قال مقيده عفا الله عنه: قيد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - استغفاره لأصحابه الغائبين عنه وهو حي، بالمجيء إليه يفهم من قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لحرملة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: "من جاءنا كما جئتنا…". وأن المجيىء بعد موته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كما يزعم الخرافيون القبوريون وأشابههم من الروافض، يرده نص الحديث. فهل يَعقل هذا المتعسفون في تفسير قوله تعالى: {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤك…} الآية.
2. حديث عبد الله بن عمرو 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال: (انكسفت الشمس على عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فقام رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فلم يكد يركع، ثم ركع فلم يكد يرفع ثم رفع فلم يكد يسجد، ثم سجد فلم يكد يرفع ثم رفع فلم يكد يسجد، ثم سجد فلم يكد يرفع ثم رفع، وفعل في الركعة الأخرى مثل ذلك، ثم نفخ في آخر سجوده فقال: أف أف ثم قال: رب ألم تعدني أن لا تعذبهم وأنا فيهم، ألم تعدني أن لا تعذبهم وهم يستغفرون، ففرغ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من صلاته وقد أمحصت الشمس).
أخرجه بهذ اللفظ أبو داود (الصلاة ح 1194)، وصححه الألباني.
3. حديث فضالة بن عبيد 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: (العبد آمن من عذاب الله ما استغفر الله).
أخرجه أحمد (6/ 20) بسند ضعيف، فيه رشدين ابن سعد، وراو آخر مجهول، ويشهد له أحاديث الإستغفار، والحديث الذي بعده.
4. حديث أبي سعيد الخدري 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (إن الشيطان قال: وعزتك يا رب لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم، قال الرب: وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني). أخرجه أحمد (3/ 29).
5. حديث ابن عباس 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: (من أكثر من الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب).
أخرجه أبو داود (ح 1518)، وابن ماجة (ح 3819).
خامسا: فعل الصحابة رضي الله عنهم
الصحابة رضي الله عنهم بشر غير معصومين، فلم ينقل عن أحد منهم أنه جاء إلى قبره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لطلب المغفرة من الذنوب بعد موته، بل الذي فهموه خلافه، فقد جاؤا إليه حال حياته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لطلب المغرة، يثبت ذلك صحة النقول عنهم:
1. حديث ابن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - السابق المذكور في (رابعا).
قصة ماعز 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: فعن نعيم بن هزال 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال: "كان ماعز بن مالك يتيما في حجر أبي، فأصاب جارية من الحي، فقال له أبي: ائت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فأخبره بما صنعت لعله يستغفر لك وإنما يريد بذلك رجاء أن يكون له مخرجا فأتاه فقال: يا رسول الله إني زنيت فأقم علي كتاب الله فأعرض عنه فعاد، فقال: يا رسول الله إني زنيت فأقم علي كتاب الله، فأعرض عنه فعاد، فقال: يا رسول الله إني زنيت فأقم علي كتاب الله، حتى قالها أربع مرار، قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إنك قد قلتها أربع مرات، فَبِمَن؟ قال: بفلانة، فقال: هل ضاجعتها؟ قال: نعم. قال: هل باشرتها؟ قال: نعم. قال: هل جامعتها؟ قال: نعم. قال: فأمر به أن يرجم فأخرج به إلى الحرة، فلما رجم وجد مس الحجارة جزع فخرج يشتد، فلقيه عبد الله بن أنيس وقد عجز أصحابه فنزع له بوظيف بعير فرماه به فقتله، ثم أتى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فذكر ذلك له، فقال: هلا تركتموه لعله أن يتوب فيتوب الله عليه".
أخرجه الترمذي (المناقب ح 3712)، وأبو داود (الحدود ح 4419).
وفي رواية عند مسلم (الحدود ح 1695): أنه طلب من النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تطهيره مما اقترفه.
2. كما جاءت إليه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إمرأتان الغامدية والجهنية في قصة مماثلة بعد اقتراف معصية الزنا وطلب التطهير منه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. أخرجه مسلم (الحدود ح 1695، ح 1696).
¥