تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

النظر إليه وقد علمنا أن أهل الجنة وأصحاب الجنة منهم النساء المحسنات أكثر من الرجال. وقال لنا - مثلا -: يوم الجمعة يراه الرجال دون النساء وقال لنا أيضا: لا يراه كل يوم مرتين إلا أعلى أهل الجنة وفرضنا أن النساء لا يرينه بحال - كل يوم مرتين - ولا يوم الجمعة ولا فيما سوى ذلك قط وهذا وإن كان من وقف على هذا الكلام يعلم أنه لا خلاف بين العلماء؛ بل ولا بين العقلاء في أنه لا يدل على نفي جنس " الرؤية " ولا يخص ذلك اللفظ العام ولا يقيد ذلك المطلق - فإنما رددت الكلام فيه للمنازعة فيه فلا يظن أنا أطلنا النفس فيه لخفائه؛ بل لرده مع جلائه. ولك أن تعبر عن " هذا الجواب " بعبارات. إن شئت أن تقول: " أحاديث الإثبات " أثبتت رؤية مطلقة للرجال وللنساء ونفي المقيد لا ينفي المطلق فلا يكون المطلق منفيا فلا يجوز نفي موجبه. وإن شئت أن تقول: " أحاديث الإثبات " تعم الرجال والنساء و " أحاديث النفي " تنفي عن النساء ما علم أنه للرجال أو ما ثبت أن فيه الرؤية أو تنفي عن النساء الرؤية في الموطنين اللذين أخبروا بالرؤية فيهما؛ لكن هذا سلب في حال مخصوص؛ لم يتعرض لما سواهما: لا بنفي ولا بإثبات؛ والمسلوب عنه لا يعارض العام.

وإن شئت أن تقول: القضية الموجبة المطلقة لا يناقضها إلا سلب كلي؛ وليس هذا سلبا كليا فلا يناقض ولا يجوز ترك موجب أحد الدليلين وإن شئت أن تقول: ليس في ذكر هذين الموطنين إلا عدم الإخبار بغيرهما وعدم الإخبار بثواب معين - من نظر أو غيره - لا يدل على عدمه كيف وهذا الثواب مما أخفاه الله؟ وإذا كان عدم الإخبار لا يدل على عدمه. والعموم اللفظي والمعنوي إما قاطع وإما ظاهر في دخول النساء لم يكن عدم الدليل مخصصا للدليل - سواء كان ظاهرا أو قاطعا - وكل هذا كما أنه معلوم بالعقل الضروري فهو مجمع عليه بين الأمة على ما هو مقرر عند العلماء في الأصول والفروع. وإنما ينشأ الغلط من حيث يسمع السامع ما جاء في الأحاديث في " الرؤية " عامة مطلقة ويرى أحاديث أخر أخبرت برؤية مقيدة خاصة فيتوهم أن لا وجود لتلك المطلقة العامة إلا في هذه المقيدة أو ينفي دلالة تلك العامة؛ لهذا الاحتمال كرجل قال: كنت أدخل أصحابي داري وأكرمهم. ثم قال في موطن آخر: أدخلت داري فلانا وفلانا من أصحابي في اليوم الفلاني فمن ظن أن سائر أصحابه لم يدخلهم - لأنه لم يذكرهم في هذا الموطن - فقد غلط وقيل له: من أين لك أنه ما أدخلهم في وقت آخر؟ فإذا قال: يمكن أنه أدخلهم ويمكن أنه ما أدخلهم فأنا أقف قيل له: فقد قال: كنت أدخل أصحابي داري وهذا يعم جميع أصحابه.

ونحن لا ننازع في أن " اللفظ العام " يحتمل الخصوص في الجملة مع عدم هذه القرينة فمع وجودها أوكد؛ لكن ننازع في " الظهور " فنقول: هذا الاحتمال المرجوح لا يمنع ظهور العموم كما تقدم فيكون العموم هو الظاهر - وإن كان ما سواه ممكنا - وأما سائر " الأجوبة " ففي تقرير أن " الرؤية " تقع في غير هذين الموطنين. الجواب الرابع أنا لو فرضنا أن " حديث المرتين كل يوم " يعارض ما قدمناه من النصوص الصحيحة العامة - لفظا ومعنى - لما كان الواجب دفع دلالة تلك الأحاديث بمثل هذا الحديث؛ لما تقدم " أولا " لما في إسناده من المقال؛ ولأنه يستلزم إخراج أكثر أفراد اللفظ العام بمثل هذا التخصيص وهذا إما ممتنع وإما بعيد ومستلزم تخصيص العلة بلا وجود مانع ولا فوات شرط وهذا ممتنع عند الجمهور؛ أو من غير ظهور مانع وهذا بعيد لا يصار إليه إلا بدليل قوي.

الجواب الخامس لو فرضنا أن لا رؤية إلا ما في هذين فمن أين لنا أن النساء لا يرين الله فيهما جميعا؟ وهب أنا سلمنا أنهن لا يرينه يوم الجمعة فمن أين أنهن لا يرينه كل يوم مرتين؟ وقول القائل: هذه أعلى وتلك أدنى فكيف يحرم الأدنى من يعطي الأعلى؟ فعنه أجوبة:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير