أثاروها سواء بسواء، وهذا ما يقتضيه الخطاب والسياق.
أما أنَّ الآية قد يثبت منها صفة اليد ضمناً فهذا شيءٌ آخر.
وهو ما يشير إليه كلام ابن كثير وابن تيمية المتقدمين فوق!
- نقاشنا هنا عن مراد الله في خطابه بهذه الآية، لا عن المضمون والنتيجة واللازم.
- وخوفنا من عدم إثبات المبتدعة لصفة اليدين لا يحملنا عن حمل الآية من الخطاب ما لم يرد به.
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[25 - 12 - 04, 07:35 ص]ـ
بل فى الاية رد على المعطلة .. على وجه بليغ ... وتقرير ذلك كما يلي:
المعطلة يتهمون اليهود بالتجسيم ... وينبزون المهتدين .. بالحشوية والوهابية .. ويتهمونهم بمشابهة اليهود .... وعليه فقول اليهود ... يد الله مغلولة .... تجسيم لا محالة .. فى نظر المعطلة .... وهنا قاصمة الظهر.:كبف يقر الله تعالى اليهود على اثبات اليد .... بل يزيد الله تعالى لنفسه يدا ثانية ... ؟؟؟
لماذا صحح لهم ما زعموه من بخل .. ولم يصحح لهم ما اثبتوه من يد .. ؟؟ بل لقد صحح لهم .. ليس بنفي اليد بل بإضافة يد اخرى .. ولا ادري كيف يرد المعطلة ..
ـ[حارث همام]ــــــــ[25 - 12 - 04, 11:26 ص]ـ
شيخنا الفاضل أبو عمر ..
أحسن الله إليكم الكناية تكون في لغة العرب -إجماعاً- من حيث الأصل بإثبات شاهدها، وهذا مبين في نقول ماضية، فيعدل عن التصريح (بالبخل مثلاً) إلى إثبات الشاهد الدال عليه (بسط اليدين بالعطاء)، ولهذا قالوا ليست بمجاز.
هذا هو الأصل، وقد يستعيرون بعد ذلك التعبير كله فيجعلونه مجازاً عن البخل (يده مغلولة) أو الكرم (يده مبسوطة) مع من غاب عنه الشاهد (كالأقطع مثلاً) ولكن هذا كشأن سائر المجازات عند من يقول بها لا يثبت إلى بقرينة عقلية أو نقلية ظاهره لكونه خلاف الأصل إذا القول بأنه مجاز يستلزم نفي الشاهد على الحقيقة، ومن هذا قولهم بسط اليأس كفيه في صدري، فهذا قام دليله العقلي على أن التعبير هنا مجاز [على القول به].
وقد ذكر الزمخشري شاهداً على مراده هذا في تفسير الآية لم أجده عند غيره! وهو:
جاد الحمى بسط اليدين بوابل * شكرت نداه تلاعه ووهاده
وحمل الآية عليه والسبب عنده في القول بالمجاز هو امتناع وصف الله بصفات الجلال والكمال عقلاً لما يلزم من ذلك من لوازم قررها أشياخه المعتزلة.
وعلى كل حال من قال في قول الله تعالى: (ولاتجعل يدك مغلولة)، هي كناية عن البخل كلامه صحيح لأن من جعل يديه مغلولة إلى عنقه (حقيقة) لم ينفق بها (هذا هو الأصل على حقيقته).
فسؤالكم: هل الذي ورد في سياق (الآية التي معنا) ذكر اليد الحقيقية أو الكناية عن الكرم (مع عدم نفي اليد)، جوابه:
جاء ذكر اليد هنا تصريحاً لاتضمناً حقيقة لامجازاً، ولايقول هي غير حقيقية إلاّ من حملها على القدرة أو النعمة وحمل التعبير كله على المجاز لدليل قام عنده، أما من لم ينص على أنها مجاز، أو لم يؤولها، واكفتى بذكر أن التعبير يفيد البخل أو هو كناية عن البخل فلايقتضي كلامه أنها غير مرادة، ويقتضي من حيث الأصل أن المتكلم يثبتها حقيقة.
وهذا نظيره قول الله تعالى في الآية نفسها: (غلت أيديهم) فالتعبير كناية عن بخلهم كما قال ابن كثير نفسه [وذكر غيره أن الغل هنا حقيقي بأسرهم .. ]. ويتضمن إثبات الأيدي لهم، وفي هذا مطابقة مع ما تقدمه تمنع تنافر الكلام وزوال سننه، فمن قال الآية هنا لاتتضمن إثبات اليد ولكنها لاتنفها كان كلامه مخالفاً للأصل قائلاً بنوع مجاز بغير حجة ظاهرة، ففرق بين من يقول بالكناية ومن يقول بأن هذه الكناية مجاز عن كذا، فالأول يثبت الألفاظ من حيث الأصل والآخر يأولها مع اتفاق الجميع -في الغالب- على القدر الزائد المراد وهو البخل.
ولهذا استدل بهذه الآية على إثبات اليد لله أهل السنة كالحميدي وغير واحد من المتقدمين بل قال أبو إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري عن الجمهية أنهم: "يردون على اليهود قولهم: (يد الله مغلولة)، فينكرون الغل وينكرون اليد، فيكونون أسوء حالاً من اليهود، لأن الله تعالى أثبت الصفة ونفى النعت واليهود أثبتت الصفة والنعت وهؤلاء نفوا الصفة كما نفوا النعت" [بيان تلبيس الجهمية 1/ 271]، وكلام الأخ الفاضل أبوعبد المعز الذي أشار إليه في رده السابق قريب من هذا المنقول، أما استدلال شيخ الإسلام ابن تيمية والإمام ابن القيم بالآية على إثبات صفة اليد فكثير وهو الحق فالتعبير كله كناية وألفاظه مثبتة مرادة كحال الأصل في ألفاظ الكنايات.
والله أعلم.
¥