قلت: يلزمه إثباته من قول المشرع - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وفعل الصحابة رضي الله عنهم بالأسانيد الصحيحة، وهذا ما لاسبيل إليه ودونه خرط القتاد، بل الأدلة تثبت أن الآية تفيد الإتيان حال الحياة كما سبق بيانه.
ثم قال المعترض (ص 57): "وقد فهم المفسرون من الآية العموم، ولذلك تراهم يذكرون معها حكاية العتبي الذي جاء للقبر الشريف".
كلامه يفيد أن جميع المفسرين ذكروا قصة العتبي، وهذا تعالم من المعترض وكذب صراح، فكتب التفسير والحمد لله كثير منها مطبوع متداول بين أيدي العلماء والباحثين، وقد طالعت تفسير "الطبري والكشاف والرازي، والبحر المحيط وابن الجوزي والسيوطي، والسمرقندي والألوسي وأبي السعود والشوكاني والبيضاوي وسيد قطب"، فلم أقف على ذكرهم لهذه القصة المختلقة، والذين ذكروها حسب علمي فيما وقفت عليه من المطبوع من تفاسيرهم: القرطبي وابن كثير والنسفي والثعالبي".
ثم تناقض المعترض (ص 59) فأقر بعدم صحتها، واستدل بها لإثبات أمر شرعي فقال: "وهي حكاية غير صحيحة الإسناد، لكن محل ذكرها هو بيان أن العلماء ذكروها إستئناسا لبيان أن الآية تفيد العموم".
ثم قال المعترض (ص 59): "وحديث عرض الأعمال يؤيد الإستدلال بهذه الآية وهو قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (حياتي خير لكم ومماتي خير لكم، تحدثون ويحدث لكم وتعرض علي أعمالكم، فما وجدت خيرا حمدت الله، وما وجدت غير ذلك استغفرت لكم) ".
قلت: الإستدلا بالقصص الضعيف والمختلق والحديث الواهي والموضوع، استئناسا تعالم وقصور في فهم المعترض، يثبته استدلاله بحديث عرض الأعمال وإن كان فيه كلام، إلا أن منطوقه يفهم منه عدم المجيء إلى قبره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، لأن أي مسلم في أي مكان في الدنيا تعرض أعماله على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وليس هذا خاصا بمن جاء إلى القبر الشريف فافهم!!.
ثم تعالم المعترض مرة أخرى فقال (ص 59): "ومع عموم الآية الذي لا يرتاب فيه مرتاب، أغرب ابن عبدالهادي فقال: ولم يفهم أحد من السلف والخلف إلا المجيء إليه في حياته ليستعغر لهم".
قلت: من هم السلف الذين فهموا ما زعمه المعترض، هل هم الصحابة أو التابعون، أم من؟ وقد سبق وأن بينا كلام الإمام مالك في الزيارة، وهو من السلف.
يتبع إن شاء الله تعالى
ـ[ابن نائلة]ــــــــ[06 - 01 - 05, 04:39 ص]ـ
جزاك الله خيرا، ورفع الله قدرك
استمر أحسن الله إليك
ـ[عبدالغفار بن محمد]ــــــــ[06 - 01 - 05, 10:49 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي الكريم ابن نائلة، وأسأل الله التوفيق للجميع
الحلقة الثالثة
مواضيع الحلقة:
1. هل شد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الرحل لزيارة القبور.
2. القائلين بشد الرحل أدلتهم وفعلهم مشابه للرافضة
3. دراسة أحاديث ابن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - في الزيارة - الحديث الأول - وفيه الرد على المعترض
هل شد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الرحل لزيارة القبور
قد يعترض معترض بأن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شد الرحل لزيارة قبر أمه بالأبواء، وهي مكان على طريق الذاهب إلى مكة وجدة. كما روي عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قوله: "لو أعرف قبر يحيى بن زكريا لزرته". وهذا الإعتراض غير وارد، وسأتكلم على حديث زيارة قبر يحيى أولا، وأثني بالكلام على زيارته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لقبر أمه.
أولا: حديث زيارة قبر يحيى عليه السلام
أخرجه ابن كثير في جامع المسانيد، في مسند زُكرة بن عبدالله، من طريق بقية عن عمرو بن عتبة، عن أبيه عن زياد بن سمية، سمعت زكرة سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقول: (لو أعرف قبر يحيى بن زكريا لزرته).
انظر: جامع المسانيد (4/ 370 ح 2736). والفردوس بمأثور الخطاب (3/ 375 ح 5140)، والإستيعاب (2/ 564)، وأسدالغابة (2/ 319 ت 1756)، والإصابة (2/ 566).قال ابن عبدالبر في الإستيعاب (2/ 564): "ليس إسناده بالقوي".
¥